للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِالْمِثْلِ) وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ تَكْلِيفُهُ قَبُولَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُؤْنَةِ وَالضَّرَرِ. وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا.

وَالثَّالِثُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِثْلَ قِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ أَوْ أَقَلَّ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ وَزَعَمَ أَنَّ حَمْلَ الْإِطْلَاقِ عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ مُتَعَيِّنٌ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى وَهُوَ الضَّرَرُ (بَلْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَلَدَ الْغَصْبِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ قِيمَةِ الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْأَقْصَى مِنْ سَائِرِ الْبِقَاعِ الَّتِي حَلَّ الْمَغْصُوبُ بِهَا وَالْقِيمَةُ الْمَأْخُوذَةُ هُنَا لِلْفَيْصُولَةِ، فَإِذَا غَرِمَهَا ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ رَدُّهَا وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَلَا لِلْغَاصِبِ اسْتِرْدَادُهَا وَبَذْلُ الْمِثْلِ.

(وَأَمَّا) (الْمُتَقَوِّمُ) كَحَيَوَانٍ وَأَبْعَاضِهِ قِنًّا أَوْ غَيْرَهُ (فَيَضْمَنُهُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ) لِمُطَالَبَتِهِ فِي حَالَةِ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِالرَّدِّ إذْ هُوَ غَاصِبٌ، فَإِذَا لَمْ يَرُدَّ كَانَ ضَامِنًا لِلْبَدَلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ بَعْدَ رُخْصِهِ حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِأَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ مُتَوَقَّعٌ زِيَادَتُهَا، عَلَى أَنَّهُ لَا نَظَرَ مَعَ وُجُودِهَا لِلْقِيمَةِ أَصْلًا، وَتَجِبُ قِيمَتُهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ نَقْدُ مَحَلِّ الْقِيمَةِ وَهُوَ أَكْثَرُ الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا، وَقَدْ يُضْمَنُ الْمُتَقَوِّمُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ فِي يَدِهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِثْلَهُ الصُّورِيَّ مَعَ بَقَائِهِ جَازَ فَمَعَ تَلَفِهِ بِالْأَوْلَى.

(وَفِي الْإِتْلَافِ) لِمَضْمُونٍ بِلَا غَصْبٍ يَضْمَنُهُ (بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) إذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ مَعْدُومٌ لَا وُجُودَ لَهُ، وَضَمَانُ الزَّائِدِ فِي الْمَغْصُوبِ إنَّمَا كَانَ بِالْغَصْبِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا، هَذَا إنْ صَلُحَ الْمَحَلُّ وَإِلَّا كَمَفَازَةٍ فَقِيمَةُ أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ أَمَةً مُغَنِّيَةً أَوْ أَمْرَدَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِمَا بِسَبَبِ الْغِنَاءِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَمَا فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غِنَاءٍ يُخَافُ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُطَالَبَةَ مَعَ أَنَّ ضَرَرَهُ يَعُودُ عَلَى الْمَالِكِ وَقَدْ رَضِيَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: بَلْ يَعُودُ الضَّرَرُ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حُصُولُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْخَطَرِ كَانَ كَذِي الْمُؤْنَةِ إذْ الْخَطَرُ وَمُعَانَاتُهُ كَالْمُؤْنَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِالرَّدِّ إلَى مَحَلِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ عَلَى الْغَاصِبِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ ثَمَّ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا مَا مَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُسْلِمُ أُجْبِرَ عَلَى التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ تَكْلِيفُهُ قَبُولَهُ) أَيْ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ لِمَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ مُتَوَقَّعٌ زِيَادَتُهَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهَا وَإِنْ قُطِعَ بِعَدَمِهَا عَادَةً (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَضْمَنُ الْمُتَقَوِّمَ) غَرَضُهُ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْفَائِدَةِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي الْمَغْصُوبِ. نَعَمْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِمَا أَوَّلَ بِهِ قَوْلَ الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ يَدٌ عَادِيَةٌ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الضَّامِنَةُ، فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الضَّمَانَ لِلْمُتَقَوِّمِ بِقِيمَتِهِ مَغْصُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ بَعْدَ التَّمَكُّنِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ) أَيْ الْمَالِكُ.

(قَوْلُهُ: يَضْمَنُهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) دَخَلَ فِيهِ الْمُعَارُ وَالْمُسْتَامُ فَيَضْمَنَانِ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ كَلَامَ حَجّ شَامِلٌ لَهُ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَأَبْعَاضُهُ) مَحَلُّهُ فِي الرَّقِيقِ إنْ كَانَ أَقْصَى الْقِيَمِ أَكْثَرَ مِنْ مُقَدَّرِ الْعُضْوِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ تَشْتَغِلْ ذِمَّتُهُ بِبَدَلِهِ فَالْمَنْفِيُّ ضَمَانُ الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَضَمَانُ الْيَدِ مَوْجُودٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُوَضِّحُ هَذَا فِي الشَّرْحِ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ صَلَحَ الْمَحَلُّ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِهَذِهِ الْإِشَارَةِ مَرْجِعٌ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي مَحَلِّهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْغِنَاءُ مُحَرَّمًا فَيَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ، وَكَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ هُوَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، لَكِنْ صَدَرَ الْفَرْعُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِيمَا لَوْ تَعَلَّمَتْ الْأَمَةُ الْغِنَاءَ عِنْدَ الْغَاصِبِ ثُمَّ نَسِيَتْهُ. وَعِبَارَتُهُمَا فَرْعٌ: لَوْ تَعَلَّمَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ الْغِنَاءَ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا ثُمَّ نَسِيَتْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ. قَالَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّرٌ كَمَا فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غِنَاءٍ يَخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةَ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ أَتْلَفَ عَبْدًا مُغَنِّيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>