للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، فَإِنْ كَانَ كَإِغْلَاقِ بَابِهِ أَوْ خَوْفٍ لَوْ خَرَجَ وَلَوْ عَلَى مَالٍ وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ هُنَاكَ تَيَمَّمَ حَتْمًا لَا بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ فَيَحْرُمُ بِهِ كَتُرَابٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِهِ وَيَصِحُّ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ؛ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَهُ دُخُولُهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُسْلِمٌ أَوْ وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ إذْنِهِ فِيهِ وَدَعَتْ حَاجَةٌ إلَى دُخُولِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ جُنُبًا أَمْ لَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ.

قَالَ سم: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّحِيَّةِ أَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَاسْتُحِبَّتْ فِي الشَّائِعِ لِأَنَّ بَعْضَهُ مَسْجِدٌ، بَلْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَفِيهِ جِهَةُ مَسْجِدِيَّةٍ، وَتَرْكُ الصَّلَاةِ يُخِلُّ بِتَعْظِيمِهِ، وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَسْجِدٍ وَالشَّائِعُ بَعْضُهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ، فَالْمَاكِثُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ.

[فَائِدَةٌ] قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَيْسِيرِ الْوُقُوفِ عَلَى غَوَامِضِ أَحْكَامِ الْوُقُوفِ: ثُمَّ مَوْضِعُ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ: أَيْ وَقْفِ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا مِنْ أَصْلِهِ حَيْثُ أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ الْأَرْضِ أَجْزَاءً، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِيهِ نَقْلًا وَهُوَ عَجِيبٌ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي فَتَاوِيهِ الَّتِي جَمَعَهَا ابْنُ أَخِيهِ فَقَالَ: وَمِنْ الْغَرَائِبِ إذَا كَانَ لَهُ حِصَّةٌ فِي أَرْضٍ مُشَاعَةٍ وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا لَمْ يَصِحَّ اهـ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الضَّرُورَةِ وَالْعُذْرِ مَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُمْكِنُهُ الْغُسْلُ إلَّا فِي الْحَمَّامِ لِخَوْفِ بَرْدِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ إلَّا مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ يُنَاوِلُهَا لَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ، وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِمْ إذَا كَانَ الْمَاءُ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ لِأَخْذِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَمْكُثُ قَدْرَ الِاسْتِقَاءِ فَقَطْ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا أَمْكَنَهُ، ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: مَنْ احْتَاجَ لِلدُّخُولِ لِلْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ لِأَخْذِ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ مَثَلًا جَازَ الدُّخُولُ إنْ تَيَمَّمَ وَمَكَثَ قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِلَا تَيَمُّمٍ.

وَقَوْلُهُ: تَيَمَّمَ حَتْمًا إلَخْ: أَيْ فَلَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِي بَعْضَ أَعْضَائِهِ أَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِي جَمِيعَهَا لَكِنْ مَنَعَهُ نَحْوُ الْبَرْدِ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي جَمِيعِهَا وَلَمْ يَمْنَعْهُ فِي بَعْضِهَا، فَهَلْ يَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ اسْتِعْمَالُ الْمَقْدُورِ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ كَمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ وَوَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيه أَوْ مَاءً لَا يُمْكِنُهُ إلَّا اسْتِعْمَالُ بَعْضِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ فَتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

[فَائِدَةٌ] عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمْكُثَ بِالْمَسْجِدِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَوْ كَانَ الْغُسْلُ يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى مَالٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَدِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: لَا بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ إلَخْ) هَلْ الْمُشْتَرِي لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَأَجْزَائِهِ، أَوْ كَاَلَّذِي فَرَشَهُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَلَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَائِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَلَعَلَّ التَّحْرِيمَ أَقْرَبُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ احْتِرَامُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ أَجْزَائِهِ حَتَّى يُعْلَمَ مُسَوِّغٌ لِأَخْذِهِ حَاشِيَةَ إيضَاحٍ لحج. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّرَدُّدِ فِي الْمُشْتَرَى مِنْ غَلَّتِهِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ الدَّاخِلَ فِي وَقْفِيَّتِهِ لَا يُجْزِئُ فِي التَّيَمُّمِ، وَحَمَلَ التَّرَدُّدُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُجْزِئُ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْهَا، أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الدَّاخِلَ فِي وَقْفِيَّتِهِ يَحْرُمُ وَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْهُ، كَاَلَّذِي تَهُبُّ بِهِ الرِّيَاحُ فَلَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا وَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: مُسْلِمٌ) رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ حَيْثُ كَانَ بَالِغًا، وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ قُبُورُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُ فِي دُخُولِهَا مُطْلَقًا تَعْظِيمًا لَهَا اهـ فَتَاوَى الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَدَعَتْ حَاجَةٌ) أَيْ تَتَعَلَّقْ بِمَصْلَحَتِنَا كَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ تَيَسَّرَ غَيْرُهُ، أَوْ تَتَعَلَّقُ بِهِ لَكِنَّ حُصُولَهَا مِنْ جِهَتِنَا كَاسْتِفْتَائِهِ أَوْ دَعْوَاهُ عِنْدَ قَاضٍ، أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ لِأَجْلِهِ كَدُخُولِهِ لِأَكْلٍ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ تَفْرِيغِ نَفْسِهِ فِي سِقَايَتِهِ الَّتِي يَدْخُلُ إلَيْهَا مِنْهُ، أَمَّا الَّتِي لَا يَدْخُلُ إلَيْهَا مِنْهُ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ دُخُولِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَلَهُ دُخُولُهُ) بِمَعْنَى أَنَّا لَا نَمْنَعُهُ وَإِلَّا، فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>