للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَيَاضٌ) أَيْ أَرْضٌ لَا زَرْعَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ (صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ) أَوْ الْعِنَبِ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ وَعَلَيْهِ حَمْلُ مَا مَرَّ مِنْ مُعَامَلَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْعَامِلِ) أَيْ لَا يَكُونُ مَنْ سَاقَاهُ غَيْرَ مَنْ زَارَعَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا لِأَنَّ إفْرَادَهَا بِعَامِلٍ يُخْرِجُهَا عَنْ التَّبَعِيَّةِ (وَعَسُرَ) هُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِالتَّعَذُّرِ كَتَعْبِيرِ آخَرِينَ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنَّ كَثِيرَ الْبَيَاضِ كَقَلِيلِهِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ التَّعَذُّرِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ (إقْرَارُ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ) وَإِفْرَادُ (الْبَيَاضِ بِالْعِمَارَةِ) أَيْ الزِّرَاعَةِ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ تَعَسُّرِ أَحَدِهِمَا.

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُفْصَلَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ بِخَطِّهِ أَيْ لَا يُفْصَلُ الْعَاقِدَانِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ التَّابِعَةِ بَلْ يَأْتِي بِهِمَا عَلَى الِاتِّصَالِ لَتَحْصُلَ التَّبَعِيَّةُ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْعَقْدِ، فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى النِّصْفِ فَقَبِلَ ثُمَّ زَارَعَهُ عَلَى الْبَيَاضِ لَمْ تَصِحَّ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّ تَعَدُّدَهُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ. وَالثَّانِي يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا لِحُصُولِهِمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ.

(وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ (أَنْ لَا) (تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَهَا إذْ التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً إنْ سَاقَاهُ بَعْدَهَا بَانَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَاشْتَرَطَ الدَّارِمِيُّ بَيَانَ مَا يُزْرَعُ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ بَيَانِهِ فِي الْإِجَارَةِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (كَثِيرَ الْبَيَاضِ) بِأَنْ اتَّسَعَ مَا بَيْنَ مَغَارِسِ الشَّجَرِ (كَقَلِيلِهِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ تَعَسُّرُ الْإِفْرَادِ، وَالْحَاجَةُ لَا تَخْتَلِفُ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَكُونُ تَابِعًا.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْعَيْنِ الَّتِي عَلَيْهِ حَفِظَهَا بِتَرْكِ السَّقْيِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ حَمْلُ مَا مَرَّ إلَخْ) لَكِنَّ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ لَهُمْ بَذْرًا. وَعَلَيْهِ فَقِصَّةُ خَيْبَرَ إنَّمَا هِيَ مُخَابَرَةٌ، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ تَبَعًا وَلَا اسْتِقْلَالًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْحَدِيثُ سِيقَ لِأَصْلِ الْمُسَاقَاةِ فَتَثْبُتُ بِهِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ ظَاهِرًا فِي الْمُخَابَرَةِ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَعْطَاهُمْ بَذْرًا وَأَمَرَ مَنْ يُعْطِيهِمْ. وَالْجَوَابُ يَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَالُ وَيُجْعَلُ هَذَا جَوَابًا عَنْ كَوْنِهِ مُخَابَرَةً لَا يَرُدُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ لِاسْتِدْلَالِ الشَّارِحِ عَلَى جَوَازِهَا لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ: عَلَى شَطْرِ الثَّمَرَةِ) أَيْ نِصْفِهَا. فَفِي الْمُخْتَارِ شَطْرُ الشَّيْءِ نِصْفُهُ. بِخِلَافِ تَعَسُّرِ أَحَدِهِمَا: أَيْ كَأَنْ أَمْكَنَ إفْرَادُ الْأَرْضِ بِالزِّرَاعَةِ وَعَسُرَ إفْرَادُ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ تَبَعًا وَيَتَعَيَّنُ إفْرَادُ النَّخْلِ بِالْمُسَاقَاةِ إنْ أَرَادَهَا.

(قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَفْصِلَ) قَدْ يُقَالُ: اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ الْعَقْدِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْفَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الْفَصْلُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى النِّصْفِ) صَوَابُهُ عَلَى الشَّجَرِ لِيُقَابِلَ قَوْلَهُ عَلَى الْبَيَاضِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالنِّصْفِ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ لَا تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ أُخِّرَتْ الْمُزَارَعَةُ لَكِنْ فُصِلَ الْقَابِلُ فِي الْقَبُولِ وَقَدَّمَهَا كَقَبِلْت الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ لَمْ يَبْعُدْ الْبُطْلَانُ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمَتْنِ لِذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنْ لَا يُقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُزَارَعَةِ لَا فِي الْإِيجَابِ وَلَا فِي الْقَبُولِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا الْمَالِكُ وَأَجْمَلَهَا الْعَامِلُ كَقَوْلِهِ قَبِلْتهمَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَالِكِ سَاقَيْتُك وَزَارَعْتُكَ وَالظَّاهِرُ فِيهِ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ حِكَايَةٌ لِلظَّاهِرِ قَبْلَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ قَبِلْت الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ حُكْمًا فِي كَلَامِهِ وَقَبْلُ أَيْضًا.

[فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْمُعَامَلَةُ تَشْمَلُهُمَا: أَيْ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ، فَإِنْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ بِالنِّصْفِ جَازَ. وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا أَقَلَّ أَوْ شَرَطَ الْبَقَرَ عَلَى الْعَامِلِ اهـ. وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى هَذَيْنِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

إذْ لَا يَلْزَمُهُ عَمَلٌ وَقَدْ بَذَرَ الْبَذْرَ بِالْإِذْنِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُكَ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ: مِنْ ثَمَرَةِ هَذَا الشَّجَرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا هُوَ وَضْعُ الْمُسَاقَاةِ.

فَسَقَطَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ عَلَى الشَّجَرِ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَى النِّصْفِ انْتَهَى.

عَلَى أَنَّ الْأَصْوَبَ مَا فِي الشَّرْحِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ الْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>