للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَوْجَهُ فَسَادُهَا وَلَا يُعْتَبَرُ لِلضَّمَانِ التَّفْرِيطُ فَيَضْمَنُهَا (وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ) وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ ضَمَانِهَا آخِرَ الْبَابِ وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَمَعَهَا تَبَعٌ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِعُسْرِ حَبْسِهِ عَنْ أُمِّهِ، وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ مَالِكُهَا لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَهُوَ أَمَانَةٌ: قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَا تُضْمَنُ ثِيَابُ الرَّقِيقِ الْمُسْتَعَارِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِاسْتِعْمَالِهَا، بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُعِيرُ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ، وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَا بِنِتَاءِ يَدِهِ عَلَى يَدِ مَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ، وَلَا الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ نَظِيرَ مَا مَرَّ وَلَا صَيْدًا اسْتَعَارَهُ مِنْ مُحْرِمٍ، وَلَا مَا قَبَضَهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ، لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ وَلَا كِتَابًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا مَا صَالَحَ بِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ أَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَنْفَعَةً أَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ الْمَنْفَعَةَ، فَإِنَّهُ إذَا أَعَارَ مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ شَخْصًا وَتَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ.

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرَ (لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ) أَيْ يَتْلَفُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ يَنْسَحِقُ) أَيْ يَنْقُصُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (بِاسْتِعْمَالٍ) مَأْذُونٍ فِيهِ لِحُدُوثِهِ بِإِذْنِ الْمَالِك فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي وَالثَّانِي يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (يَضْمَنُ الْمُنْمَحِقَ) دُونَ الْمُنْسَحِقَ، إذْ مُقْتَضَى الْإِعَارَةِ الرَّدُّ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْأَوَّلِ، وَمَوْتُ الدَّابَّةِ كَالِانْمِحَاقِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فَسَادُهَا) أَيْ فَيَضْمَنُ الْأُجْرَةَ لِمِثْلِهَا وَيَأْثَمُ بِاسْتِعْمَالِهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا وَلَدُهَا) عِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ إنْ تَبِعَهَا وَالْمَالِكُ سَاكِتٌ وَجَبَ رَدُّهُ فَوْرًا وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ اهـ.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَشْبِيهُهُ بِالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ مَالِكُهَا لَهُ) أَيْ وَقَدْ عَلِمَ تَبَعِيَّتَهُ لِأُمِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ وَجَبَ رَدُّهُ فَوْرًا وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ مَالِكِهِ: أَيْ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ لِمَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا وَتَبِعَهُ وَلَدُهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهُ لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ الْمُعِيرُ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ نَفْسِهَا عَنْ سم وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ، وَعَلَى هَذَا فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدِهَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا ذَبْحَهَا وَتَفْرِقَةَ لَحْمِهَا أَشْبَهَتْ الْوَدِيعَةَ فَضُمِّنَتْ عَلَى الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ، بِخِلَافِ الْجِلْدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الِانْتِفَاعِ فَأَشْبَهَ الْمُبَاحَاتِ فَلَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَ فِكَاكِ الرَّهْنِ وَنَزَعَهُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ فَيَضْمَنُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ) أَيْ فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا مَا صَالَحَ بِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ فِيهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ كَانَتْ شَبِيهَةً بِالْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لِعَدَمِ الضَّمَانِ.

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ تَلَفِ الْعَيْنِ أَوْ نُقْصَانِهَا الْمُفَسَّرِ بِهِمَا الِانْمِحَاقُ وَالِانْسِحَاقُ (قَوْلُهُ: وَمَوْتُ الدَّابَّةِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) ظَاهِرُ ذِكْرِ هَذَا عَقِبَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِيمَا قَبْلَهُ لِلْمُعِيرِ وَهُوَ خِلَافُ السِّيَاقِ، فَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَلَا الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ) أَيْ: وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ السِّيَاقِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ مَا عَبَّرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَا صَالَحَ بِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَلَا مَا صُولِحَ عَلَى مَنْفَعَةٍ، أَوْ جُعِلَتْ مَنْفَعَتُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَوْ صَدَاقًا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ سَتَأْتِي

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ خَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ» (قَوْلُهُ: وَمَوْتُ الدَّابَّةِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَمَلَهَا حَمْلًا ثَقِيلًا بِالْإِذْنِ فَمَاتَتْ بِسَبَبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَفِيفًا لَا تَمُوتُ بِمِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ فَاتَّفَقَ مَوْتُهَا لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا مَاتَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ وَمَا إذَا مَاتَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>