بِالْبَيْعِ لَهُ، فَلَمَّا بَاعَ لِغَيْرِهِ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَعُلِمَ ثُبُوتُهَا فِي كُلِّ مَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى قِسْمَتِهِ كَمَالِكٍ عُشْرَ دَارٍ صَغِيرَةٍ بَاعَ شَرِيكُهُ بَاقِيَهَا، بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِإِجْبَارِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقِسْمَةِ دُونَ الثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِطَاحُونَةٍ إلَى رَحًى لِأَنَّهُ أَخْصَرُ، وَدَعْوَى أَنَّ الطَّاحُونَةَ تُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الْمَكَانِ وَالرَّحَى عَلَى الْحَجَرِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ تَبَعًا لِلْمَكَانِ فَالْمُرَادُ الْمَحِلُّ الْمُعَدُّ لِلطَّحْنِ، وَحِينَئِذٍ فَتَعْبِيرُ الْمُحَرِّرِ أَوْلَى غَيْرُ سَدِيدَةٍ لِأَنَّ هَذَا عُرْفٌ طَارٍ وَاَلَّذِي تَقَرَّرَ تَرَادُفُهُمَا فِي اللُّغَةِ فَلَا إيرَادَ
(وَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِشَرِيكٍ) فِي الْعَقَارِ الْمَأْخُوذِ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَمُكَاتَبًا مَعَ سَيِّدِهِ وَغَيْرِ آدَمِيٍّ كَمَسْجِدٍ لَهُ شِقْصٌ لَمْ يُوقَفْ فَبَاعَ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ يَشْفَعُ لَهُ نَاظِرُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِغَيْرِ شَرِيكٍ، كَأَنْ مَاتَ عَنْ دَارِ شَرِيكُهُ فِيهَا وَارِثُهُ فَبِيعَتْ حِصَّتُهُ فِي دَيْنِهِ فَلَا يَشْفَعُ الْوَارِثُ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَكَالْجَارِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ عَنْ الْبُخَارِيِّ لِصَرَاحَتِهِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ التَّأْوِيلَ، بِخِلَافِ أَحَادِيثِ إثْبَاتِهَا لِلْجَارِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الشَّرِيكِ فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَلَوْ قَضَى حَنَفِيٌّ بِهَا لِلْجَارِ لَمْ يَنْقَضِ، وَحَلَّ الْأَخْذُ بَاطِنًا وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ شَافِعِيًّا، وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ الْآخَرُ نَصِيبَهُ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فَلَا تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلَا لِشَرِيكِهِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ نَصِيبَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَوَّلِ عَنْ الرَّقَبَةِ.
نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَيْعِ فَامْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ وَبَاعَ لِغَيْرِهِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَصْلُ حِكْمَةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَالِكٍ عُشْرَ دَارٍ صَغِيرَةٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مَسْجِدًا صَحَّ، وَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْمِلْكِ عَلَى قِسْمَتِهِ فَوْرًا، وَإِنْ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ كَمَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْعُشْرِ إذَا طَلَب صَاحِبُ التِّسْعَةِ أَعْشَارِ الْقِسْمَةَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ بَيْعُ الْعُشْرِ هُنَا لِمَنْ لَهُ مِلْكٌ مُلَاصِقٌ لَهُ إذْ تَجِبُ الْقِسْمَةُ بِطَلَبِهِ كَمَا يَأْتِي اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَالْقِيَاسُ ثُبُوتُ الْقِسْمَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ سَدِيدَةٍ) بَلْ هِيَ سَدِيدَةٌ فَتَأَمَّلْهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا عُرْفٌ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَمْنَعُ أَوْلَوِيَّةَ تَعْبِيرِ الْمُحَرِّرِ لِأَنَّهُ لَا إيهَامَ فِيهِ لُغَةً وَلَا عُرْفًا، وَمَا لَا إيهَامَ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْلَى مِمَّا فِيهِ إيهَامٌ فِي الْجُمْلَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: لَهُ شِقْصٌ لَمْ يُوقَفْ) أَيْ بِأَنْ وُهِبَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِيهَا وَارِثُهُ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ حَائِزًا كَابْنِهِ مَثَلًا، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَيَأْخُذُ شَرِيكُ الْمَيِّتِ بِالشُّفْعَةِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّ الْوَارِثَ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ الْجَارِ الْوَاقِعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ) أَيْ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: وَحَلَّ الْأَخْذُ) أَيْ لِلْجَارِ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ عَلَى الْحَنَفِيِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْعَ الشَّافِعِيِّ حَكَمَ بِمَنْعِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَنَعْتُك مِنْ الْأَخْذِ فِي قُوَّةِ حَكَمْت بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُسْتَحَقُّ) أَيْ يُؤْخَذُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُسْتَحَقُّ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا لِشَرِيكِهِ) أَيْ الْوَقْفِ بِأَنْ كَانَتْ أَثْلَاثًا لِزَيْدٍ وَلِعَمْرٍو وَلِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ) أَيْ وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَتُهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا) بِأَنْ كَانَتْ قِسْمَةَ رَدٍّ وَتَعْدِيلٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ قِسْمَةِ الرَّدِّ إذَا كَانَ الدَّافِعُ لِلدَّرَاهِمِ صَاحِبَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ لِبَعْضِ الْوَقْفِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدَّافِعُ نَاظِرَ الْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيْعُ الْوَقْفِ بَلْ فِيهِ شِرَاءٌ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَإِنَّهُ مَفْهُومُ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فِي الْعَقَارِ الْمَأْخُوذِ) أَيْ: فِي رَقَبَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute