للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ غَيْرِهَا فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَأَفْهَمَ اشْتِرَاطُ النَّقْلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ إنَّهُ لَوْ بَعَثَ عَبْدَ غَيْرِهِ فِي حَاجَةٍ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَعْجَمِيًّا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ ضَعِيفٌ فَقَدْ رُجِّحَ خِلَافُهُ فِي الْأَنْوَارِ. وَنُقِلَ عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ ضَمَانُهُ، وَصَرَّحَ كَثِيرٌ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ غَيْرِهِ وَخَوَّفَهُ بِسَبَبِ تُهْمَةٍ وَلَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ مَكَانِهِ إلَى آخَرَ أَوْ نَقَلَهُ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَكَذَا إنْ انْتَقَلَ هُوَ مِنْ مَحَلِّهِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ ضَرَبَ ظَالِمٌ قِنَّ غَيْرِهِ فَأَبَقَ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ بِاسْتِيلَاءٍ.

نَعَمْ إنْ لَمْ يَهْتَدِ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ، وَلَوْ زَلِقَ دَاخِلَ حَمَّامٍ مَثَلًا فَوَقَعَ عَلَى مَتَاعٍ لِغَيْرِهِ فَكَسَرَهُ ضَمِنَهُ، وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُهُ الزَّالِقَ إلَّا إنْ وَضَعَهُ بِالْمَمَرِّ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ الدَّاخِلُ، وَلَوْ دَفَعَ قِنَّهُ إلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ حِرْفَةً كَانَ أَمَانَةً وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَصَالِحِ تِلْكَ الْحِرْفَةِ بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَفْهَمَ أَيْضًا عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ حُضُورِ الْمَالِكِ وَغَيْبَتِهِ، لَكِنْ نَقَلَا عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ مَحَلَّ ضَمَانِ الْجَمِيعِ حَيْثُ كَانَ غَائِبًا، فَإِنْ حَضَرَ اشْتَرَطَ أَنْ يُزْعِجَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَإِلَّا بِأَنْ جَلَسَ أَوْ رَكِبَ مَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ سِوَى النِّصْفِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ ضَعِيفًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَقَارِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّمَا يَكُونُ قِيَاسُ ذَلِكَ إنْ اسْتَوْلَى عَلَى نِصْفِ الْبِسَاطِ بِجُلُوسِهِ، فَإِنْ اسْتَوْلَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ بِجُلُوسِهِ وَقُمَاشِهِ وَالْمَالِكُ عَلَى رُبُعِهِ ضَمِنَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ قِيَاسَ ذَلِكَ أَنَّ الضَّمَانَ نِصْفَانِ مُطْلَقًا لِكَوْنِ يَدِهِمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَدَمِ الضَّمَانِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِحُصُولِ الِاسْتِيلَاءِ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ ثَمَّ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ مَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى حُصُولِ الضَّمَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَافِيًا لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي رَفْعِ السَّجَّادَةِ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ طَرَفَ الْمَنْقُولِ بِيَدِهِ عَنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهُ وَلَا ضَامِنًا، وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: لَوْ دَخَلَ عَلَى حَدَّادٍ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ أَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ الْحَدَّادُ وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ اهـ.

أَقُولُ: وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ الدُّكَّانِ أَحْرَقَتْ شَيْئًا حَيْثُ أَوْقَدَ الْكُورَ عَلَى الْعَادَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَلَسَ بِالشَّارِعِ نَفْسِهِ أَوْ أَوْقَدَ لَا عَلَى الْعَادَةِ وَتَوَلَّدَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. وَفِي الْعُبَابِ أَيْضًا: فَرْعٌ: مَنْ ضَلَّ نَعْلَهُ فِي مَسْجِدٍ وَوَجَدَ غَيْرَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهَا وَإِنْ كَانَتْ لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ اهـ. وَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْعُهَا وَأَخْذُ قَدْرِ قِيمَةِ نَعْلِهِ مِنْ ثَمَنِهَا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لُقَطَةٌ. وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: مَنْ أَخَذَ إنْسَانًا ظَنَّهُ عَبْدًا حِسْبَةً فَقَالَ أَنَا حُرٌّ وَهُوَ عَبْدٌ فَتَرَكَهُ فَأَبَقَ ضَمِنَ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ (قَوْلُهُ: فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ إنْكَارَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ كَأَنْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ إلَخْ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِزِمَامِ دَابَّةٍ أَوْ بِرَأْسِهَا وَلَمْ يُسَيِّرْهَا لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَهْتَدِ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا، وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا تَرَتَّبَ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَى فِعْلِهِ كَانَ ضَامِنًا كَمَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ لِمَا يَأْتِي فِيهِ مِنْ التَّوْجِيهِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ الدَّاخِلُ) أَيْ وَوَجَدَ لَهُ مَحَلًّا سِوَى الْمَمَرِّ فَيَهْدِرُ الْمَتَاعَ دُونَ الزَّالِقِ بِهِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ وَوَجَدَ صَوَابَهُ وَإِنْ وَجَدَ لَهُ إلَخْ لِعُذْرِ الزَّالِقِ بِكَوْنِ الْمَتَاعِ بِمَحَلٍّ لَمْ يَرَهُ الدَّاخِلُ، وَقَوْلُهُ وَأَفْهَمَ: أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ جَلَسَ إلَخْ) قَسِيمُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً إلَخْ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ رَكِبَ أَوْ جَلَسَ لَا مَعَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) غَايَةٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غَيْرِ الْمَالِكِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا أَوْ ضَعِيفًا جِدًّا بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ لَهُ يَدٌ أَصْلًا مَعَ الْمَالِكِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الضَّعِيفَ بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ لَهُ يَدٌ مَعَ الْمَالِكِ إذَا دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ وَالْمَالِكُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ أَيْضًا) يَعْنِي: الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ ضَمَانِ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ جَلَسَ أَوْ رَكِبَ مَعَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>