للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ، أَمَّا الْكَافِرَةُ إذَا كَانَتْ حَائِضًا وَأَمِنَتْ التَّلْوِيثَ فَهَلْ تُمْنَعُ كَالْمُسْلِمَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ اللِّعَانِ؟ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي التَّرْجِيحِ، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْمَنْعِ عَلَى عَدَمِ حَاجَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ وَعَدَمِهِ عَلَى وُجُودِ حَاجَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ، وَمَحَلُّهَا أَيْضًا فِي الْبَالِغِ.

أَمَّا الصَّبِيُّ الْجُنُبُ فَيَجُوزُ لَهُ الْمُكْثُ فِيهِ كَالْقِرَاءَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي تَسْهِيلِ الْمَقَاصِدِ: وَمِنْ التَّرَدُّدِ فِيهِ أَنْ يَدْخُلَ لِيَأْخُذَ حَاجَةً مِنْ الْمَسْجِدِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ دُونَ وُقُوفٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ الْبَابِ الْآخَرِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ (لَا عُبُورُهُ) لِكَوْنِهِ أَخَفَّ وَلَا يُكَلَّفُ الْإِسْرَاعَ بَلْ يَمْشِي عَلَى عَادَتِهِ.

نَعَمْ هُوَ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ عِنْدَ أَمْنِهِمَا تَلْوِيثَهُ مَكْرُوهٌ وَإِلَّا فَحَرَامٌ كَمَا سَيَأْتِي.

وَلِلْجُنُبِ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا لِعُذْرٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، إذْ الْحُرْمَةُ إنَّمَا هِيَ لِقَصْدِ الْمَعْصِيَةِ لَا لِلْمُرُورِ، وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَمَرَّ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُكْثًا لِأَنَّ سَيْرَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِلَا إذْنِ مُسْلِمٍ.

نَعَمْ لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَنْجِيسُهُمْ مَاءَهَا أَوْ جُدْرَانَهَا مُنِعُوا وَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُمْ فِي الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ) قَالَ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلَ مَا ذُكِرَ عَنْ حَجّ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّمْكِينِ، أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ.

الْجُلُوسُ مَعَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ خِطَابَ عِقَابٍ.

أَقُولُ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا رَبْطُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَسِيرَ مِنْ الْكُفَّارِ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ حَرَامًا وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْآخِرَةِ فَقَطْ لَا يَفْعَلُهُ مَعَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يُقَالَ: فَعَلَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُقِرُّ الْكُفَّارَ عَلَى مَا لَا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهُ وَإِنْ كَانُوا يُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ تَصْرِيحُهُمْ بِحُرْمَةِ إطْعَامِنَا إيَّاهُمْ فِي رَمَضَانَ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) أَيْ الْمَنْعِ وَهُوَ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: حَاجَتُهَا) يَعْنِي أَنَّا لَا نَمْنَعُهَا الدُّخُولَ عِنْدَ حَاجَتِهَا.

وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الدُّخُولُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْعُبَابِ: وَالذِّمِّيَّةُ مَعَ الْحَيْضِ لَا الْجَنَابَةِ كَالْمُسْلِمَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ عَدَمِ الْمَنْعِ وَالْحُرْمَةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ عَلَى الْجُنُبِ الْكَافِرِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ التَّشْرِيعِ (قَوْلُهُ: فِي الْبَالِغِ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُ) .

[فَرْعٌ] نَقَلَ م ر عَنْ الْبَكْرِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ الْمُكْثُ وَالْقِرَاءَةُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَلَوْ كَانَ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا احْتَاجَ الْمُمَيِّزُ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ الْمُكْثَ لِلتَّعْلِيمِ لَكَانَ قَرِيبًا، وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ م ر وَقَالَ: رَاجَعْتُ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَفِي حَوَاشِيهِ عَلَى حَجّ الْجَوَابُ بِأَنَّ لَهُ فَتَاوَى أُخْرَى غَيْرُ مَشْهُورَةٍ فَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي الْمَشْهُورَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ هُوَ) أَيْ الْعُبُورُ، وَخَرَجَ بِهِ التَّرَدُّدُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ كَأَنْ تَعَيَّنَ الْمَسْجِدُ طَرِيقًا وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ لِلْحَائِضِ وَلَا يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِلْجُنُبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ هُوَ أَعْنِي الْمُرُورَ بِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى إذَا كَانَ لِغَرَضٍ مَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةً، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرَّوْضِ، وَشَرْحُهُ لَا إنْ كَانَ الْعُبُورُ لِغَرَضٍ كَقُرْبِ طَرِيقٍ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: إذْ الْحُرْمَةُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَمَّا الْكَافِرَةُ إذَا كَانَتْ حَائِضَةً إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ فِي الْكَافِرِ الْجُنُبِ مُعَلَّلًا بِمَا يُفِيدُ عَدَمَ الْحُرْمَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَدْخُلَ إلَخْ) أَيْ وَفَعَلَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>