للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِرِجْلِهِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ (عَلَى فِرَاشٍ) لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إبَاحَةِ الْجُلُوسِ مُطْلَقًا أَوْ لِنَاسٍ مَخْصُوصِينَ كَفَرْشِ مَسَاطِبِ التُّجَّارِ لِمَنْ لَهُ عِنْدَهُمْ حَاجَةٌ فَغَاصِبٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ إذْ غَايَةُ الِاسْتِيلَاءِ حَاصِلَةٌ بِذَلِكَ، وَهِيَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مُتَعَدِّيًا وَسَوَاءٌ أَقَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْكَافِي مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا وَلَا ضَامِنًا، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَ النَّقْلِ فِي كُلِّ مَنْقُولٍ سِوَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ مَنْقُولًا كَكِتَابٍ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكٍ لِيَنْظُرَهُ وَيَرُدَّهُ حَالًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ اسْتِيلَاءً عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا مَالِكِهِ بِأَخْذِهِ لِلنَّظَرِ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ فِيمَا يَأْتِي فِي الدُّخُولِ لِلتَّفَرُّجِ، لِأَنَّ الْأَخْذَ وَالرَّفْعَ اسْتِيلَاءٌ حَقِيقِيٌّ فَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إلَى قَصْدٍ، وَلَا كَذَلِكَ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ نَقْلِ الْمَنْقُولِ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فِي مَنْقُولٍ لَيْسَ بِيَدِهِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ كَوَدِيعَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ مَا لَمْ تَعُمَّ الْفَرَاوِيُّ وَنَحْوُهَا الْمَسْجِدَ بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَثُرَتْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا حُرْمَةَ لِتَعَدِّي الْوَاضِعِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى فِرَاشٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ ثُمَّ جَلَسَ آخَرُ عَلَيْهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَاصِبٌ، وَلَا يَزُولُ الْغَصْبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ لِلْمَالِكِ أَوْ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَوْ تَلِفَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ تَلِفَ فِي يَدِ الثَّانِي فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهِ أَيْضًا عَنْهُ فَعَلَى كُلٍّ الْقَرَارُ، لَكِنْ هَلْ لِلْكُلِّ أَوْ لِلنِّصْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الْأَوَّلُ؛ وَلَوْ نَقَلَ الدَّابَّةَ وَمَالِكُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا بِأَنْ أَخَذَ بِرَأْسِهَا وَسَيَّرَهَا مَعَ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْلَالِ مَالِكِهَا بِالرُّكُوبِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا أَوْ أُتْلِفَتْ حُكِمَ بِهَا لِلرَّاكِبِ وَاخْتُصَّ بِهِ الضَّمَانُ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَعَلَى كُلٍّ الْقَرَارُ أَنَّ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بَدَلَ الْمَغْصُوبِ. لَا يُقَالُ: بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالنِّصْفِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا عَيْنُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَالِكَ يُطَالِبُ كُلًّا بِالنِّصْفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ هَذَا. وَبَقِيَ فِي الْمَقَامِ احْتِمَالٌ آخَرُ. وَهُوَ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي وَحْدَهُ لِأَنَّ يَدَهُ أَزَالَتْ يَدَ الْأَوَّلِ الْحِسِّيَّةَ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدُ مَا يُزِيلُهَا فَهِيَ مُسْتَصْحَبَةٌ وَإِنْ انْتَقَلَ عَنْهُ هَذَا. وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَتُسَاوِيهِمَا فِي كَوْنِهَا تَلِفَتْ لَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقَالَ سم فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى: الظَّاهِرُ أَنَّ الْفِرَاشَ مِثَالٌ، وَعَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ مَنْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ عَلَى خَشَبَةٍ كَانَ غَاصِبًا لَهَا وَقَدْ يُفَرَّقُ اهـ، وَقَوْلُ سم فِي الْقَوْلَةِ الْأُولَى فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ غَاصِبًا إلَخْ، وَيُصَرِّحُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَارِيَّةِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا، وَقَوْلُهُ أَيْضًا فِي الْقَوْلَةِ الْأُخْرَى: وَقَدْ يُفَرَّقُ: أَيْ بِأَنَّ الْفِرَاشَ لَمَّا كَانَ مُعَدًّا لِلِانْتِفَاعِ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ كَانَ الْجُلُوسُ وَنَحْوُهُ انْتِفَاعًا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ مِنْهُ فَعُدَّ ذَلِكَ اسْتِيلَاءً، بِخِلَافِ الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا فَأُلْحِقَتْ بِبَاقِي الْمَقُولَاتِ وَيَدُلُّ لِلْفَرْقِ عُمُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَ النَّقْلِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا لَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ تَعَاقَبَ اثْنَانِ عَلَى دَابَّةٍ ثُمَّ تَلِفَتْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَقَصَدَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَنْقُولٍ) وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نَابِعًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: سِوَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ وَسِوَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ، وَالْأَمْرَانِ الْمَذْكُورَانِ هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً، وَقَوْلُهُ أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ نَقْلِ الْمَنْقُولِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَنَقْلُ الْمَنْقُولِ كَالْبَيْعِ. وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الْمَنْقُولِ الثَّقِيلِ وَإِنْ وَضَعَهُ مَكَانَهُ لَا يَكُونُ غَصْبًا، بِخِلَافِ الْخَفِيفِ الَّذِي يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ النَّقْلَ إلَى مَوْضِعٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ لَا يَكُونُ غَصْبًا، لَكِنْ مَرَّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْقَبْضِ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ لَا فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>