سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِتَبَعِيَّةِ الْأَصْلِ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الْأَخْذِ هُنَا، وَلَا نَظَرَ لِطُرُوِّ تَأَبُّرِهِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ وَزِيَادَتِهِ كَزِيَادَةِ الشَّجَرِ، بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَأْخُذُهُ وَإِنْ قُطِعَ.
وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ التَّأْبِيدُ. إمَّا مُؤَبَّرٌ عِنْدَ الْبَيْعِ شُرِطَ دُخُولُهُ فَلَا يُؤْخَذُ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ
(وَلَا شُفْعَةَ فِي حُجْرَةٍ) مُشْتَرَكَةٍ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَقَدْ (بُنِيَتْ عَلَى سَقْفٍ مُشْتَرَكٍ) بِأَنْ اخْتَصَّ بِهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا أَوْ غَيْرُهُمَا إذْ لَا قَرَارَ لَهَا، فَهِيَ كَالْمَنْقُولِ (وَكَذَا مُشْتَرَكٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ السَّقْفَ الَّذِي هُوَ أَرْضُهَا لَا ثَبَاتَ لَهُ فَمَا عَلَيْهِ كَذَلِكَ.
وَالثَّانِي يَجْعَلُهُ كَالْأَرْضِ، وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي سُفْلٍ وَاخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِعُلُوِّهِ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ مَعَ نَصِيبِهِ مِنْ السُّفْلِ أَخَذَ الشَّرِيكُ هَذَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ لَا شَرِكَةَ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً، وَفِيهَا أَشْجَارٌ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَهُ مَعَ نَصِيبِهِ مِنْهَا فَالشُّفْعَةُ لَهُ فِي الْأَرْضِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ لَا فِي الشَّجَرِ (وَكُلُّ مَا لَوْ قُسِمَ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ) مِنْهُ بِأَنْ لَا يُنْتَفَعَ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يُقْصَدُ مِنْهُ قَبْلَهَا (كَحَمَّامٍ وَرَحًى) صَغِيرَيْنِ لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهُمَا (لَا شُفْعَةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا كَبِيرَيْنِ لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِهَا فِي الْمُنْقَسِمِ كَمَا مَرَّ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَالْحَاجَةُ إلَى إفْرَادِ الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَى الشَّرِيكِ بِالْمَرَافِقِ، وَهَذَا الضَّرَرُ حَاصِلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَيْعِ أَوْ مَا شُرِطَ دُخُولُهُ فِيهِ إلَخْ، وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَأَصْلَهُ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ تُشْعِرُ بِخِلَافِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يَأْخُذُ الدَّاخِلَةَ بِالشَّرْطِ فَتَخْرُجُ الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ الْمَشْرُوطَةُ اهـ.
فَاقْتِصَارُهُ عَلَى الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ غَيْرَهَا يُؤْخَذُ، وَإِنْ شَرَطَ دُخُولَهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الثَّمَرَةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ تُتْبَعُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً وَقْتَ الْأَخْذِ، وَلَكِنْ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تُتْبَعُ فِيمَا ذَكَرَ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَلَوْ حَدَثَ الثَّمَرُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُؤَبَّرْ عِنْدَ الْأَخْذِ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ تَبَعًا وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الشَّارِحِ بِمَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَقْتَ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: فَكَذَا فِي الْأَخْذِ هُنَا) أَيْ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ بَاقِيًا أَخَذَهُ أَوْ تَالِفًا أَخَذَ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: شُرِطَ دُخُولُهُ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ مَا شُرِطَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ) أَيْ الْأَرْضُ وَالثَّمَرَةُ
(قَوْلُهُ: فَبَاعَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَشْجَارِ (قَوْلُهُ لَا فِي الشَّجَرِ) أَيْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى مَالِكِ الشَّجَرِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ لِلشَّفِيعِ وَهُوَ مَا يَخُصُّ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ قَبِلَ دُونَ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءَ فِيهِ مَجَّانًا فَتَنْتَقِلُ الْأَرْضُ لِلشَّفِيعِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، كَمَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ الشَّجَرَ فَإِنَّهُ يَبْقَى بِلَا أُجْرَةٍ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي قَطْعَ الشَّجَرِ لَا تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَا الْقَلْعَ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَسَمَا الْأَرْضَ وَخَرَجَ النِّصْفُ الَّذِي فِيهِ الشَّجَرُ لِغَيْرِ مَالِكِ الشَّجَرِ فَهَلْ يُكَلَّفُ الْآنَ أُجْرَةَ الْجَمِيعِ أَوْ النِّصْفِ أَوْ لَا يُكَلَّفُ شَيْئًا لِاسْتِحْقَاقِهِ بَقَاءَ الْكُلِّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، فَيُحْتَمَلُ الْأَخِيرُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِمَالِكِ الشَّجَرِ الْآنَ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهُمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ بَقَائِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَقَصَدَا جَعْلَهُمَا دَارَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا دَامَا عَلَى صُورَةِ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ، فَلَوْ غَيَّرَا صُورَتَهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَا غَيَّرَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِهَا) لَكِنْ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ سَأَلَهُ فِي الشِّرَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمْ يُجِبْهُ مَعَ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ) هَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الْأَمْرَ عَلَى شَرِيكِهِ قَبْلَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُرَادَ بِهِ الْأَرْضُ الْحَامِلَةُ لِلْجِدَارِ وَصَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ) يَعْنِي الْأَرْضَ مَثَلًا