كَالْعَارِيَّةِ) وَالسَّوْمِ وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَكَذَا الْهِبَةُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الضَّمَانِ فَلَا تَغْرِيرَ مِنْ الْغَاصِبِ، وَفِي الْهِبَةِ أَخَذَ لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْهِبَةِ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي بِحَسَبِ تَصَرُّفِهِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ وَإِنْ كَانَ الْمُرَجِّحُ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا (وَإِنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ) بِغَيْرِ اتِّهَابٍ (كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ (فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) دُونَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ الْغَاصِبِ، فَلَوْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، وَإِنْ غَرِمَ هُوَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَيَدُ الِالْتِقَاطِ وَلَوْ لِلتَّمَلُّكِ قَبْلَهُ كَيَدِ الْأَمَانَةِ وَبَعْدَهُ كَيَدِ الضَّمَانِ
(وَمَتَى) (أَتْلَفَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ) شَيْئًا (مُسْتَقِلًّا بِهِ) أَيْ بِالْإِتْلَافِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ (فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ أَمْ ضَمَانٍ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ أَقْوَى مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِتْلَافِ بِأَنْ حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ فَإِنْ كَانَ لِغَرَضِهِ كَذَبْحِ شَاةٍ أَوْ قَطْعِ ثَوْبٍ أَمَرَهُ بِهِ فَفَعَلَهُ جَاهِلًا فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا لِغَرَضٍ فَعَلَى الْمُتْلِفِ، وَكَذَا إنْ كَانَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَمَا قَالَ (وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ فَكَذَا) الْقَرَارُ عَلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَإِلَيْهِ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ غَرَّ الْآكِلَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَدَّمَهُ لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ هُوَ مِلْكِي فَالْقَرَارُ عَلَى الْآكِلِ أَيْضًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ لَكِنْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ إنْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآكِلِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْمَالِكَ ظَلَمَهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَتَقْدِيمُهُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ جِنَايَةُ يَدٍ مِنْهُ يُبَاعُ فِيهَا لِتَعَلُّقِ مُوجِبِهَا بِرَقَبَتِهِ، فَلَوْ غَرِمَ الْغَاصِبُ رَجَعَ عَلَى قِيمَةِ الْآكِلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَهُ لِبَهِيمَةٍ فَأَكَلَتْهُ وَغَرِمَ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرِ فِي أَكْلِ الضَّيْفِ (لَوْ قَدَّمَهُ) الْغَاصِبُ (لِمَالِكِهِ) أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ لَهُ (فَأَكَلَهُ) جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ (بَرِئَ الْغَاصِبُ) لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَ مَالِهِ مُخْتَارًا، أَمَّا إذَا أَكَلَهُ عَالِمًا فَيَبْرَأُ قَطْعًا هَذَا كُلُّهُ إنْ قَدَّمَهُ لَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ. أَمَّا إذَا غَصَبَ حَبًّا وَلَحْمًا أَوْ عَسَلًا وَدَقِيقًا وَصَنَعَهُ هَرِيسَةً أَوْ حَلْوَاءَ مَثَلًا فَلَا يَبْرَأُ قَطْعًا، قَالَهُ الزُّبَيْرِيُّ لِأَنَّهُ لَمَّا صَيَّرَهُ كَالتَّالِفِ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِقِيمَتِهِ وَهِيَ لَا تَسْقُطُ بِبَذْلِ غَيْرِهَا بِدُونِ رِضَا مُسْتَحِقِّهَا وَهُوَ لَمْ يَرْضَ، وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ أَيْضًا بِإِعَارَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَاضِهِ لِلْمَالِكِ وَلَوْ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ لَهُ لِأَنَّهُ بَاشَرَ أَخْذَ مَالِهِ مُخْتَارًا لَا بِإِيدَاعِهِ وَرَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ مِنْهُ وَالْقِرَاضِ مَعَهُ فِيهِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ، إذْ التَّسْلِيطُ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا، وَشَمِلَ التَّزْوِيجُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الضَّامِنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْهِبَةُ) أَيْ فَالْيَدُ مَعَهَا يَدُ ضَمَانٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا يَدُ أَمَانَةٍ كَمَا يَأْتِي وَمَعَ ذَلِكَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَكَذَا الْهِبَةُ إلَخْ مُشَابِهًا لِلْيَدِ الضَّامِنَةِ لَا الْعَارِيَّةِ لَمْ يُتَوَجَّهْ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ فَأَتْلَفَهُ) أَيْ أَتْلَفَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ قَبْلَهُ) أَيْ التَّمَلُّكِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لِغَرَضِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَقَالَ لَهُ هِيَ مِلْكِي إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ) أَيْ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَيْ مَالِكِ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ جِنَايَةٌ مِنْهُ: أَيْ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ عَلَى قِيمَةِ الْآكِلِ: أَيْ وَهُوَ الرَّقِيقُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ وَلَيْسَ لِمَالِكِ الْعَلَفِ مُطَالَبَةُ صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ فَلَيْسَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي إتْلَافِ مَا أَكَلَتْهُ بَهِيمَتُهُ (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ الْحَقُّ لِقِيمَتِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ دَفْعِ بَدَلِهِ لِلْمَالِكِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ عَلِمَ أَنَّ أَصْلَهُ مَغْصُوبٌ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ إذْ التَّسْلِيطُ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ) قَدْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْهِبَةِ) أَيْ: فِي سَرْدِهَا مَعَ مَا الْيَدُ فِيهِ يَدُ ضَمَانٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّعْلِيلِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، بَلْ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ سِيَّمَا وَقَدْ فَصَّلَهَا بِكَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا الصَّنِيعِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ آنِفًا) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَدَّمَهُ لِآخَرَ) كَانَ الْأَوْلَى هُنَا الْإِضْمَارَ. (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُهُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ جِنَايَةٌ) صَوَابُهُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَإِذَا قَدَّمَهُ لِعَبْدٍ فَالْأَكْلُ جِنَايَةٌ يُبَاعُ فِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute