للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُعَارُ خُنْثَى امْتَنَعَ احْتِيَاطًا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فِيهِ وَفِي الْأَمَةِ الْفَسَادُ كَالْإِجَارَةِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي صُورَةِ الْأَمَةِ وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ نَفْيَ الْجَوَازِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ فِي الْفَاسِدَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدَّمْت فِي الرَّهْنِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إنَّ فَاسِدَ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، وَإِنْ زَعَمَ الْمُخَالَفَةَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ وَقَبِيحَةٍ يُؤْمَنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمُشْتَهَاةِ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ تَقْيِيدَ الْمَنْعِ بِمَنْ عُرِفَ بِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ إيجَارُ حَسْنَاءَ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْإِيصَاءُ لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ فَيَنْقُلُهَا لِمَنْ شَاءَ، وَالْمُعِيرُ لَا يُعِيرُ فَيَنْحَصِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ: أَيْ أَصَالَةً حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ إنَابَتِهِ.

(وَتُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (إعَارَةٌ) وَإِجَارَةُ (عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرِ) وَاسْتِعَارَتُهُ لِأَنَّ فِيهَا نَوْعُ امْتِهَانٍ لَهُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَيُكْرَهُ اسْتِعَارَةُ وَإِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَرْفِيهَهُ فَيُنْدَبُ، وَإِعَارَةُ أَصْلِ نَفْسِهِ لِفَرْعِهِ وَاسْتِعَارَةُ فَرْعٍ أَبَاهُ مِنْهُ لَيْسَتْ حَقِيقَةَ عَارِيَّةٍ لِمَا مَرَّ فِي السَّفِيهِ فَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظَرِ الطَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ مَفْرُوضٌ فِي حُكْمِ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَا تَعَدِّيَ فِيهَا فَتَخْرُجُ بِهَا الْمَنَافِعُ وَالِاسْتِئْجَارُ مِنْ غَاصِبٍ مَثَلًا، وَحِينَئِذٍ فَالْمَقْبُوضَةُ بِالْإِعَارَةِ الْفَاسِدَةِ إنْ تَلِفَتْ بِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَمْ تُضَمْنَ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِهِ ضُمِنَتْ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا مَنْفَعَتُهَا فَمَضْمُونَةٌ مُطْلَقًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ الْفَاسِدِ بِالصَّحِيحِ عَدَمُ الضَّمَانِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، عَلَى أَنَّ حَجّ قَالَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِلْمَنْفَعَةِ كَالْعَيْنِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا وَضَعَ يَدَهُ بِإِذْنٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ قَبَضَ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ ضَمِنَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ وَقَبِيحَةٍ) لَعَلَّ قِيَاسَ ذَلِكَ جَوَازُ إعَارَةِ الْقِنِّ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَغِيرًا وَلَا قَبِيحًا مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ قَبِيحَةٍ مَعَ الْأَمْنِ الْمَذْكُورِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ) قَيَّدَهُ حَجّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ لِخِدْمَةٍ ضَمِنَتْ خَلْوَةً أَوْ نَظَرًا مُحَرَّمًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ) هَذَا يُفِيدُ جَوَازَ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْإِعَارَةِ أَنَّهُ يَسْتَخْدِمُهُ فِيمَا يُرِيدُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ مُبَاشَرَةٌ لِخِدْمَتِهِ كَصَبِّ مَاءٍ عَلَى يَدَيْهِ وَتَقْدِيمِ نَعْلٍ لَهُ أَوْ كَغَيْرِ ذَلِكَ كَإِرْسَالِهِ فِي حَوَائِجِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطُ الْعَاقِدِ الرُّشْدُ إلَخْ أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ يَدِهِ عَنْهُ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ حُرْمَةَ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ بِأَنَّ الْإِذْلَالَ فِي الْإِجَارَةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْعَارِيَّةِ لِلُزُومِهَا، فَلَا يُمْكِنُ مِنْ بَقَاءِ يَدِهِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ وَتُجْعَلُ تَحْتَهَا فِي الْعَارِيَّةِ لِاحْتِمَالِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى هَذَا أَنَّ فِي مُجَرَّدِ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ تَعْظِيمًا لَهُ وَهُوَ حَرَامٌ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْإِعَارَةِ جَعْلُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَخِدْمَتُهُ لَهُ لِجَوَازِ أَنْ يُعِيرَهُ لِمُسْلِمٍ بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ يَسْتَنِيبُ مُسْلِمًا فِي اسْتِخْدَامِهِ فِيمَا تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ عَلَيْهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلْيُرَاجَعْ، وَفِي عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ مَا يُصَرِّحُ بِحُرْمَةِ خِدْمَتِهِ حَيْثُ قَالَ: وَعَلَّلَ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْدُمَهُ، وَقَوْلُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ: أَيْ لِلْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِعَارَةُ فَرْعٍ) لَا تَخْفَى مُغَايَرَةُ هَذَا لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَتُكْرَهُ اسْتِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ، إذْ صُورَةُ هَذِهِ أَنَّهُ اسْتَعَارَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ وَقَبِيحَةٍ إلَخْ) صَرِيحُ الْإِطْلَاقِ هُنَا، وَتَقْيِيدُ الْمَنْعِ فِيمَا مَرَّ فِي غَيْرِ الصَّغِيرَةِ، وَالْقَبِيحَةِ بِمَا إذَا تَضَمَّنَ نَظَرًا أَوْ خَلْوَةً مُحَرَّمَةً أَنَّهُ تَجُوزُ إعَارَةُ الْقَبِيحَةِ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ نَظَرًا أَوْ خَلْوَةً مُحَرَّمَةً، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّهُمَا وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ فِي التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ مِثْلُهُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ الشَّارِحِ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ فَلْيُرَاجَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>