مُدَّتَهُمَا تَعَدِّيًا وَإِنْ كَانَ آتِيًا بِوَاجِبٍ (وَإِنْ بَقِيَ نَقْصٌ) فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الْإِعَادَةِ (وَجَبَ أَرْشُهُ مَعَهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ لِاخْتِلَافِ سَبَبَيْهِمَا.
(وَلَوْ) غَصَبَ زَيْتًا وَنَحْوَهُ) مِنْ الْأَدْهَانِ (وَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ) بِأَنْ كَانَ صَاعًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَصَارَ نِصْفَ صَاعٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ (رَدَّهُ) لِبَقَاءِ الْعَيْنِ (وَلَزِمَهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا مُقَدَّرًا وَهُوَ الْمِثْلُ فَأَوْجَبْنَاهُ وَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ بِالْإِغْلَاءِ؛ كَمَا لَوْ خُصِيَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَإِنْ زَادَتْ أَضْعَافَهَا، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ جَبْرُ النُّقْصَانِ، إذْ مَا فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ حَصَلَ مِنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ فَيَنْجَبِرُ النُّقْصَانُ بِالزِّيَادَةِ (وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَيْنِ (لَزِمَهُ الْأَرْشُ) جَبْرًا لَهُ (إنْ نَقَصَتَا) أَيْ الْعَيْنُ وَالْقِيمَةُ جَمِيعًا (غَرِمَ الذَّاهِبَ وَرَدَّ الْبَاقِيَ) مُطْلَقًا وَ (مَعَ أَرْشِهِ إنْ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ) مِنْ نَقْصِ الْعَيْنِ كَرَطْلَيْنِ قِيمَتُهُمَا دِرْهَمَانِ صَارَا بِالْإِغْلَاءِ رَطْلًا قِيمَتُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَيَرُدُّ الْبَاقِي وَيَرُدُّ مَعَهُ رَطْلًا وَنِصْفَ دِرْهَمٍ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْبَاقِي نَقْصٌ كَمَا لَوْ صَارَا رَطْلًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ أَوْ أَكْثَرُ فَيَغْرَمُ الذَّاهِبَ فَقَطْ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ، وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا وَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَغْرَمْ مِثْلَ الذَّاهِبِ لِأَنَّهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَالذَّاهِبُ مِنْ الدُّهْنِ دُهْنٌ مُتَقَوِّمٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الرُّطَبُ يَصِيرُ تَمْرًا، وَأَجْرَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي اللَّبَنِ إذَا صَارَ جُبْنًا وَنَقَصَ كَذَلِكَ، وَنَظَرَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْجُبْنَ لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ نَقْصِهِ مِنْ عَيْنِ اللَّبَنِ اهـ. نَعَمْ تُعْرَفُ النِّسْبَةُ بِوَزْنِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذُكِرَ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ عَيْنُهُ وَقِيمَتُهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمِنَّةِ (قَوْلُهُ: مُدَّتَهُمَا) أَيْ الْإِعَادَةِ وَالْحَفْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ آتِيًا بِوَاجِبٍ) أَيْ فِي الْأَوَّلِ اِ هـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَا جَنَى عَلَيْهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْخَصْيِ أَضْعَافَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَرَدَّ الْبَاقِيَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ نَقْصِ الْعَيْنِ أَوْ لَا.
[فَرْعٌ] غَصَبَ وَثِيقَةً كَالْحِجَجِ وَالتَّذَاكِرِ لَزِمَهُ إذَا تَلِفَتْ قِيمَةُ الْوَرَقِ وَأُجْرَةُ الْكِتَابَةِ أَوْ ثَوْبًا مُطَرَّزًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ مُطَرَّزًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَعِيبُ الْوَرَقَ وَتُنْقِصُ قِيمَتَهُ، فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ قِيمَةُ الْوَثِيقَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ لَأَجْحَفْنَا بِالْمَالِكِ، وَلَا كَذَلِكَ الطِّرَازُ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ تَكْثُرُ هَذِهِ الْمَائِيَّةُ حَتَّى تَتَقَوَّمَ قَطْعًا كَمَا لَوْ غَصَبَ أَلْفَ صَاعٍ مِنْ الْعَصِيرِ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَغْلَاهُ فَصَارَ مِائَةَ صَاعٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالذَّاهِبُ تِسْعُمِائَةِ صَاعٍ، وَلَا شُبْهَةَ أَنَّ لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهُ مَائِعٌ طَاهِرٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي أَغْرَاضٍ لَا تُحْصَى فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ فِي مِثْلِ هَذَا ضَمَانَ نَقْصِ الْعَيْنِ، لَكِنْ عَلَى هَذَا فِي ضَمَانِ النَّقْصِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُ بِعَصِيرٍ خَالِصٍ فَلَيْسَ مِثْلَهُ لِأَنَّ الذَّاهِبَ هُنَا مُجَرَّدُ مَائِيَّةٍ، بِخِلَافِ الْعَصِيرِ الْخَالِصِ وَإِنْ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ فَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ هَذَا مُتَقَوِّمًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ وُجُوبُ رَدِّ الْقِيمَةِ بِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَ مِثْلِيًّا وَتَلِفَ ثُمَّ فُقِدَ الْمِثْلُ حَيْثُ وَجَبَ فِيهِ رَدُّ الْقِيمَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ رَدَّ الْقِيمَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُتَقَوِّمِ، أَوْ يُقَالُ إنَّ مَا انْفَصَلَ مِنْ النَّارِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الْمُتَقَوِّمِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الْإِشْكَالِ. وَالْجَوَابُ يُقَالُ فِي اللَّبَنِ إذَا صَيَّرَهُ جُبْنًا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا (قَوْلُهُ: وَأَجْرَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ أَجْرَى قَوْلَهُ لَمْ يَغْرَمْ مِثْلَ الذَّاهِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَقَصَ كَذَلِكَ) أَيْ الْعَيْنُ دُونَ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْعَصِيرِ وَالرُّطَبِ وَالْجُبْنِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَصِيرِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ) أَيْ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ الْعَصِيرِ وَالرُّطَبِ وَالْجُبْنِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ أَجْزَاءً مُتَقَوِّمَةً، فَإِنْ كَانَ مَائِيَّةً فَلَا هَذَا، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ عَوْدُهُ لِلْجُبْنِ فَقَطْ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ: الْعَصِيرِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الذَّهَابِ وَعَدَمِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute