للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَدِهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَجَهْلُهُ إنَّمَا يُسْقِطُ الْإِثْمَ إذْ هُوَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لَا الضَّمَانِ لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فَيُطَالِبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. نَعَمْ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ لَا يَضْمَنَانِ بِوَضْعِ يَدِهِمَا لِلْمَصْلَحَةِ، وَاسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ مِنْ الْجَهْلِ مَا لَوْ غَصَبَ عَيْنًا وَدَفَعَهَا لِقِنِّ الْغَيْرِ لِيَرُدَّهَا لِمَالِكِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ، فَإِنْ جَهِلَ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَقَطْ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَغَرِمَ الْمَالِكُ أَيَّهمَا شَاءَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا لَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَةَ فَتَلِفَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ إيرَادُ هَذِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا، كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ (ثُمَّ إنْ عَلِمَ) الثَّانِي الْغَصْبَ (فَغَاصِبٌ مِنْ غَاصِبٍ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) وَيُطَالِبُ بِكُلِّ مَا يُطَالِبُ بِهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ حَدَّ الْغَصْبِ صَادِقٌ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ بِزِيَادَةِ قِيمَةٍ حَصَلَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ بَلْ الْمَطَالِبُ بِهَا هُوَ الْأَوَّلُ، وَيَبْرَأُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ كَالضَّامِنِ لِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ لِلثَّانِي وَلَا عَكْسَ، قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ الثَّانِي الْغَصْبَ (وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ لَهُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى إتْلَافِ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ، فَإِنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ، وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا غَصَبَ مِنْ آخَرَ فَرَسًا وَأَكْرَهَ آخَرَ عَلَى الذَّهَابِ بِهَا إلَى مَحَلَّةِ كَذَا فَتَلِفَتْ وَهُوَ عَدَمُ ضَمَانِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بَلْ هُوَ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا يَقَعُ فِي قُرَى الرِّيفِ مِنْ أَمْرِ الشَّادِّ مَثَلًا لِاتِّبَاعِهِ بِإِحْضَارِ بَهَائِمِ الْفَلَّاحِينَ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي زَرْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الظُّلْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَكْرَهَ تَابِعَهُ عَلَى إحْضَارِ بَهَائِمَ عَيَّنَهَا كَانَ كُلٌّ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الشَّادِّ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إكْرَاهٌ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إحْضَارِ بَعْضِ الدَّوَابِّ بِلَا تَعْيِينٍ لِلْمُحْضَرَةِ فَأَحْضَرَ لَهُ شَيْئًا مِنْهَا ضَمِنَهُ لِاخْتِيَارِهِ فِي الْأَوَّلِ، لِأَنَّ تَعْيِينَهُ لِلْبَعْضِ وَإِحْضَارَهُ لَهُ اخْتِيَارٌ مِنْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ) وَهَلْ مِثْلُهُمَا أَصْحَابُ الشَّوْكَةِ مِنْ مَشَايِخِ الْبُلْدَانِ وَالْعُرْبَانِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوَّتِهِ: تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْأَيْدِي أَيْدِي الْحُكَّامِ وَأَمْثَالِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ لِوَضْعِهَا عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ اهـ. وَهَلْ يَشْمَلُ مَا ذَكَرَ مِنْ مَشَايِخِ الْبُلْدَانِ إلَخْ حَيْثُ عَدَلَ عَنْ نُوَّابِهِمْ إلَى التَّعْبِيرِ بِأَمْثَالِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنَانِ) أَيْ وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَلَا يَبْدَأُ إلَّا بِالرَّدِّ لِلْمَالِكِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ هُمَا الطَّالِبَانِ لِلْأَخْذِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِمَا فَيَنْبَغِي بَرَاءَتُهُ بِذَلِكَ لِقِيَامِ الْحَاكِمِ مَقَامَ الْمَالِكِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ مِنْ الْغَاصِبِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي الرَّوْضِ: وَيُسْتَثْنَى الْحَاكِمُ وَنَائِبُهُ لِأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْ الْمَالِكِ اهـ أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِيَرُدَّهَا) أَيْ الْقِنَّةَ وَقَوْلُهُ فِي يَدِهِ أَيْ يَدِ الْقِنِّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِيمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَلَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا لَوْ جَهِلَ الْقِنَّ إلَخْ، وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْعَبْدَ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا لِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الْغَاصِبِ فِي الرَّدِّ فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْ الْعَبْدِ مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَرَارَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُهَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ عَيْنَهَا إذَا تَلِفَتْ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ إنْ وَطِئَهَا لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ هِيَ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ بِغَيْرِ تَزَوُّجٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسَ) أَيْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ كَالضَّامِنِ وَالثَّانِيَ كَالْأَصِيلِ وَهُوَ لَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَمَا صَنَعَهُ فِي مَزْجِ الْمَتْنِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ التَّزَوُّجِ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ مُشْكِلٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا. (قَوْلُهُ: بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَيَبْرَأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>