للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَرَاهَةَ فِيهِمَا.

وَتَحْرُمُ إعَارَةُ خَيْلٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ وَنَحْوُ مُصْحَفٍ لِكَافِرٍ وَإِنْ صَحَّتْ وَفَارَقَتْ الْمُسْلِمَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ دَفْعُ الذُّلِّ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِهَا.

(وَالْأَصَحُّ) فِي نَاطِقٍ (اشْتِرَاطُ لَفْظِ) يُشْعِرُ بِالْإِذْنِ أَوْ بِطَلَبِهِ إذْ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ كِتَابَةٌ مَعَ نِيَّةٍ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ وَاللَّفْظُ الْمُشْعِرُ بِذَلِكَ (كَأَعَرْتُكَ) هَذَا أَوْ أَعَرْتُك مَنْفَعَتَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ لِلْعَيْنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ (أَوْ أَعِرْنِي) أَوْ خُذْهُ لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَوْ أَبَحْتُك مَنْفَعَتَهُ وَكَارْكَبْ وَأَرْكِبْنِي، وَلَوْ شَاعَ أَعِرْنِي فِي الْقَرْضِ كَمَا فِي الْحِجَازِ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ، قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَا أَثَرَ لِلْإِشَاعَةِ فِي الصَّرَاحَةِ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْأَبْضَاعِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صَرَاحَةُ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَنَحْوِهَا وَأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ لِلْعَارِيَّةِ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ ظَاهِرٌ.

(وَيَكْفِي لَفْظُ أَحَدِهِمَا مَعَ فِعْلِ الْآخَرِ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَالْوَدِيعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذْ ظَنُّ الرِّضَا حَاصِلٌ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ ضَمِنَا كَأَنْ فَرَشَ لَهُ ثَوْبًا لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ نَقْلَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ إبَاحَةً لَا عَارِيَّةً، وَلَا دَلِيلَ لِلْأَوَّلِ فِيمَا يَأْتِي فِيمَنْ أَرْكَبَ مُنْقَطِعًا دَابَّتَهُ بِلَا سُؤَالٍ لِإِمْكَانِ حَمْلِ نَفْيِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَصْلَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ أَصْلُهُ حُرًّا، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَعَارَ أَصْلَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِأَنْ كَانَ رَقِيقًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ عِبَارَتِهِ، لَكِنِّي نَبَّهْت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَفِيَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الطَّلَبَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ مُصْحَفٍ لِكَافِرٍ وَإِنْ صَحَّتْ) لَعَلَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ اسْتِعَارَةُ الْحَرْبِيِّ الْخَيْلَ أَوْ السِّلَاحَ لِمُقَاتَلَتِنَا وَالْكَافِرِ الْمُصْحَفَ لِقِرَاءَتِهِ فِيهِ مَعَ الْمَسِّ وَالْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمَهُ فِي اسْتِعَارَةِ الْأَمَةِ الْكَبِيرَةِ لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ مَعَ نَظَرٍ أَوْ خَلْوَةٍ أَوْ يُفَرَّقُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ قِتَالُهُ، وَلَنَا تَحْرُمُ إعَارَتُهُ لَهُ وَتَصِحُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ ظَنَّ ذَلِكَ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزِّيَادِيُّ: إنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عِصْيَانُهُ بِمَا ذُكِرَ حَرُمَتْ إعَارَتُهُ لَهُ وَلَمْ تَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّتْ وَلَا حُرْمَةَ، وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصِّحَّةِ. قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَآلَةِ لَهْوٍ وَفَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنْ يُقَاتِلَنَا بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَلَا تَصِحَّ إعَارَةٌ إلَخْ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ يُقَاتِلُنَا بِهِ.

(قَوْلُهُ: كَانَ صَرِيحًا) وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: تَتَمَيَّزُ الْعَارِيَّةُ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ عَنْهَا بِمَعْنَى الْقَرْضِ بِالْقَرَائِنِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ أَوْ يُقَيَّدُ حَمْلُهُ عَلَى الْفَرْضِ بِمَا اُشْتُهِرَ فِيهِ بِحَيْثُ هَجَرَ مَعَهُ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْعَارِيَّةِ إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ شَائِعٌ حَتَّى فِي غَيْرِ الدَّرَاهِمِ كَأَعِرْنِي دَابَّتَك مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَوَقُّفٌ) وَلَوْ قِيلَ: إنَّ نَحْوَ خُذْهُ أَوْ ارْتَفِقْ بِهِ كِنَايَةٌ لَمْ يَبْعُدْ وَلَا يَضُرُّ صَلَاحِيَّةُ خُذْهُ لِلْكِتَابَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَتْ الصِّيغَةُ لَا يَضُرُّ التَّأَخُّرُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُعِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ وَلَا مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ ذَلِكَ إبَاحَةً)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ لِلْعَيْنِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَعَرْتُكَهُ أَوْ عَيْنَهُ مَثَلًا فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَعَرْتُكَ مَنْفَعَتَهُ (قَوْلُهُ: كَانَ صَرِيحًا فِيهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِيمَا يُعَارُ كَالدَّابَّةِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مَعَ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْأَبْضَاعِ) أَيْ: فَلَا نُوقِعُ الطَّلَاقَ بِمَا اُشْتُهِرَ مُطْلَقًا بَلْ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْقَوْلُ بِحِلِّ الْبُضْعِ لِآخَرَ وَهُوَ خِلَافُ الِاحْتِيَاطِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأَخُّرِ هُنَا التَّرَاخِي، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ التَّأَخُّرِ: أَيْ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَأَخَّرَ الْفِعْلُ عَنْ الْقَوْلِ أَوْ عَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ نَفْيِ ذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ الْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>