غَيْرِهِ أَوْ نَقَلَهُ لِشَارِعٍ وَخَشِيَ مِنْهُ ضَمَانًا أَوْ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ وَكَانَ يَزُولُ بِالرَّدِّ وَلَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ رَفْءُ ثَوْبٍ تَخَرَّقَ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ بِهِ كَمَا كَانَ، فَإِنْ تَيَسَّرَ نَقْلُهُ لِنَحْوِ مَوَاتٍ فِي طَرِيقِهِ وَلَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ أَوْ أَبْرَأَهُ فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَكَذَا فِي غَيْرِ طَرِيقِهِ وَمَسَافَتُهُ كَمَسَافَةِ أَرْضِ الْمَالِكِ أَوْ أَقَلُّ، وَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْ بَسْطِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَبْسُوطًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَرَضٌ لَهُ بِأَنْ نَقَلَهُ لِمَوَاتٍ وَلَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ رَدَّهُ (فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا بِإِذْنٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ كَلَّفَهُ النَّقْلَ
(وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ) (حَفْرُ الْبِئْرِ) الَّذِي تَعَدَّى الْغَاصِبُ بِهِ (وَطَمَّهَا) إذَا أَرَادَهُ، فَإِنْ أَمَرَهُ الْمَالِكُ بِالطَّمِّ وَجَبَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِيهِ اسْتَقَلَّ بِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْ الْغَرَضِ هُنَا ضَمَانُ التَّرَدِّي فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ غَيْرُهُ وَقَالَ لَهُ الْمَالِكُ رَضِيت بِاسْتِدَامَةِ الْبِئْرِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الطَّمُّ لِانْدِفَاعِ الضَّمَانِ عَنْهُ بِذَلِكَ، وَتُطَمُّ بِتُرَابِهَا إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الْقَوْلُ بِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمِثْلِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ الْمَمَالِكُ لَهُ فِي رَدِّهِ، وَلَهُ نَقْلُ مَا طَوَى بِهِ الْبِئْرَ وَيُجْبِرُهُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ وَإِنْ سَمَحَ لَهُ بِهِ (وَإِذَا) (أَعَادَ) الْغَاصِبُ (الْأَرْضَ كَمَا كَانَتْ) (وَلَمْ يَبْقَ نَقْصٌ فَلَا أَرْشَ) لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهِ (لَكِنْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ الْإِعَادَةِ) وَالْحُفَرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هَذَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ أَمَّا إذَا تَيَسَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ رَفْءُ ثَوْبٍ) بِالْهَمْزِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ) أَيْ وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ مَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ لِلْأَرْضِ بِعَدَمِ بَسْطِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ بِلَا إذْنٍ، وَقَوْلُهُ كَلَّفَهُ: أَيْ الْمَالِكُ النَّقْلَ (قَوْلُهُ لِانْدِفَاعِ الضَّمَانِ عَنْهُ بِذَلِكَ) أَيْ وَتَصِيرُ الْبِئْرُ بِرِضَا الْمَالِكِ كَمَا لَوْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ ابْتِدَاءً فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا بَعْد رِضَا الْمَالِكِ بِبَقَائِهَا، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ قَصَدَ الْخَمْرِيَّةَ لِمَا عَصَرَهُ لَا بِقَصْدِهَا حَيْثُ يَزُولُ بِهِ الِاحْتِرَامُ، أَوْ قَصَدَ الْخَلِيَّةَ لِمَا عَصَرَهُ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُحْتَرَمًا كَمَا تَقَدَّمَ. وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَطُمَّهَا ثُمَّ حَصَلَ بِهَا تَلَفٌ فَطَلَبَ مِنْ الْغَاصِبِ بَدَلَ التَّالِفِ فَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِاسْتِدَامَةِ الْبِئْرِ فَأَنْكَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الضَّمَانِ وَعَدَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِبَقَائِهَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طُولِ زَمَنِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِيهَا بَعْدَ زَوَالِ الْغَصْبِ وَعَدَمِهِ.
(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ لِغَرَضِ دَفْعِ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُهْدَةِ الْمَالِكِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبَكْرِيَّ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلنَّاقِلِ الرَّدُّ إلَى إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ مَا نَصُّهُ: وَاسْتَشْكَلَ رَدُّ بَدَلِ التَّالِفِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ بِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ غَرَضَ الْبَرَاءَةِ سُومِحَ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ. وَقَوْلُهُ نَقَلَ مَا طَوَى بِهِ: أَيْ بَنَى بِهِ، وَقَوْلُهُ وَيُجْبِرُهُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى نَقْلِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَمَحَ) أَيْ الْغَاصِبُ، وَقَوْلُهُ بِهِ: أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: أَوْ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ إذَا كَانَ فِي طَرِيقِهِ مَثَلًا مَوَاتٌ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ سم أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ تَيَسَّرَ نَقْلُهُ لِنَحْوِ مَوَاتٍ فِي طَرِيقِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْ بَسْطِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي بَسْطِهِ كَدَفْعِ ضَمَانِ التَّعَثُّرِ أَوْ النَّقْصِ، لَكِنْ فِي الْأَذْرَعِيِّ خِلَافُهُ فِي الْأُولَى، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّرْحِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ أَنَّ لَهُ الْبَسْطَ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ لِدَفْعِ أَرْشِ النَّقْصِ إنْ لَمْ يُبْرِئْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ نَقَلَهُ) الْأَوْلَى كَأَنْ نَقَلَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الْقَوْلَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاسْتَشْكَلَ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْمِثْلَ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ فَلْيُحْمَلْ عَلَى مَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي رَدِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute