للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِتْنَةُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ كَرَاهَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ الْغِنَاءُ مُحَرَّمًا فَيَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ وَكَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ، وَيُفَارِقُ صِحَّةَ بَيْعِهَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهَا سَاذَجَةً أَلْفٌ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى نَفْسِهَا لَا عَلَى الْغِنَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِأَلْفٍ، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْعَيْنِ وَقَدْ رَدَّهَا، وَلَوْ أَتْلَفَ دِيكَ الْهِرَاشِ أَوْ كَبْشَ النِّطَاحِ ضَمِنَهُ غَيْرَ مُهَارِشٍ أَوْ نَاطِحٍ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ مَحَالُّ مُخْتَلِفَةُ الْقِيَمِ تَخَيُّرُ الْغَاصِبِ (فَإِنْ) (جَنَى) عَلَيْهِ بِتَعَدٍّ وَهُوَ بِيَدِ مَالِكِهِ أَوْ مَنْ يَخْلُفُهُ فِي الْيَدِ (وَتَلِفَ بِسِرَايَةٍ) مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ (فَالْوَاجِبُ الْأَقْصَى أَيْضًا) مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ إلَى التَّلَفِ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا وَجَبَ فِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ فَفِي الْإِتْلَافِ أَوْلَى.

(وَلَا تُضْمَنُ الْخَمْرُ) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً لِذِمِّيٍّ لِانْتِفَاءِ قِيمَتِهَا كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنُ وَالْمَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمُرَادُهُ بِالْخَمْرِ مَا يَشْمَلُ النَّبِيذَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيقُهُ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ مُجْتَهِدٍ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ؛ فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَالٌ وَظَاهِرٌ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّ الْحَاكِمَ الْمُقَلِّدَ لِمَنْ يَرَى إرَاقَتَهُ كَالْمُجْتَهِدِ فِي ذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ هُنَا لِكَوْنِ مَنْ هُوَ لَهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ أَوْ حُرْمَتَهُ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِنْكَارِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ مَا يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: الْحَشِيشَةُ مُسْكِرَةٌ، فَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ إلْحَاقُهَا بِالْخَمْرِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِيهِ مِنْ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ يَصِحُّ بَيْعُهَا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا فَوَّتَهَا عَلَى مُرِيدِ أَكْلِهَا وَانْحَصَرَ تَفْوِيتُهَا فِي إتْلَافِهَا، يُرَدُّ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِإِتْلَافِ الْمُسْكِرِ فَانْتَفَى الضَّمَانُ فِيهَا حِينَئِذٍ (وَلَا تُرَاقُ) هِيَ فَبَقِيَّةُ الْمُسْكِرَاتِ (أَوْلَى عَلَى ذِمِّيٍّ) وَمِثْلُهُ مُعَاهَدٌ وَمُؤَمَّنٌ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُمْ مُقِرُّونَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ (إلَّا أَنْ يُظْهِرَ شُرْبَهَا أَوْ بَيْعَهَا) أَوْ هِبَتَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ مِنْ مِثْلِهِ بِأَنْ يَطَّلِعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَتْلَفَهُ مَعَ وُجُودِ مِثْلِهِ ثُمَّ فُقِدَ فَيَضْمَنُ بِالْأَقْصَى إلَى تَلَفِ الْمِثْلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَكَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ بَيْنَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: سَاذِجَةً) أَيْ خَالِيَةً (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ هَذَا إنْ صَلَحَ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَخَيُّرُ الْغَاصِبِ) أَيْ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ. لَا يُقَالُ: فِيهِ إضْرَارٌ بِالْمَالِكِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ فُرِضَ أَنَّ مَحَلَّ الْإِتْلَافِ صَالِحٌ لِلتَّسْلِيمِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ أَقَلَّ كَانَتْ هِيَ الْوَاجِبَةَ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْتَرَمَةً لِذِمِّيٍّ) هَذَا قَدْ يُفْهَمُ أَنَّ الْخَمْرَ فِي يَدِ الذِّمِّيِّ قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هِيَ مُحْتَرَمَةٌ، وَإِنْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَلَا تُرَاقُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَظْهَرَ بَيْعَهَا فَتُرَاقُ لِلْإِظْهَارِ لَا لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنُ) وَالْمَاءُ إذَا تَنَجَّسَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيقُهُ) أَيْ النَّبِيذَ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُرِيقَهُ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ لَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ: يَعْنِي أَمْرَهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ خَوْفِ الْغُرْمِ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَمَا نَظَرَ بِهِ) مُرَادُهُ حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ يُنْتَفَعُ بِهَا وَيَجُوزُ أَكْلُهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ كَالدَّوَاءِ، فَإِتْلَافُهَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ عَلَى مُحْتَاجِهَا (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ) أَيْ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مُرِيدِ أَكْلِهَا) زَادَ حَجّ الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِمِّيٍّ) اُنْظُرْ إرَاقَةَ النَّبِيذِ عَلَى الْحَنَفِيِّ. وَقَدْ يَدُلُّ إطْلَاقُ قَوْلِهِ نَعَمْ لَا يَنْبَغِي إلَخْ وَقَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَخْ أَنَّهُ يُرَاقُ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُظْهِرَ شُرْبَهَا) وَمِنْ الْإِظْهَارِ مَا يَقَعُ فِي مِصْرِنَا كَثِيرًا مِنْ شَيْلِ الْعَتَّالِينَ لِظُرُوفِهَا وَالْمُرُورِ بِهَا فِي الشَّوَارِعِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَزِمَهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ، أَوْ أَمَةٌ مُغَنِّيَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا بِسَبَبِ الْغِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لِحُرْمَةِ اسْتِمَاعِهِ مِنْهَا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا قِيمَةَ لَهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ غِنَاءَ الْعَبْدِ لَوْ حَرُمَ لِكَوْنِهِ أَمْرَدَ حَسَنًا تُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ، أَوْ غَيْرَ أَمْرَدَ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْغِنَاءَ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ كَانَ مِثْلَهَا فِي ذَلِكَ اهـ. فَالشَّارِحُ أَخَذَ صَدْرَ الْفَرْعِ مِنْ كَلَامِ التُّحْفَةِ وَشَرَحَهُ بِكَلَامِ الرَّوْضِ فَلَمْ يَصِحَّ؛ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ كَمَا عَلِمْتَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ إلَخْ) مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَا قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ فَكَانَ اللَّائِقُ تَقْدِيمَهُ هُنَاكَ

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنُ وَالْمَاءُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: كَكُلِّ نَجَسٍ وَلَوْ دُهْنًا وَمَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>