للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى كُلِّ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ عَلَى نَصِيبِي أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، وَلَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ سَاقَى الشَّرِيكَانِ ثَالِثًا لَمْ تُشْتَرَطْ مَعْرِفَتُهُ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا إنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ (أَنْ لَا) (يُشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَعْمَالِهَا) الَّتِي سَتُذْكَرُ قَرِيبًا أَنَّهَا عَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ فِي الْقِرَاضِ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ ذُكِرَ حُكْمَ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ وَعَكْسُ ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْأَعْمَالَ قَلِيلَةٌ ثَمَّ وَلَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ تَفْصِيلٍ وَلَا خِلَافَ فَقُدِّمَتْ ثُمَّ ذُكِرَ حُكْمُهَا، وَهُنَا بِالْعَكْسِ فَقُدِّمَ حُكْمُهَا ثُمَّ أُخِّرَتْ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَبِنَاءِ جِدَارِ الْحَدِيقَةِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِلَا عِوَضٍ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ مَا عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ كَالسَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَإِنْ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ شَرْطُهُ عَلَى الْمَالِكِ، وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ.

(وَأَنْ) (يَنْفَرِدَ) الْعَامِلُ (بِالْعَمَلِ وَالْيَدِ فِي الْحَدِيقَةِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ، فَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى الْمَالِكِ مَعَهُ وَلَوْ مَعَ يَدِ الْعَامِلِ فَسَدَ، بِخِلَافِ شَرْطِ عَمَلِ غُلَامِ الْمَالِكِ مَعَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْمَالِكِ (وَمَعْرِفَةِ الْعَمَلِ) جُمْلَةً لَا تَفْصِيلًا (بِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ كَسَنَةٍ) أَوْ أَقَلَّ إذْ أَقَلُّ مُدَّتِهَا مَا يَطْلُعُ فِيهِ الثَّمَرُ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْعَمَلِ (أَوْ أَكْثَرَ) إلَى مُدَّةٍ تَبْقَى الْعَيْنُ فِيهَا غَالِبًا لِلِاسْتِقْلَالِ فَلَا تَصِحُّ مُطْلَقَةً وَلَا مُؤَبَّدَةً لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ فَكَانَتْ كَالْإِجَارَةِ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَتْ فِيهِ الْقِرَاضَ وَالسُّنَّةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ، وَيَصِحُّ شَرْطُ غَيْرِهَا إنْ عِلْمَاهُ، وَلَوْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عَمِلَ بَقِيَّتَهَا بِلَا أُجْرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ الثَّمَرُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ تَأَخَّرَ لَا بِسَبَبِ عَارِضٍ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْإِجَارَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ، لَكِنْ سَنُبَيِّنُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبَحْثُ بَعْضِهِمْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ فِي نَصِيبِ الْمَالِكِ دُونَ الشَّرِيكِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ اهـ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ يَدِ الْعَامِلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ، هَذَا وَلَوْ أَفْرَدَ مُحْتَرَزَ كُلٍّ مِنْ الْعَمَلِ وَالْيَدِ بِالذِّكْرِ لَكَانَ أَوْلَى. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ: نَعَمْ لَا يَضُرُّ شَرْطُ عَمَلِ عَبْدِ الْمَالِكِ مَعَهُ، إلَى أَنْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِالْيَدِ فِي الْحَدِيقَةِ لِيَعْمَلَ مَتَى شَاءَ فَشَرْطُ كَوْنِهَا بِيَدِ الْمَالِكِ وَعَبْدِهِ مَثَلًا وَلَوْ مَعَ يَدِ الْعَامِلِ يُفْسِدُهَا اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مُؤَبَّدَةً) أَيْ وَلَا مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ لَا تُثْمِرُ فِي جَمِيعِهَا بِأَنْ عَجَزَتْ عَنْ الْإِثْمَارِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ عَادَةً بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهَا لَا تُثْمِرُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ) أَيْ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يُتَوَقَّعُ ظُهُورُهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ شَرْطُ غَيْرِهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ إنْ تَأَخَّرَ. قَالَ فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَلَوْ قُدِّرَ بِعَشْرِ سِنِينَ وَالثَّمَرَةُ مُتَوَقَّعَةٌ فِي الْعَشَرَةِ جَازَ فَإِنْ أَثْمَرَ قَبْلَهَا أَوْ لَمْ يُثْمِرْ إلَّا بَعْدَهَا فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَا أُجْرَةَ لِعَمَلِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ تَأَخَّرَ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَثْمَرَ قَبْلَ الْمُدَّةِ لِعَارِضٍ اقْتَضَى خُرُوجَ الثَّمَرِ قَبْلَ الْعَاشِرَةِ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلْيُحَرَّرْ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ خُرُوجَهَا قَبْلَ الْعَاشِرَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُتَوَقَّعًا أَصْلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ فِيهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي الْإِجَارَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ لَكِنْ سَنُبَيِّنُ فِي هَامِشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافًا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: لَا بِسَبَبٍ عَارِضٍ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّ الْمُدَّةَ يَطْلُعُ فِيهَا حَتَّى تَصِحَّ الْمُسَاقَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>