فَوَاتِ حَقِّهِ، وَالْمِلْكُ لَا يَسْتَلْزِمُ حَلَّ الْوَطْءِ بِدَلِيلِ الْمُحَرَّمِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ، وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمَغْصُوبِ وَضَمَانُ جِنَايَتِهِ وَزَوَائِدِهِ وَإِنْ أَبَقَ وَسَلِمَتْ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ بَعْدَ النَّقْصِ أُجْرَةَ نَاقِصٍ. وَمَعْنَى كَوْنِهَا لِلْحَيْلُولَةِ وُقُوعُ التَّرَادِّ فِيهَا (فَإِذَا رَدَّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِعِتْقٍ مِنْهُ أَوْ مَوْتٍ فِي الْإِيلَادِ، وَكَالْإِعْتَاقِ إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِوَقْفٍ أَوْ وَنَحْوِهِ (رَدَّهَا) إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَإِلَّا رَدَّ بَدَلَهَا لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَعَ وُجُودِهَا رَدُّ بَدَلِهَا قَهْرًا وَلَوْ تَوَافَقَا عَلَى تَرْكِ التَّرَادِّ فِي مُقَابَلَتِهَا لَمْ يَكْفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ بِشَرْطِهِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِهَا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي فَاسِدًا حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ ثَمَنِهِ. وَمَا فَرَّقَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهَا أُخِذَتْ مِنْهُ قَهْرًا، رُدَّ بِأَنَّهُ قَهْرٌ بِحَقٍّ فَكَانَ كَالِاخْتِيَارِ. عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَوْرًا يَمْنَعُ الْحَبْسَ مُطْلَقًا، وَلَهُ الْحَبْسُ لِلْإِشْهَادِ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْإِقْرَارِ.
(فَإِنْ) (تَلِفَ) الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ (فِي الْبَلَدِ) أَوْ الْمَحَلِّ (الْمَنْقُولِ) أَوْ الْمُنْتَقِلِ (إلَيْهِ) أَوْ عَادَ وَتَلِفَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ (طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ) أَوْ الْمَحَلَّيْنِ (شَاءَ) لِتَوَجُّهِ رَدِّ الْعَيْنِ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْهُ ثُبُوتَ الطَّلَبِ لَهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا فِي طَرِيقِهِ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ (فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ غَرَّمَهُ أَكْثَرَ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً) لِذَلِكَ، وَيَأْتِي هُنَا مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْضًا، فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِأَقْصَى قِيَمِ الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ (وَلَوْ) (ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ) وَالْمَغْصُوبُ مِثْلِيٌّ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَالنَّقْدِ) الْيَسِيرِ وَكَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا (فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ) لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْهُ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً وَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَرْضِ) أَيْ لِأَنَّ صِحَّتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَمِ حَلِّ الْوَطْءِ فَحَيْثُ جَازَ التَّمَلُّكُ لِلْقِيمَةِ جَازَ أَخْذُ الْأَمَةِ وَإِنْ حَلَّ وَطْؤُهَا كَمَا يَحِلُّ شِرَاؤُهَا وَإِنْ امْتَنَعَ الْقَرْضُ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمَغْصُوبِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَضَمَانُ جِنَايَتِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبَقَ غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ وَسُلِّمَتْ الْقِيمَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: بِعِتْقٍ مِنْهُ) أَيْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتٍ فِي الْإِيلَادِ) أَيْ فَيَرُدُّ الْوَارِثُ إنْ كَانَتْ حَيَّةً عِنْدَ مَوْتِ الْمُورِثِ، فَلَوْ جَهِلَ حَيَاتَهَا فَهَلْ تُرَدُّ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ فِيهِ نَظَرٌ. وَأَمَّا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَتَسْتَقِرُّ الْقِيمَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم فَيَرُدُّ الْوَارِثُ: أَيْ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مُوَرِّثُهُ مِنْ الْغَاصِبِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الرَّدِّ لِتَحَقُّقِ ضَمَانِ الْغَاصِبِ بِاسْتِيلَائِهِ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِعَوْدِهِ لِيَدِ مَالِكِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْعَوْدِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: رَدَّهَا) قَالَ ع: لَوْ زَادَتْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَخَذَ عَنْ الْقِيمَةِ عَرْضًا اهـ.
وَقَوْلُهُ عَرْضًا: أَيْ كَالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ مَعَ وُجُودِهَا: أَيْ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى تَرْكِهِ أَيْ الْمَغْصُوبِ، وَقَوْلُهُ فِي مُقَابَلَتِهَا: أَيْ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ بِشَرْطِهِ) وَمِنْهُ قُدْرَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَبَقَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ لِتَنْزِيلِ ضَمَانِهِ مَنْزِلَةَ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ الْحَبْسَ مُطْلَقًا) أَيْ أَخَذَ بِحَقٍّ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ وُجِدَ بِزِيَادَةٍ: أَيْ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم أَوْ وُجِدَ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَامْتَنَعَ الْغَاصِبُ مِنْ بَذْلِهَا (قَوْلُهُ: قِيمَةً) أَيْ وَالْعِبْرَةُ فِي التَّقْوِيمِ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَيْ وَزِيَادَةُ قِيمَةٍ هُنَاكَ مَانِعٌ عَنْ الْمُطَالَبَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ) اُنْظُرْ لِمَا مَنَعَ الْخَوْفُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ لَا يَسْتَلْزِمُ حِلَّ الْوَطْءِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ) ظَاهِرُهُ فِي الْبَلَدَيْنِ، وَانْظُرْ لَوْ فُقِدَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ هَلْ يَتَعَيَّنُ الْمِثْلُ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ وَقِيمَةِ الْبَلَدِ الْآخَرِ؟ يُرَاجَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute