فَإِنْ كَانَ بِعَارِضِ سَبَبٍ كَبَرْدٍ وَلَوْلَاهُ لَأَطْلَعَ فِي الْمُدَّةِ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ، وَإِنْ انْقَضَتْ وَهُوَ طَلْعٌ أَوْ بَلَحٌ فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْهَا، وَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ وَالتَّبْقِيَةُ إلَى الْجِذَاذِ خِلَافًا لِمَا فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُرْشِدِ مِنْ أَنَّهُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ كَانَ النَّخْلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مِمَّا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَأَطْلَعَ الثَّمَرَةَ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَالثَّانِيَةَ بَعْدَهَا فَهَلْ يَفُوزُ الْمَالِكُ بِهَا أَوْ يَكُونُ الْعَامِلُ شَرِيكًا لَهُ فِيهَا لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ.
(وَلَا يَجُوزُ) (التَّوْقِيتُ) لِمُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ (بِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ) أَيْ جِذَاذِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْجَهْلِ بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ.
(وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ صَرِيحَةٌ وَكِنَايَةٌ، فَمِنْ صَرَائِحِهَا (سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخْلِ) أَوْ الْعِنَبِ (بِكَذَا) مِنْ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ لَهَا (أَوْ سَلَّمْته إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ) أَوْ اعْمَلْ عَلَيْهِ أَوْ تَعَهَّدْهُ بِكَذَا لِأَدَاءِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَعْنَى الْأُولَى، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ صَرَاحَتَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ اعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَالسُّبْكِيُّ أَنَّهَا كِنَايَةٌ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِكَذَا اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْعِوَضِ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ، وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ، وَلَوْ سَاقَاهُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ. فَإِنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَاوِيًا الطَّلَاقَ فَلَا تَطْلَقُ وَيَقَعُ الظِّهَارُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ ذَلِكَ اهـ مَرْدُودٌ وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحُوهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي هُوَ أَنَّ الظِّهَارَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَصَوُّرُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ طَامِعًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَإِنَّ مَا حَصَلَ بَعْدَ الْعَاشِرَةِ هُوَ الَّذِي كَانَ يَتَوَقَّعُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْخِدْمَةُ عَلَى الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ بِدُونِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُرْشِدِ) هُمَا لِابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً فَأَثْمَرَ مَرَّتَيْنِ فَهَلْ الثَّانِيَةُ لِلْمَالِكِ كَالثَّمَرَةِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُعْتِيدَ الْإِثْمَارُ فِيهَا، أَوْ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) أَيْ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: يَفُوزُ الْمَالِكُ بِهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ: الْمَوْضُوعُ لَهَا) أَيْ لِلْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ سَاقَيْتُك) وَهَذِهِ مِنْ صُوَرِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَيْنِ ع اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِقَوْلِهِمَا أَوْ أَسْلَمْت إلَيْك إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) أَيْ وَإِنْ عُلِمَ بِالْفَسَادِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ هُنَا وَفِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ بَقِيَّةِ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحُوهُ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ) الَّذِي بَنَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ عَلَى كَوْنِهِ شَرِيكًا إنَّمَا هُوَ اسْتِحْقَاقُهُ فِي الثَّمَرَةِ مُطْلَقًا، قَالَا: لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْعَامِ حَادِثَةٌ عَلَى مِلْكِهِمَا.
وَعِبَارَةُ الْقُوتِ: وَأَمَّا حُدُوثُ الطَّلْعِ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَفِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ أَنَّهَا إذَا طَلَعَتْ بَعْدَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ وَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْعَامِ حَادِثَةٌ عَلَى مِلْكِهِمَا وَلَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: الْعَامِلُ أَجِيرٌ فَعَلَى هَذَا لَا حَقَّ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بَلْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ أَوْ أَجِيرٌ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ الصِّيَغِ أَوْ فِي الصِّيغَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ لَفْظَ كَذَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَمَا وَجْهُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إلَى آخِرِهِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: إنَّ الظِّهَارَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَصَوُّرُهُ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ