للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَقَرُّحُ ظَهْرِهَا وَعَرَجُهَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَكَسْرُهُ سَيْفًا أَعَارَهُ لِيُقَاتِلَ بِهِ كَالِانْسِحَاقِ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ، وَمَرَّ جَوَازُ إعَارَةِ الْمَنْذُورِ لَكِنْ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ رَقِيقًا لِتَنْظِيفِ نَحْوِ سَطْحٍ فَسَقَطَ مِنْ سُلَّمِهِ وَمَاتَ ضَمِنَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ كَوْنُ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ بَلْ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ حَمَلَ مَتَاعَ غَيْرِهِ عَلَى دَابَّتِهِ بِسُؤَالِ الْغَيْرِ كَانَ مُسْتَعِيرًا لِكُلِّ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَعِيرِ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَتَاعِهِ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلُهُمَا نَقْلًا عَنْ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ: لَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا لِأَنَّ هَذَا مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ وَهُوَ مَفْقُودٌ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ لِحُصُولِهَا بِدُونِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا أَشَارَ لَهُ الْقَمُولِيُّ مِنْ ضَعْفِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حُصُولِ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوَّلًا صُدِّقَ الْمُسْتَعِيرُ بِيَمِينِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، خِلَافًا لِمَا عُزِيَ لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ تَصْدِيقِ الْمُعِيرِ وَمَا وَجَّهَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَارِيَّةِ الضَّمَانُ حَتَّى يَثْبُتَ مُسْقِطُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ مَحَلُّ ضَمَانِهَا أَصَالَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَدِ لَا لِلذِّمَّةِ، وَكَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ فِي تَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ وَهُوَ أَمْرٌ طَارِئٌ عَلَى الْأَصْلِ فَافْهَمْ.

(وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ) أَوْ مُوصًى لَهُ أَوْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ بِقَيْدَيْهِمَا السَّابِقَيْنِ أَوْ مُسْتَحَقِّ مَنْفَعَةٍ بِنَحْوِ صَدَاقٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ صُلْحٍ (لَا يَضْمَنُ) التَّالِفَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدٍ غَيْرِ ضَامِنَةٍ، هَذَا إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً، فَلَوْ كَانَتْ فَاسِدَةً ضَمِنَا مَعًا وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ، إذْ الْفَاسِدَةُ لَيْسَتْ حُكْمَ الصَّحِيحَةِ فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ لَا بِمَا اقْتَضَاهُ حُكْمُهُمَا، وَالثَّانِي يَضْمَنُ كَالْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْمَالِكِ.

(وَلَوْ) (تَلِفَتْ دَابَّتُهُ فِي يَدِ وَكِيلٍ) لَهُ (بَعَثَهُ فِي شُغْلِهِ أَوْ) تَلِفَتْ (فِي يَدِ مَنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِيُرَوِّضَهَا) أَيْ يُعَلِّمَهَا الْمَشْيَ الَّذِي يَسْتَرِيحُ بِهِ رَاكِبُهَا (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهَا لِغَرَضِ الْمَالِكِ، فَإِنْ تَعَدَّى كَمَا لَوْ رَكِبَهَا فِي غَيْرِ الرِّيَاضَةِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ قِنَّهُ لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةً فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهَا.

(وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (الِانْتِفَاعُ) بِالْمُعَارِ (بِحَسَبِ الْإِذْنِ) لِرِضَا الْمَالِكِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا لِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّكُوبِ فِي رُجُوعِهِ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ فِيهِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ إيَّاهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَزِيدُ عَلَى نَحْوِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ لَيْسَ لَنَا شَيْءٌ تُضْمَنُ فِيهِ الْعَيْنُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ تَلَفَهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْتَعِيرِ وَبَقَاءِ حُكْمِ الْعَارِيَّةِ أَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا بِالْفِعْلِ لَكِنْ اسْتَعْمَلَهَا الْمَالِكُ فِي شُغْلِ الْمُسْتَعِيرِ مُضَمَّنٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ الْغَيْرُ مُسْتَعِيرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ أَبِي حَامِدٍ) الْإسْفَرايِينِيّ (قَوْلُهُ: وَمَا وَجَّهَ بِهِ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ.

(قَوْلُهُ: بِقَيْدَيْهِمَا السَّابِقَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى مَا يَأْتِي تَحْرِيرُهُ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْقُوفِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ اسْتِيفَاءَهُ بِنَفْسِهِ لَكِنْ بِإِذْنِ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَحِقٍّ مَنْفَعَةً) هَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَا مَا صَالَحَ بِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ) أَيْ وَجَازَ لَهُ الذَّهَابُ وَالْعَوْدُ فِي أَيِّ طَرِيقٍ أَرَادَهُ إذَا تَعَدَّدَتْ الطُّرُقُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمُعِيرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِقَيْدَيْهِمَا السَّابِقَيْنِ) الْقَيْدُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَلَّا يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ اسْتِيفَاءَهُ بِنَفْسِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَأَمَّا قَيْدُ الْمُوصَى لَهُ فَلَعَلَّهُ أَنْ لَا تَكُونَ مِمَّنْ تَحْبَلُ إذَا كَانَتْ أَمَةً وَاسْتَعَارَهَا مَالِكُهَا. (قَوْلُهُ: ضَمِنَا مَعًا) أَيْ ضَمَانَ غَصْبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ) أَيْ: وَالْإِذْنُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ اسْتِعْمَالَهُ بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ: لَا بِمَا اقْتَضَاهُ حُكْمُهُمَا: أَيْ: وَجَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>