التَّصْحِيحِ عَكْسُ مَا ذَكَرَ ثُمَّ اكْتِفَاءً عَنْ كُلٍّ بِنَظِيرِهِ، وَاغْتُفِرَ لِلشَّفِيعِ التَّصَرُّفُ فِي الشِّقْصِ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ مُعَيَّنٍ لَهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ تَوَقُّفِ تَصَرُّفِهِ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ.
نَعَمْ لَوْ عَادَ وَصَدَّقَهُ سُلِّمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ وَفَارَقَ مَا مَرَّ بِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ فَقَوِيَ جَانِبُهَا وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ تَرْكُهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِأَمْ بَدَلَ أَوْ صَحِيحٌ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ لِأَنَّ أَمْ تَكُونُ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَأَوْ بَعْدَ هَلْ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ أَغْلَبِيٌّ لَا كُلِّيٌّ
(وَلَوْ) (اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ جَمْعٌ) ابْتِدَاءً كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ أَوْ دَوَامًا كَأَنْ وَرِثُوهَا عَنْ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ أَمْلَاكِهِمْ (أَخَذُوا بِهَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) مِنْ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ بِهِ فَقَسَطَ عَلَى قَدْرِهِ كَالْأُجْرَةِ وَكَسْبِ الْقِنِّ (وَفِي قَوْلٍ عَلَى الرُّءُوسِ) لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرِكَةِ سَبَبُ الشُّفْعَةِ وَقَدْ تَسَاوَوْا فِيهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَاحِدَ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ، وَانْتَصَرَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ لِهَذَا، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ
(وَلَوْ) (بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ نِصْفَ حِصَّتِهِ) مَثَلًا (لِرَجُلٍ) أَيْ شَخْصٍ (ثُمَّ بَاقِيَهَا لِآخَرَ) قَبْلَ أَخْذِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ مَا بِيعَ أَوَّلًا (فَالشُّفْعَةُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ) إذْ لَيْسَ مَعَهُ شَرِيكٌ حَالَ الْبَيْعِ سِوَى الْبَائِعِ وَلَا يَشْفَعُ فِيمَا بَاعَهُ وَقَدْ يَعْفُو عَنْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا عَفَا) الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ (عَنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ) بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي (شَارَكَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي) لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ سَبَقَ الْبَيْعَ الثَّانِيَ وَاسْتَقَرَّ بِعَفْوِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَنْهُ فَيَسْتَحِقُّ مُشَارَكَتَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْفُ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ عَنْ النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَلْ أَخَذَهُ مِنْهُ (فَلَا) يُشَارِكُ الْأَوَّلُ الْقَدِيمَ لِزَوَالِ مِلْكِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُشَارِكُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ شَرِيكُهُ حَالَةَ الشِّرَاءِ، وَخَرَجَ بِثُمَّ مَا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعَانِ مَعًا فَالشُّفْعَةُ فِيهِمَا مَعًا لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِ الْعَفْوِ بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ عَفَا قَبْلَهُ اشْتَرَكَا فِيهِ جَزْمًا أَوْ أَخَذَ قَبْلَهُ انْتَفَتْ جَزْمًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ عَفَا أَحَدُ شَفِيعَيْنِ سَقَطَ حَقُّهُ) مِنْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ (وَتَخَيَّرَ الْآخَرُ بَيْنَ أَخْذِ الْجَمِيعِ وَتَرْكِهِ) كَالْمُنْفَرِدِ (وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ سَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ نَظِيرُهُ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْعَفْوِ عَنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يُصَدَّقُ الشَّفِيعُ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ تَصْدِيقُ الشَّفِيعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ وَعَدَمُ الْعَفْوِ
(قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٍ) أَوَّلَ بِهِ لِيَشْمَلَ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: وَتَخَيَّرَ الْآخَرُ) لَوْ كَانَ عَفْوُهُ بَعْدَ أَخْذِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيُقَالُ لِلْآخَرِ إنْ لَمْ تَأْخُذْ الْبَاقِيَ وَهُوَ حِصَّةُ الْعَافِي وَإِلَّا بَطَلَ تَمَلُّكٌ لِحِصَّتِك أَوَّلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يَشْمَلُ قَوْلَ الْمَتْنِ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ مَا لَوْ كَانَ الْعَفْوُ بَعْدَ أَخْذِ حِصَّتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَالْمُنْفَرِدِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الْبَعْضَ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ، بَلْ إمَّا يَأْخُذُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ بَعْضَ الْمَبِيعِ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَالِكٌ دَارًا جَمِيعَهَا وَلَهُ فِيهَا مَمَرٌّ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ فِي الْمَمَرِّ أَخْذُهُ لِئَلَّا يُعَطِّلَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ إلَّا إذَا اتَّسَعَ حِصَّةُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ جِدًّا بِحَيْثُ يُمْكِنُ جَعْلُهَا مَمَرَّيْنِ فَلِلشَّرِيكِ أَخْذُ مَا زَادَ عَلَى مَا يَكْفِي مُشْتَرِيَ الدَّارِ لِلْمُرُورِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ وَإِنْ اقْتَضَى التَّعْلِيلُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ) أَيْ: مِنْ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ اكْتِفَاءً عَنْ كُلٍّ بِنَظِيرِهِ
(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) هُنَا وَدَوَامًا فِيمَا يَأْتِي اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُمَا، وَلَعَلَّهُ لَا مَعْنَى لَهُمَا هُنَا فَإِنَّهُ بِبَيْعِ هَذَا الْأَحَدِ اسْتَحَقُّوهَا ابْتِدَاءً سَوَاءٌ مَلَكُوا بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالْإِرْثِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَمْعٌ نَصُّهَا: كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمْعٍ بِنَحْوِ شِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَعْفُو عَنْهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا؟ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ: وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي