للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعًا عَلَى الْفِرَاشِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي كَوْنِهِ غَاصِبًا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى نِصْفِهَا أَوْ لَا، وَلَوْ رَفَعَ شَيْئًا بِرِجْلِهِ بِالْأَرْضِ لِيَنْظُرَ جِنْسَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ نَظِيرَهُ رَفْعُ سَجَّادَةٍ بِرِجْلِهِ لِيُصَلِّ مَكَانَهَا مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعٍ لَمْ يَنْفَصِلْ بِهِ الْمَرْفُوعُ عَنْ الْأَرْضِ عَلَى رِجْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، إذْ الْأَخْذُ بِالرِّجْلِ كَالْيَدِ فِي حُصُولِ الِاسْتِيلَاءِ؛ وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ أَوْ سَبُعٍ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ إمْكَانِ رَدِّهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ كَحَرْبِيٍّ وَقِنِّ الْمَالِكِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا لِلتَّلَفِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ. وَإِطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ كَجٍّ الضَّمَانَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ ضَمَانِ الْمُحْرِمِ صَيْدًا لِيُدَاوِيَهُ، إذْ هُوَ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى فَسُومِحَ فِيهِ؛ وَلَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا فَتَبِعَهُ وَلَدُهُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتْبَعَهُ أَوْ هَادِي الْغَنَمِ فَتَبِعَهُ الْغَنَمُ لَمْ يَضْمَنْ التَّابِعَ فِي الْأَصَحِّ لِانْتِفَاءِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ؛ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ لَا يَضْمَنُهُ إلَّا إنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ

(وَلَوْ) (دَخَلَ دَارِهِ) أَيْ دَارَ غَيْرِهِ (وَأَزْعَجَهُ عَنْهَا) أَيْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا فَغَاصِبٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً لِأَنَّ وُجُودَهُ مُغْنٍ عَنْ قَصْدِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ بِأَهْلِهِ عَلَى هَيْئَةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى أَمْ لَا، فَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَصْوِيرٌ لَا قَيْدٌ (أَوْ أَزْعَجَهُ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْهَا (وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ) أَيْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا وَهُوَ مُلَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ تَصْرِيحٌ بِاللَّازِمِ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهُ غَيْرُهُ (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَغَاصِبٌ) وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْمَنْقُولِ حِسِّيَّةٌ وَعَلَى الدَّارِ حُكْمِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ) وَهِيَ مَا لَوْ دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ وَهُوَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ رَفَعَ شَيْئًا بِرِجْلِهِ) أَيْ وَلَمْ يَنْفَصِلْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ) بَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ يَفِرُّ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ إنَّ شَخْصًا يَحُوزُهُ عَلَى نِيَّةِ عَوْدِهِ لِمَالِكِهِ فَيَتْلَفُ حِينَئِذٍ هَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِذَلِكَ، إذْ الْمَالِكُ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِ مَالِهِ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ نَوَى رَدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا نَقَلَهُ حَجّ عَنْ الْقَاضِي بِأَنَّ مَنْ ظَفِرَ بِآبِقٍ لِصَدِيقِهِ: أَيْ أَوْ خَلَّصَهُ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ فَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ فَهَرَبَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ وَرَفَعَهُ لِحَاكِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ، لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ كَجٍّ الضَّمَانَ، وَعَنْ الشَّيْخَيْنِ التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَتَاعًا مَثَلًا مَعَ سَارِقٍ أَوْ مُنْتَهِبٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْآخِذَ فَأَخَذَهُ مِنْهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ بِصُورَةِ شِرَاءٍ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ غَرِمَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مَالِكِهِ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ لَوْ بَقِيَ بِيَدِ السَّارِقِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ مَالِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِهِ (قَوْلُهُ: لِيُدَاوِيَهُ) أَيْ أَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ هَادِي الْغَنَمِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالنَّاعُوتِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ غَصَبَ وَلَدَ بَهِيمَةٍ فَتَبِعَتْهُ أُمُّهُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَخَلَّفُ عَنْهُ عَادَةً (قَوْلُهُ إلَّا إنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ) قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. قَالَ حَجّ: وَلَوْ سِيقَتْ أَوْ انْسَاقَتْ بَقَرَةٌ إلَى رَاعٍ لَمْ تَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ إلَّا إنْ سَاقَهَا مَعَ الْبَقَرِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ) أَيْ فِي أُمِّ النَّحْلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ أَخْذَ الرَّجُلِ وَمَنَعَهُ مِنْ الْعَوْدِ لَهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا حَتَّى يَكُونَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا، أَمَّا لَوْ قَصَدَ أَخْذَ الرَّجُلِ لِيُسَخِّرَهُ فِي عَمَلٍ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَقِيَ مَا إذَا جَلَسَ وَحْدَهُ أَوْ رَكِبَ بِحُضُورِ الْمَالِكِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعٍ لَمْ يَنْفَصِلْ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُمَا: أَيْ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَعْضِ عَلَى رَفْعِ إلَخْ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ قَالَهُ شَارِحٌ وَنَظِيرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَحَرْبِيٍّ) أَيْ أَوْ سَبُعٍ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُلَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ نَظَرٌ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>