للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خُلُوٍّ لَا جَمْعٍ (دَنَانِيرَ خَالِصَةً) بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ غَرَرٍ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْعَمَلِ، وَالْوُثُوقِ بِالرِّبْحِ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَكَانَ خَاصًّا بِمَا يَرُوجُ غَالِبًا وَهُوَ النَّقْدُ الْمَضْرُوبُ لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْأَشْيَاءِ، وَلَوْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ جَازَ عَقْدُهُ عَلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَعِزُّ وُجُودُهُ أَوْ يُخَافُ عِزَّتُهُ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْغَالِبَ مَعَ ذَلِكَ تَيَسُّرُ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ (فَلَا يَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ) وَهُوَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ لَمْ يُضْرَبْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقِرَاضَةُ وَغَيْرُهَا وَتَسْمِيَةُ الْفِضَّةِ بِهِ تَغْلِيبٌ (وَحُلِيٍّ) وَسَبَائِكَ لِاخْتِلَافِ قِيَمِهَا (وَمَغْشُوشٍ) وَإِنْ رَاجَ وَعُلِمَ قَدْرُ غِشِّهِ وَجَازَ التَّعَامُلُ بِهِ، نَعَمْ إنْ اسْتَهْلَكَ غِشُّهُ جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَقِيلَ إنْ رَاجَ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي الشَّرِكَةِ تَصْحِيحَهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَعُرُوضٍ) مِثْلِيَّةٍ أَوْ مُتَقَوِّمَةٍ لِمَا مَرَّ

(وَ) كَوْنُهُ (مَعْلُومًا) قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً فَلَا يَجُوزُ عَلَى نَقْدٍ مَجْهُولٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَعْدَ عَقْدِ الْقِرَاضِ، بَلْ قَدْ يُقَارِضُ وَلَا يُوجَدْ عَمَلٌ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ يَعْمَلُ وَلَا يُوجَدْ رِبْحٌ

(قَوْلُهُ لَا جَمْعٍ) أَيْ لَا مَانِعَةَ جَمْعٍ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ دَرَاهِمَ وَبَعْضُهُ دَنَانِيرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْأَشْيَاءِ) أَيْ الثَّمَنُ الَّذِي تُشْتَرَى بِهِ الْأَشْيَاءُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: تَيَسَّرَ) أَيْ وَإِنْ رَخُصَ بِسَبَبِ إبْطَالِ السُّلْطَانِ لَهُ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ الْفِضَّةِ بِهِ) أَيْ بِالتِّبْرِ لَا ضَرُورَةَ إلَى حَمْلِ الْعِبَارَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْفِضَّةَ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّغْلِيبِ اهـ سم.

أَقُولُ: لَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى ذَلِكَ جَعَلَ حُكْمَ الْفِضَّةِ مُسْتَفَادًا بِالْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: تَغْلِيبٌ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَهُوَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لَا بَيَانٌ لِلْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ وَهُوَ الذَّهَبُ (قَوْلُهُ وَمَغْشُوشٍ) فَإِنْ قُلْت: لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْمَغْشُوشُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ دَنَانِيرَ خَالِصَةً لِيَصِحَّ التَّفْرِيعُ.

قُلْت: أَجَابَ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ عَنْ مِثْلِهِ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي التَّفْرِيعِ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُخْرِجُهُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ قَيْدٌ مَحْذُوفٌ لِيَخْرُجَ بِهِ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ فَيَكُونَ الْمَحْذُوفُ مَعْلُومًا مِنْ الْمُفَرَّعِ، قَالَ: وَهُوَ كَافٍ فِي صِحَّةِ التَّفْرِيعِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوَّلًا خَالِصَةً إشَارَةٌ إلَى هَذَا، وَيُحْتَمَلُ حَمْلُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى الْخَالِصَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِفَرْدِهِ الْكَامِلِ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَذْفَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ حِينَئِذٍ خَالِصَةً تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اسْتَهْلَكَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ تَحَصَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ النُّحَاسُ مَثَلًا عَنْ الْفِضَّةِ، وَعَلَيْهِ فَالدَّرَاهِمُ الْمَوْجُودَةُ بِمِصْرَ الْآنَ لَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ يَتَحَصَّلُ مِنْ الْغِشِّ قَدْرُ لَوْ مُيِّزَ بِالنَّارِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الصِّحَّةُ وَيُرَادُ بِالْمُسْتَهْلِكِ عَدَمُ تَمَيُّزِ النُّحَاسِ عَنْ الْفِضَّةِ مَثَلًا فِي رَأْيِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ رَاجَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْتَهْلَكْ لِمَا مَرَّ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ عَلَى نَقْدٍ مَجْهُولٍ) أَيْ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً، وَمِنْ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ التَّعَامُلِ بِالْفِضَّةِ الْمَقْصُوصَةِ فَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْقَبْضِ وَإِنْ عُلِمَتْ إلَّا أَنَّ مِقْدَارَ الْقَصِّ مُخْتَلِفٌ فَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُ مِثْلِهَا عِنْدَ التَّفَاضُلِ، حَتَّى لَوْ قَارَضَهُ عَلَى قَدْرٍ مِنْهَا مَعْلُومِ الْقَدْرِ وَزْنًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ الرَّدِّ وَإِنْ أَحْضَرَ قَدْرَهُ وَزْنًا لَكِنَّ الْقَرْضَ يَخْتَلِفُ بِتَفَاوُتِ الْقَصِّ قِلَّةً وَكَثْرَةً، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى نَقْدٍ مَجْهُولٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَالشَّرِكَةِ حَيْثُ صَحَّتْ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمَالَيْنِ حَيْثُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَالَ لَهُ قَارَضْتُكَ عَلَى مَنْفَعَةِ هَذِهِ الدَّارِ لِتُسْكِنَ فِيهَا الْغَيْرَ وَمَهْمَا حَصَلَ بَيْنَنَا

(قَوْلُهُ: تَغْلِيبٌ) أَيْ: وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ مَعَ الدَّنَانِيرِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ لَا ضَرُورَةَ إلَى حَمْلِ الْعِبَارَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْفِضَّةَ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّغْلِيبِ انْتَهَى.

فَيُقَالُ عَلَيْهِ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّغْلِيبِ الضَّرُورَةُ، بَلْ يَكْفِي فِي إرَادَتِهِ قِيَامُ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ الِاخْتِصَارُ.

وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ رَاجَ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>