للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ شَمْسٍ مُطْلَقًا لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِمَا لِلْقَطْعِ وَمِثْلُهُمَا فِعْلُ غَيْرِ الْعَاقِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (مَطْرُوحٌ عَلَى الْأَرْضِ) مَثَلًا (فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ أَوْ مَنْصُوبٌ فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ) لِتَحْرِيكِهِ الْوِكَاءَ وَجَذْبِهِ أَوْ لِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ حَتَّى ابْتَلَّ أَسْفَلُهُ وَسَقَطَ (وَخَرَجَ مَا فِيهِ) بِذَلِكَ وَتَلِفَ (ضَمِنَ) لِتَسَبُّبِهِ فِي إتْلَافِهِ إذْ هُوَ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ مَالِكِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ تَدَارُكِهِ كَمَا لَوْ رَآهُ يَقْتُلُ قِنَّهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ، وَدَعْوَى أَنَّ السَّبَبَ يُسْقِطُ حُكْمَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَنْعِهِ بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ مَمْنُوعَةٌ.

(وَإِنْ) (سَقَطَ) الزِّقُّ بَعْدَ فَتْحِهِ لَهُ (بِعَارِضِ رِيحٍ) وَنَحْوُهَا كَزَلْزَلَةٍ أَوْ وُقُوعِ طَائِرٍ عَلَيْهِ (لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ هُبُوبِهَا، بِخِلَافِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَمْ يَبْعُدْ قَصْدُ الْفَاتِحِ لَهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الرِّيحَ لَوْ كَانَتْ هَابَّةً حَالَ الْفَتْحِ ضَمِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ وَمِنْ تَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ الْمُقَارَنِ وَالْعَارِضِ، فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ، وَلَوْ قَلَبَ الزِّقُّ غَيْرَ الْفَاتِحِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ ضَمِنَهُ لَا الْفَاتِحُ، وَلَوْ أَزَالَ وَرَقَ الْعِنَبِ فَفَسَدَتْ بِالشَّمْسِ عَنَاقِيدُهُ، أَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ أَوْ حَمَامَتَهُ فَهَلَكَ فَرْخُهُمَا ضَمِنَهُمَا لِفَقْدِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَفَارَقَ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَتْ وَلَوْ ظُلْمًا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْهَا بِأَنَّ التَّالِفَ هُنَا جُزْءٌ أَوْ كَالْجُزْءِ مِنْ الْمَذْبُوحِ، بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ مَعَ مَالِكِهَا وَبِأَنَّهُ هُنَا أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ وَلَوْ أَرَادَ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ فَمَنَعَهُ ظَالِمٌ مِنْ السَّقْيِ حَتَّى فَسَدَتْ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قِيَاسًا عَلَى حَبْسِ الْمَالِكِ عَنْ مَاشِيَتِهِ وَإِنْ صُحِّحَ فِي الْأَنْوَارِ الضَّمَانُ، وَلَوْ حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَيْنَ كَوْنِ الرِّيحِ هَابَّةً وَقْتَ الْفَتْحِ وَكَوْنِهَا عَارِضَةً. قَالَ سم فِي مَقَامِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الرِّيحَ الَّتِي تُؤَثِّرُ حَرَارَتُهَا مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ لَا يَخْلُو الْجَوُّ عَنْهَا وَإِنْ خَفِيَتْ لِخِفَّتِهَا، بِخِلَافِ الرِّيحِ الَّتِي تُؤَثِّرُ السُّقُوطَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ شَمْسٍ مُطْلَقًا) أَيْ مَوْجُودَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا) أَيْ الرِّيحِ وَالشَّمْسِ وَفِي التَّشْبِيهِ بِهِمَا نَظَرٌ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا فَإِنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ بِالرِّيحِ كَوْنُهَا هَابَّةً وَقْتَ الْفَتْحِ، بِخِلَافِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طُلُوعُهَا وَقْتَهُ، وَعَلَيْهِ فَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالرِّيحِ حُضُورُ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَقْتَ الْفَتْحِ، وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالشَّمْسِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِهِ فَتَأَمَّلْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُمَا إلَخْ التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْعَاقِلِ لَا يَقْطَعُ فِعْلَ الْمُبَاشِرِ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْإِيرَادِ مِنْ أَصْلِهِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُهُمَا لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ وَالشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّ السَّبَبَ إلَخْ) لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحِهِ الْمَوْثُوقَ بِبُرْئِهِ، كَأَنْ تَرَكَ رَبْطَ مَحَلِّ الْفَصْدِ حَتَّى هَلَكَ فَإِنَّ الْجَارِحَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ التَّرْكَ مَعَ الْقُدْرَةِ قَطَعَ فِعْلَ الْأَوَّلِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْجَانِيَ لَمَّا بَاشَرَ الْقَتْلَ الْمُحَصِّلَ لِلْإِتْلَافِ لَمْ يَنْظُرْ مَعَهُ إلَى حُضُورِ الْمَالِكِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ مَنْعِ الْجَانِي، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجُرْحِ فَإِنَّ فِعْلَ الْجَانِي انْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ جِنَايَتِهِ فَتَرَكَ الْمَجْرُوحُ الْعِلَاجَ بَعْدَ انْتِهَاءِ فِعْلِ الْأَوَّلِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ جِنَايَةٍ أُخْرَى.

(قَوْلُهُ: فَلَمْ يَبْعُدْ قَصْدُ الْفَاتِحِ لَهُ) وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ الَّتِي يُعْتَادُ فِيهَا الْغَيْمُ أَيَّامًا أَوْ عَدَمُ إذَابَتِهَا لِمِثْلِ هَذَا فَطَلَعَتْ وَإِذَابَتُهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَمُقْتَضَى نَظَرِهِمْ لِلتَّحَقُّقِ فِيهَا الْمُقْتَضِي لِلْقَصْدِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ الضَّمَانِ عِنْدَ اطِّرَادِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِأَرْضِهِ مَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَدَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ مُطْلَقًا مُقَارِنًا كَانَ أَوْ عَارِضًا لِتَعَدِّيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بِقُرَى الرِّيفِ مِنْ أَخْذِ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ وَإِيقَادِ النَّارِ عَلَيْهِ لِيَسْتَوِيَ وَيُؤْكَلَ فَيَضْمَنُ فِيهِ لِتَعَدِّيهِ لِعَدَمِ مِلْكِ مَنْفَعَةُ الْأَرْضُ الَّتِي أَوْقَدَ بِهَا النَّارَ وَإِنْ كَانَتْ فِي تَآجُرِهِ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ لَا يُبِيحُ إيقَادَ النَّارِ بِهَا. نَعَمْ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اُضْطُرَّ لِإِيقَادِ نَارٍ لِدَفْعِ الْبَرْدِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلِمَ الْمَالِكُ بِاعْتِيَادِ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهَا جَازَ وَلَا ضَمَانَ لِمَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْإِيقَادِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ الْقَالِبَ (قَوْلُهُ: فَهَلَكَ فَرْخُهُمَا) فِي إطْلَاقِ الْفَرْخِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُصَنِّفِ الَّذِي كَانَ جَوَابًا لِهَذَا الشَّرْطِ فَقَدْ صَارَ مُهْمَلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>