(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) (تَسَاوِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ) فَيَجُوزُ شَرْطُ نِصْفِ الزَّرْعِ وَرُبُعِ الثَّمَر مَثَلًا لِلْعَامِلِ، لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ إنْ كَانَتْ تَابِعَةً هِيَ فِي حُكْمِ عَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ، وَكَوْنُ التَّفَاصُلِ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ مِنْ أَصْلِهَا مَمْنُوعٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَإِزَالَتِهِ لَهَا فِي بِعْتُك الشَّجَرَةَ بِعَشَرَةٍ، وَالثَّمَرَةَ بِخَمْسَةٍ، حَتَّى يَحْتَاجَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِشَرْطِ الْقَطْعِ عَلَى مَا مَرَّ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّهِ غَيْرُ صَالِحَةٍ إجْمَاعًا لِإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ، فَاحْتَاجَتْ لِمَتْبُوعٍ قَوِيٍّ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَيَاضُ هُنَا لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ مُسْتَقِلَّةً عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنْ يَلْحَقَ بِالْبَيَاضِ فِيمَا مَرَّ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّفَاضُلَ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَابَرَ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ) لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ. وَالثَّانِي تَجُوزُ كَالْمُزَارَعَةِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فِي مَعْنَى الْمُسَاقَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا إلَّا الْعَمَلُ بِخِلَافِ الْمُخَابَرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ (فَإِنْ أُفْرِدَتْ أَرْضٌ بِالزِّرَاعَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ) إنْ كَانَتْ لَهُ وَسَلِمَ الزَّرْعُ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَلَا يُمْكِنُ إحْبَاطُ عَمَلِهِ مَجَّانًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْلَمْ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ عَلَى مَا أَخَذَهُ مِنْ تَصْوِيبِ الْمُصَنِّفِ لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الزَّرْعُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمَالِكِ شَيْءٌ. وَرُدَّ بِأَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ أَقْرَبُ لِاتِّحَادِ الْبَابَيْنِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، فَالْعَامِلُ هُنَا أَشْبَهُ فِي الْقِرَاضِ مِنْ الشَّرِيكِ، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالشَّرِيكِ أَنَّ الشَّرِيكَ يَعْمَلُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَاحْتِيجَ فِي وُجُوبِ أُجْرَتِهِ لِوُجُودِ نَفْعِ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ، أَوْ أُفْرِدْت بِالْمُخَابَرَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الزَّرْعَ تَابِعٌ لِلْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِمُسْتَحِقِّهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُشِيرًا إلَى النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ تُنَافِي التَّبَعِيَّةَ كَالتَّقَدُّمِ: أَيْ لِمَا يُزْرَعُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا) قَدْ يُقَالُ الْمُزِيلُ لَهَا هُنَا لَيْسَ هُوَ التَّفَاضُلُ بِدَلِيلِ الِاحْتِيَاجِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الثَّمَرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، بَلْ الْمُزِيلُ التَّفْصِيلُ لِلثَّمَنِ الْمُوجِبِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُفَاضَلَةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِتَفْصِيلِ مَالِ الْعَامِلِ فَكَانَ كَتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَاحْتِيجَ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِزَالَتِهِ) أَيْ التَّفَاضُلِ لَهَا أَيْ التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ فَاحْتَاجَتْ لِمَتْبُوعٍ قَوِيٍّ) أَيْ وَهُوَ الشَّجَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفْرِدَ الثَّمَرَ بِثَمَنٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ تَبَعًا.
(قَوْلُهُ: وَسَلِمَ الزَّرْعُ) أَيْ عَنْ التَّلَفِ لِجَمِيعِهِ، فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْأَرْضِ بِقِسْطِ مَا سَلِمَ، ثُمَّ ظَاهِرُ اعْتِبَارِ التَّلَفِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ لَكِنْ وُجِدَ مَعِيبًا رَدِيئًا جِدًّا بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْهُ تَافِهًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: لِاتِّحَادِ الْبَابَيْنِ) أَيْ فَقُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ فِي الْبَابَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ نَفْعِ شَرِيكِهِ) أَيْ وَهُوَ الرِّبْحُ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحُ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُبَاشِرُ لِلْعَمَلِ فِيهَا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَةً (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ أَوَانِ الْحَصَادِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا زَرَعَ بِالْإِذْنِ. فَخُصُوصُ الْمُخَابَرَةِ وَإِنْ بَطَلَ بَقِيَ عُمُومُ الْإِذْنِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ الْمَقْبُوضَةِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ أَوْ بَنَى مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْلَعُ مَجَّانًا بَلْ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِالْقِيمَةِ وَبَيْنَ قَلْعِهِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ وَبَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، لِكَوْنِهِ إنَّمَا فَعَلَ بِالْإِذْنِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ
[حاشية الرشيدي]
وَأَمَّا ذِكْرُ الشَّجَرِ فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ لَفْظِ سَاقَيْتُكَ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَإِزَالَتِهِ لَهَا فِي بِعْتُكَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ الْمُزِيلُ لَهَا هُنَا لَيْسَ هُوَ التَّفَاضُلُ بِدَلِيلِ الِاحْتِيَاجِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ، وَإِنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الثَّمَرَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، بَلْ الْمُزِيلُ التَّفْصِيلُ لِلثَّمَنِ الْمُوجِبُ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute