للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَعْفَهُ بَلْ حَسَّنَهُ الْمُنْذِرِيُّ (وَتَحِلُّ أَذْكَارُهُ) لِلْجُنُبِ (لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ) كَقَوْلِهِ فِي الْأَكْلِ بِسْمِ اللَّهِ، وَعِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَعِنْدَ رُكُوبِهِ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: ١٣] وَعِنْدَ الْمُصِيبَةِ {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ حِينَئِذٍ بِالتَّعْظِيمِ، إذْ الْقُرْآنُ إنَّمَا يَكُونُ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ، وَشَمِلَ مَا إذَا قَصَدَ ذِكْرَهُ أَوْ مَوْعِظَتَهُ أَوْ حُكْمَهُ وَحْدَهُ، أَوْ أَطْلَقَ كَأَنْ جَرَى بِهِ لِسَانُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلَا يَحْرُمُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَبَيْنَ مَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِلْمَنْقُولِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ، وَلَوْ لِمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ.

قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ تَسْوِيَةِ الْمَجْمُوعِ بَيْنَ الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ قَالَ: إنَّ كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا مَمْنُوعٌ وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ يُدْرَكُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ اهـ.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَذْكَارُهُ مِثَالٌ، فَمَوَاعِظُهُ وَأَحْكَامُهُ وَقَصَصُهُ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ مَنْعِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا.

أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ حُرْمَتَهَا، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ لِلْكَافِرِ الْمُعَانِدِ، وَيُمْنَعُ تَعَلُّمَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَغَيْرُ الْمُعَانِدِ إنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ وَإِلَّا جَازَ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ آكَدُ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ حَمْلِهِ مَعَ الْحَدَثِ وَحُرْمَةِ مَسِّهِ بِنَجَسٍ بِخِلَافِهَا إذْ تَجُوزُ مَعَ الْحَدَثِ وَبِفَمٍ نَجِسٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ انْدِفَاعُ مَا فِي الْإِسْعَادِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ مِنْ قِيَاسِهَا عَلَيْهَا كَمَا رَدَّ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْجَوْجَرِيُّ.

وَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ إجْرَاءُ الْقُرْآنِ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَالْهَمْسُ بِهِ بِتَحْرِيكِ شَفَتَيْهِ إنْ لَمْ يَسْمَعْ نَفْسَهُ وَالنَّظَرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَكُونُ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ.

أَمَّا بِدُونِهِ فَالتَّلَفُّظُ بِالْقُرْآنِ مَصْرُوفٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَيُثَابُ عَلَيْهِ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ تَعْلِيلًا لِلْجَوَازِ مَا نَصُّهُ: لِأَنَّهُ أَيْ عِنْدَ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَقْتَضِي صَرْفَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ كَالْجَنَابَةِ هُنَا لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) كَالْمَلَكِ الْقُدُّوسِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَخْ) وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّ تَفْصِيلَهُمْ فِي الْفَتْحِ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ وَبَيْنَ مَا يُوجَدُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِهِ الصَّرْفَ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا، وَحَيْثُ قَبِلَهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ لِانْتِفَاءِ الْقُرْآنِيَّةِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ بَعْدَ اشْتَرَاك الْكُلِّ فِي الْقُرْآنِيَّةِ لَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِيهِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ ذَاتَ الْقُرْآنِيَّةِ لَا تَنْتَفِي عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي حُكْمِ الْقُرْآنِ، وَعَلَيْهِ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ مَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَصَصُهُ) أَيْ وَجُمْلَةُ الْقُرْآنِ لَا تَخْرُجُ عَمَّا ذُكِرَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: تَحِلُّ قِرَاءَةُ جَمِيعِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْآنِيَّةَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ بَلْ يُمَكَّنُ مِنْهَا.

أَمَّا قِرَاءَتُهُ مَعَ الْجَنَابَةِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ خِطَابَ عِقَابٍ اهـ زِيَادِيٌّ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَلَوْ كَانَ مُعَانِدًا، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْبَهْجَةِ نَعَمْ شَرْطُ تَمْكِينِ الْكَافِرِ مِنْ الْقِرَاءَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مُعَانِدًا أَوْ رُجِيَ إسْلَامُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْقِيَاسُ أَيْضًا مَنْعُهُ مِنْ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ حَيْثُ مُنِعَ مِنْ قِرَاءَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ تَعَلُّمُهُ) وَالْقِيَاسُ مَنْعُهُ مِنْ التِّلَاوَةِ حَيْثُ كَانَ مُعَانِدًا وَلَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَنْعِ كَوْنُهُ مِنْ الْإِمَامِ بَلْ يَجُوزُ مِنْ الْآحَادِ، لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِنَجَسٍ) أَيْ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ: وَيَحْرُمُ مَسُّهُ كَكُلِّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ بِمُتَنَجَّسٍ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ تَعْظِيمًا لَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَبِفَمٍ نَجِسٍ) وَلَوْ بِمُغَلَّظٍ وَإِنْ تَعَمَّدَ فِعْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ قِيَاسِهَا) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ، وَلَعَلَّهُ بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِمَا وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ قِيَاسِهَا لِلْقِرَاءَةِ وَضَمِيرُ عَلَيْهِمَا لِمَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) أَيْ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيكِ شَفَتَيْهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إنَّمَا يَكُونُ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِيَاسِهَا عَلَيْهَا) يُنْظَرُ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>