عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ فَتُرَاقُ عَلَيْهِ، وَآلَةُ اللَّهْوِ وَالْخِنْزِيرُ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَبِأَنْ يَسْمَعَ الْآلَةَ مَنْ لَيْسَ فِي دَارِهِمْ: أَيْ مَحَلَّتِهِمْ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَإِنْ انْفَرَدُوا بِمَحَلَّةٍ مِنْ الْبَلَدِ، فَإِنْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخَالِطْهُمْ مُسْلِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ (وَتُرَدُّ عَلَيْهِ) عِنْدَ أَخْذِهَا وَلَمْ يُظْهِرْهَا (إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ) لِإِقْرَارِهِ عَلَيْهَا، وَمُؤْنَةُ رَدِّهَا عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ (وَكَذَا الْمُحْتَرَمَةُ) وَهِيَ الَّتِي عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَشَمِلَ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ قَصَدَ الْخَلِّيَّةَ أَوْ شَرِبَ عَصِيرَهَا أَوْ طَبَخَهُ دِبْسًا، أَوْ انْتَقَلَتْ لَهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ مِمَّنْ جَهِلَ قَصْدَهُ، أَوْ عَصَرَهَا مَنْ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ فِي الْعَصْرِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، أَوْ قَصَدَ الْخَمْرِيَّةَ ثُمَّ مَاتَ، أَوْ عَصَرَهَا كَافِرٌ لِلْخَمْرِ ثُمَّ أَسْلَمَ. وَالِاتِّخَاذُ يَكُونُ فِي الِابْتِدَاءِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطْرَأَ بَعْدَهُ قَصْدٌ يُفْسِدُهُ، فَلَوْ طَرَأَ قَصْدُ الْخَمْرِيَّةِ زَالَ الِاحْتِرَامُ وَعَكْسُهُ بِالْعَكْسِ. وَقَوْلُهُمْ عَلَى الْغَاصِبِ إرَاقَةُ الْخَمْرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ إرَاقَتُهَا وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّ وُجُوبَ إرَاقَتِهَا ظَاهِرٌ مُتَّجِهٌ، لِأَنَّ الْعَصِيرَ لَمَّا انْقَلَبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ، وَانْتَقَلَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَصِيرِ الَّذِي قَدْ صَارَ خَمْرًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْغَاصِبِ قَصْدٌ صَحِيحٌ (إذَا غُصِبَتْ مِنْ مُسْلِمٍ) يَجِبُ رَدُّهَا مَا دَامَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً إذْ لَهُ إمْسَاكُهَا لِتَصِيرَ خَلًّا، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ وَهِيَ مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَتُرَاقُ وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ خَمْرًا وَزَعَمَ أَنَّهَا خَمْرُ خَلٍّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ طَوَائِفَ، وَإِلَّا لَاتَّخَذَ الْفُسَّاقُ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى إفْشَاءِ الْخُمُورِ وَإِظْهَارِهَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ مَعْلُومَ الْوَرَعِ مَشْهُورَ التَّقْوَى قُبِلَ مِنْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ لَوْ شَهِدَتْ مَخَايِلُ أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهَا.
(وَالْأَصْنَامُ) وَالصُّلْبَانُ (وَآلَاتُ الْمَلَاهِي) كَطُنْبُورٍ وَمِثْلُهَا الْأَوَانِي الْمُحَرَّمَةُ (لَا يَجِبُ فِي إبْطَالِهَا شَيْءٌ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ وَالْمُحَرَّمُ لَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَالْخِنْزِيرُ مِثْلُهَا) أَيْ الْخَمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُظْهِرْهَا) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَصِيَّةٍ مِمَّنْ جَهِلَ قَصْدَهُ) سَيَأْتِي أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ إذَا عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ) وَعَلَيْهِ فَالْجَهْلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ، وَقَدْ يُقَالُ بِمِثْلِهِ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا يَدٌ حَقِيقَةً لَكِنْ حَصَلَ نَقْلُ الْيَدِ الصُّورِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَظْهَرَ خَمْرًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ إظْهَارٍ وَادَّعَى مَا ذَكَرَ لَا تُرَاقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إذَا جُهِلَ حَالُهَا لَا تُرَاقُ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ، وَقَوْلُهُ وَزَعَمَ: أَيْ قَالَ (قَوْلُهُ: قُبِلَ مِنْهُ) أَيْ أَوْ عُرِفَ مِنْهُ اتِّخَاذُ ذَلِكَ لِلْخَلِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَخَايِلُ) أَيْ عَلَامَاتٌ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَسْمَعَ الْآلَةَ) كَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ فَهُوَ تَصْوِيرٌ لِإِظْهَارِ آلَةِ اللَّهْوِ ثُمَّ رَأَيْتُ كَلَامَ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ يُعَيِّنُ مَا ذَكَرْتُهُ، وَفِي النُّسَخِ فِي بَعْضِ هَذِهِ السَّوَادَةِ اخْتِلَافٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي عَسِرَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ: وَهِيَ الَّتِي اُتُّخِذَتْ إلَخْ، وَيُنَاسِبُهَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَالِاتِّخَاذُ يَكُونُ فِي الِابْتِدَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ) أَيْ قَصْدًا مُعْتَبَرًا حَتَّى يَشْمَلَ عَصْرَ مَنْ لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ مِمَّنْ يَأْتِي، وَلَوْ قَالَ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ عَصْرُهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ لِيَشْمَلَ مَسْأَلَةَ الِانْتِقَالِ بِنَحْوِ الْهِبَةِ مِمَّا يَأْتِي لَكَانَ أَظْهَرَ، وَمَعَ ذَلِكَ تَخْرُجُ عَنْهُ الْمَسْأَلَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ جَهِلَ قَصْدَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْهِبَةِ؟ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ عَلَى الْغَاصِبِ إلَخْ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَصِيرَ لَمَّا انْقَلَبَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذْ صُورَتُهَا أَنَّهُ غَصَبَ خَمْرًا، وَلَعَلَّ كَلَامَ ابْنِ الْعِمَادِ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ مَا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ) أَيْ قَصْدًا مُعْتَبَرًا وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا يُوجِبُ احْتِرَامَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ وَهِيَ الَّتِي اُتُّخِذَتْ إلَخْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute