للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَثْلَاثًا، ثُلُثَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَثُلُثُهُ لِلْغَاصِبِ.

أَمَّا إذَا زَادَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِارْتِفَاعِهِ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قِيمَتِهِمَا كَأَنْ سَاوَى اثْنَيْ عَشَرَ؛ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ انْخِفَاضِ سِعْرِ الثِّيَابِ فَهُوَ عَلَى الثَّوْبِ، أَوْ سِعْرِ الصِّبْغِ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَعَلَى الصِّبْغِ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ، وَبِهَذَا أَعْنِي اخْتِصَاصَ الزِّيَادَةِ عَنْ ارْتِفَاعِ سِعْرِ مِلْكِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى اشْتِرَاكِهِمَا كَوْنَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ بَلْ هَذَا بِثَوْبِهِ، وَهَذَا بِصِبْغِهِ، وَلَوْ بَذَلَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَمْ لَا، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الِانْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ، إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ كَبَيْعِ دَارٍ لَا مَمَرَّ لَهَا.

نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ بَيْعُ صِبْغِهِ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ صِبْغِهِ لَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ بَيْعُهُ مَعَهُ لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى مَصْبَغَةِ آخَرَ فَانْصَبَغَ فِيهَا اشْتَرَكَا فِي الْمَصْبُوغِ مِثْلَ مَا مَرَّ وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَلَا الْفَصْلَ وَلَا الْأَرْشَ وَإِنْ حَصَلَ نَقْصٌ إذْ لَا تَعَدِّيَ

(وَلَوْ) (خَلَطَ الْمَغْصُوبَ) أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ (بِغَيْرِهِ) كَبُرٍّ أَبْيَضَ بِأَسْمَرَ أَوْ بِشَعِيرٍ وَكَغَزْلِ سُدًى نَسَجَهُ بِلَحْمَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ خَلْطَهُ أَوْ اخْتِلَاطَهُ بِاخْتِصَاصٍ كَتُرَابٍ بِزِبْلٍ (وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (لَزِمَهُ وَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ لِيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) التَّمْيِيزُ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ أَوْ شَيْرَجٍ وَبُرٍّ أَبْيَضَ بِمِثْلِهِ، وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِاشْتِرَاكِهِمَا، وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مُتَمَيِّزٍ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مُنْتَقَضٌ بِالْحُبُوبِ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ) بَدَلَهُ سَوَاءٌ أَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِأَجْوَدَ أَمْ بِأَرْدَأَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ أَبَدًا أَشْبَهَ التَّالِفَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي دَنٍّ قِيمَةُ صَبْغِهِ عَشَرَةٌ هَلْ يَضِيعُ ذَلِكَ عَلَى الصَّبَّاغِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِعُذْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَأَمَّا لَوْ غَلَطَ الصَّبَّاغُ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصِّبْغِ تَمْوِيهًا، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بِهِ عَيْنٌ وَزَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ فَهُوَ شَرِيكٌ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ) قَسِيمُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً قَبِلَهُ وَسَاوَاهُ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الصِّبْغَ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ) أَيْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْإِجَابَةِ، فَلَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ) وَبِهِ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، أَوْ الْمَالِكُ بَيْعَ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ عَلَى حِدَتِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْغَاصِبَ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ كَانَ الصِّبْغُ لِثَالِثٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْ مَالِكِي الصِّبْغِ وَالثَّوْبِ مُوَافَقَةُ الْآخَرِ فِي الْبَيْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ) شَمِلَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ مَالٍ أَوْ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ فَخَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ تَمْيِيزُهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيَجِبُ رَدُّ بَدَلِهِ لِأَنَّهُ كَالتَّالِفِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّ شَخْصًا وَكَّلَ آخَرَ فِي شِرَاءِ قُمَاشٍ مِنْ مَكَّةَ مَثَلًا فَاشْتَرَاهُ وَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ (قَوْلُهُ: وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا) أَوْ بِدَرَاهِمَ مِثْلِهَا لِلْغَاصِبِ، فَإِنْ غَصَبَهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا دَخْلَ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى

(قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ، أَمَّا فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَهُوَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُشْتَرَكًا كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَبُرٍّ أَبْيَضَ بِأَسْمَرَ إلَخْ) الَّذِي يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَمْثِلَتُهُ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مُطْلَقِ الْخَلْطِ الشَّامِلِ لِمَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ كَالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَمَا لَا يُمْكِنُ كَالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لَهُ مَعَ الْإِضَافَةِ فِي لَحْمَتِهِ؟ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>