للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْجِهَتَيْنِ.

أَمَّا مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ كَوْنُهَا بِيَدِ الْمُسْتَعِيرِ، وَخَرَجَ مِنْهُ جُلُوسُهُ عَلَى مَفْرُوشٍ لِلْعُمُومِ فَهُوَ إبَاحَةٌ حَتَّى عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَكَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي حَلْبِ دَابَّتِهِ وَاللَّبَنُ لِلْحَالِبِ فَهِيَ مُدَّةُ الْحَلْبِ عَارِيَّةٌ تَحْتَ يَدِهِ، وَكَأَنْ سَلَّمَهُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفٍ فَهُوَ عَارِيَّةٌ، وَكَأَنْ أَكَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ ظَرْفِهَا الْمُعْتَادِ أَكْلُهَا مِنْهُ وَقَبْلَ أَكْلِهَا هُوَ أَمَانَةٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُشْتَرَطُ اللَّفْظُ حَتَّى لَوْ رَآهُ حَافِيًا فَأَعْطَاهُ نَعْلًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَانَ عَارِيَّةً.

(وَلَوْ) (قَالَ أَعَرْتُكَهُ) أَيْ فَرَسِي مَثَلًا (لِتَعْلِفَهُ) أَوْ عَلَى أَنْ تَعْلِفَهُ (أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَك) (فَهُوَ إجَارَةٌ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ وُجُودُ الْعِوَضِ (فَاسِدَةٌ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَالْعِوَضُ مَعَ التَّعْلِيقِ فِي الثَّانِيَةِ (تُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) إذَا مَضَى بَعْدَ قَبْضِهِ زَمَنٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِتَلَفِهَا كَالْمُؤَجَّرَةِ، وَكَلَامُهُمْ هَذَا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ مُؤْنَةِ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُعِيرِ دُونَ الْمُسْتَعِيرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً، فَإِنْ أَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ إشْهَادِ بَيِّنَةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ فَقْدِهِ.

أَمَّا لَوْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ وَالْعِوَضَ كَأَعَرْتُكَ هَذِهِ شَهْرًا مِنْ الْآنَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ لِتُعِيرَنِي ثَوْبَكَ هَذَا شَهْرًا مِنْ الْآنِ فَقَبِلَ فَهُوَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهَا لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ دُونَ نَحْوِ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ فَيَضْمَنَاهَا وَهُوَ طَرِيقٌ. نَعَمْ يَبْرَأُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بِرَدِّهَا لِمَا أَخَذَهَا مِنْهُ إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ فَتَرَكَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَالْإِبَاحَةُ لَا تَقْتَضِي الضَّمَانَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ مِنْهُ) أَيْ عَقْدُ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ أَكْلِهَا هُوَ أَمَانَةٌ) وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَرَضًا اهـ حَجّ.

قَالَ سم: اسْتَشْكَلَ بِمَسْأَلَةِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ، وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ لَمَّا اُعْتِيدَ الْأَكْلَ مِنْ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ قُدِّرَ أَنَّ عِوَضَهَا مُقَابِلٌ لَهَا مَعَ مَنْفَعَةِ ظَرْفِهَا، بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَكَانَ عَارِيَّةً فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ: وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ هَدِيَّةَ تَطَوُّعٍ بِأَنْ كَانَ لَهَا عِوَضٌ، فَإِنْ اُعْتِيدَ الْأَكْلُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ بَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ: ثُمَّ قَالَ: وَحَيْثُ قُلْنَا بِضَمَانِهِ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا كَانَ أَمَانَةً، وَإِنْ كَانَ بِلَا عِوَضٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ اهـ.

وَهُوَ حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَشَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهَا.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّرْفَ أَمَانَةٌ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ مُطْلَقًا وَمَغْصُوبٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا، وَعَارِيَّةٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِوَضٌ وَإِلَّا فَمُؤَجَّرٌ إجَارَةً فَاسِدَةً اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مُرِيدَ الشِّرَاءِ يَدْفَعُ ظَرْفَهُ لِزَيَّاتٍ مَثَلًا فَيَتْلَفُ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ وَضْعِ الْمَبِيعِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَبِيعِ فِيهِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ الظَّرْفِ بَعْدَ أَكْلِ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ وَلَا لِحُكْمِ الدَّابَّةِ قَبْلَ حَلْبِ اللَّبَنِ وَلَا بَعْدَهُ، وَلَا لِحُكْمِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ بَعْدَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْهُ، وَصَرِيحُ مَا يَأْتِي مِنْ الضَّمَانِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الْمُسْتَعِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ) عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أُجْرَةَ الْمُرَكَّبِ الَّذِي يُعَدَّى فِيهَا أَوْ مَنْ يَسُوقُهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ دُونَ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْفَقَ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِهِ) أَيْ وَأَخْذِهِ دَرَاهِمَ وَإِنْ قُلْت: (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ عَيَّنَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ فَتَرَكَهَا الْمَالِكُ) أَيْ لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ إبْقَاءَهَا فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْهُ قَصْدُ التَّرْكِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْعِلْمِ بِعَوْدِهَا لِمَحِلِّهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم وَإِنْ قَصُرَتْ عِبَارَتُهُ عَنْهُ، وَنَصُّ مَا فِي الْحَوَاشِي الْمَذْكُورَةِ لَك أَنْ تَحْمِلَ مَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا وُجِدَ لَفْظٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا فِيمَا يَأْتِي بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لَفْظٌ مِنْ أَحَدِهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ إلَخْ) أَيْ: وَلَا دَلِيلَ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَرُدُّ الِاسْتِدْلَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>