للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ عَلَى حُكْمِ قُضَاةِ الْحَنَابِلَةِ بِهَا، وَنَقَلَ غَيْرُهُ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ جَوَازُهَا وَالشَّجَرُ لِمَالِكِهِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا كَمَا أَنَّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ أُجْرَةَ الْعَمَلِ وَالْآلَاتِ، وَيَأْتِي فِي الْقَلْعِ وَالْإِبْقَاءِ هُنَا مَا مَرَّ آخَرَ الْعَارِيَّةِ (وَلَوْ كَانَ) الْوَدِيُّ (مَغْرُوسًا) وَسَاقَاهُ عَلَيْهِ (وَشَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرِ عَلَى الْعَمَلِ فَإِنْ قَدَّرَ لَهُ) فِي عَقْدِهَا عَلَيْهِ (مُدَّةً يُثْمِرُ) الْوَدِيُّ (فِيهَا غَالِبًا) كَخَمْسِ سِنِينَ (صَحَّ) الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا لَا ثَمَرَةَ فِيهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشُّهُورِ مِنْ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنْ لَمْ تُثْمِرْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الشَّجَرِ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي الثَّمَرَةِ الْمُتَوَقَّعَةِ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَدَّرَ مُدَّةً لَا يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا (فَلَا) تَصِحُّ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ سَوَاءٌ أَعُلِمَ الْعَدَمُ أَمْ غَلَبَ أَمْ اسْتَوَيَا أَمْ جُهِلَ الْحَالُ. نَعَمْ لَهُ الْأُجْرَةُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُ طَامِعٌ (وَقِيلَ إنْ تَعَارَضَ الِاحْتِمَالُ) لِلْإِثْمَارِ وَعَدَمُهُ عَلَى السَّوَاءِ (صَحَّ) كَالْقِرَاضِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُ الرِّبْحِ بِخِلَافِ هَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا.

(وَلَهُ) (مُسَاقَاةُ شَرِيكِهِ فِي الشَّجَرِ) (إذَا) اسْتَقَلَّ الشَّرِيكُ بِالْعَمَلِ فِيهَا وَ (شَرَطَ لَهُ) أَيْ الشَّرِيكُ (زِيَادَةً) مُعَيَّنَةً (عَلَى حِصَّتِهِ) كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَ لَهُ ثُلُثَيْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ شَرَطَ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ الْعِوَضِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِخِلَافِ شَرْطِ الْكُلِّ لَهُ كَمَا مَرَّ. وَاسْتِشْكَالُ هَذَا بِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ يَجِبُ كَوْنُهُ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ سَاقَيْتُك عَلَى نَصِيبِي هَذَا، وَبِهَذَا صَوَّرَ أَبُو الطَّيِّبِ كَالْمُزَنِيِّ قَالَ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ غَيْرِهِمَا كَالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَقَوْلِهِ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْحَدِيقَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْإِجَارَةِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فِي الْوَدِيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْعَامِلِ وَالْأَرْضُ لِلْمَالِكِ، فَيَكُونُ نَظِيرُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ الشَّجَرَ وَالْأَرْضَ لِلْمَالِكِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا أَنَّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ) أَيْ مِنْ تَخْيِيرِ مَالِكِ الْأَرْضِ بَيْنَ تَبْقِيَةِ الشَّجَرِ بِالْأُجْرَةِ وَتَمْلِكُهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ قَلْعِهِ وَغَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْعَامِلِ وَالْأَرْضُ لِلْمَالِكِ، وَفِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُعْتَمَدِ فِي غِرَاسِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مِنْ أَنَّهُ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُثْمِرْ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ وَإِنْ أَثْمَرَتْ فَلَهُ: أَيْ إنْ أَثْمَرَتْ فِيمَا تَوَقَّعَ فِيهِ إثْمَارُهَا لَا مُطْلَقًا. قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ لِتَكُونَ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَوَقَّعْ إلَّا فِي الْعَاشِرَةِ جَازَ، فَإِنْ أَثْمَرَ قَبْلَهَا: أَيْ الْعَاشِرَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ: أَيْ فِي الثَّمَرِ لِلْعَامِلِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ فِي الْعَاشِرَةِ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ مَغْرُوسًا وَشَرَطَ إلَخْ، وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ مُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْمُسَاقَاةِ حَيْثُ لَمْ تَخْرُجُ الثَّمَرَةُ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي آخَرِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَتَيْنِ) هُمَا الِاسْتِوَاءُ وَجَهْلُ الْحَالِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) وَلَمْ يَذْكُرْ وَعَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى قَوْلِهِ وَرَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأُجْرَةُ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ لَهُ الْأُجْرَةُ فِي إلَخْ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ حَجّ عَلَى الرَّدِّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ شَرْطِ الْكُلِّ) أَيْ فَإِنَّ فِيهِ الْأُجْرَةَ وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ سَاقَيْتُك) أَيْ أَوْ يُطْلِقُ (قَوْلُهُ: مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْإِجَارَةِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِقَتِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الَّذِي هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَظْهَرِ

(قَوْلُهُ: وَالشَّجَرُ لِمَالِكِهِ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ مَالِكُهُ غَيْرَ مَالِكِ الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ أُجْرَةَ الْعَمَلِ إلَى آخِرِهِ: أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ) أَيْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) صَوَابُهُ وَعَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِقَتِهِ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>