للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّ الْأَمَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حُمِلَ عَلَى الْكِنَايَةِ بِإِرَادَةِ الْمُكَلَّفِ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَأَمَّا لَفْظُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً بِأَنْ يُذْكَرَ عِوَضًا مَعْلُومًا، فَعُدُولُ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْعِوَضِ الصَّحِيحِ إلَى الْفَاسِدِ دَلِيلُ الْإِلْغَاءِ، وَلَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى حَمْلِهِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ، وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْفَسَادِ فَلَا يُمْكِنُ إعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ إمْكَانِ تَصْحِيحِهِ إجَارَةً. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الصَّرِيحِ فِي بَابٍ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ الْعَقْدُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ (وَيُشْتَرَطُ) (الْقَبُولُ) بِاللَّفْظِ مُتَّصِلًا كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَلِهَذَا اُعْتُبِرَ فِي الصِّيغَةِ هُنَا مَا مَرَّ فِيهَا ثَمَّ إلَّا عَدَمَ التَّأْقِيتِ، وَتَصِحُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ وَبِكِتَابَةٍ بِالنِّيَّةِ (دُونَ تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ) فَلَا يُعْتَبَرُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ عَقَدَهَا بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَّا فِي لَفْظِهَا (وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ) فِيهَا إذْ الْمَرْجِعُ فِيمَا لَا ضَابِطَ لَهُ شَرْعًا وَلَا لُغَةً إلَيْهِ، هَذَا إنْ كَانَ عُرْفٌ غَالِبٌ وَعَرَفَاهُ وَإِلَّا وَجَبَ التَّفْصِيلُ جَزْمًا.

(وَعَلَى الْعَامِلِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ عَمَلُ (مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِصَلَاحِ الثَّمَرَةِ وَاسْتِزَادَتُهُ) (مِمَّا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَسَقْيٍ) إنْ لَمْ يَشْرَبْ بِعُرُوقِهِ وَيَدْخُلُ فِي السَّقْيِ تَوَابِعُهُ كَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَفَتْحِ رَأْسِ السَّاقِيَّةِ وَسَدِّهَا عِنْدَ السَّقْيِ (وَتَنْقِيَةِ نَهْرٍ) أَيْ مَجْرَى الْمَاءِ مِنْ طِينٍ وَغَيْرِهِ (وَإِصْلَاحِ الْأَجَابِينِ) وَهِيَ الْحُفَرُ حَوْلَ النَّخْلِ (الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الْمَاءُ) شُبِّهَتْ بِالْإِجَّانَةِ الَّتِي يُغْسَلُ فِيهَا (وَتَلْقِيحٍ) وَهُوَ وَضْعُ بَعْضِ طَلْعِ ذَكَرٍ عَلَى طَلْعِ أُنْثَى، وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ لِكَوْنِهَا مِنْ تَحْتِ رِيحِ الذُّكُورِ فَتَحْمِلُ الْهَوَاءُ رِيحَ الذُّكُورِ إلَيْهَا (وَتَنْحِيَةِ) أَيْ إزَالَةِ (حَشِيشٍ) وَلَوْ رَطْبًا وَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ لُغَةً وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ الْيَابِسُ (وَقُضْبَانِ مَضَرَّةٍ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِنَا مَا عَلَيْهِ بِالْعَمَلِ عَدَمُ وُجُوبِ عَيْنٍ عَلَيْهِ أَصْلًا فَنَحْوُ طَلْعٍ يُلَقَّحُ بِهِ وَقَوْصَرَّةٍ تَحْفَظُ الْعُنْقُودَ عَنْ الطَّيْرِ عَلَى الْمَالِكِ (وَتَعْرِيشٍ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ) فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِيَمْتَدَّ عَلَيْهِ الْكَرْمُ وَوَضْعُ حَشِيشٍ عَلَى الْعَنَاقِيدِ صَوْنًا لَهَا عَنْ الشَّمْسِ عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَكَذَا حِفْظُ الثَّمَرِ) عَلَى الشَّجَرِ مِنْ سُرَّاقٍ وَطَيْرٍ وَزُنْبُورٍ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ) أَيْ بِأَنْ يُمْكِنَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ بِالنِّيَّةِ أَيْ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَقَدَهَا) أَشَارَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا عَقَدَ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ اشْتَرَطَ تَفْصِيلَ الْأَعْمَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطْ أَخْذًا مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ الْعُرْفُ.

(قَوْلُهُ: بِعُرُوقِهِ) أَيْ وَهُوَ الْبَعْلِيُّ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي السَّقْيِ) كَأَنَّهُ حَمَلَ السَّقْيَ عَلَى إدَارَةِ الدُّولَابِ مَثَلًا وَجَعَلَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ تَوَابِعَ، وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى دُخُولِ التَّوَابِعِ فِي السَّقْيِ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُهَا (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرُّطَبِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى كَلَأً كَمَا يُسَمَّى بِهِ الْيَابِسُ (قَوْلُهُ: فَنَحْوُ طَلْعٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَكْسَ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْأَصْحَابِ وَأَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مِنْ جِهَةِ طَرْدِهَا لَا مِنْ جِهَةِ عَكْسِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الْبَيْعَ مَثَلًا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوْ الطَّلَاقِ مَثَلًا فَلَوْ كَانَ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ مُرَادًا لَصَحَّ الْبَيْعُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَحِينَئِذٍ فَإِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ مُنْدَفِعٌ مِنْ أَصْلِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ) الْأَوْلَى صِيَانَةً لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً إلَّا بِأَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا مَعْلُومًا) كَذَا فِي نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ، وَالْأَنْسَبُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِمَّا نَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً بِأَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَنَّهُ يَقْبَلُهُ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْبَلْهُ لِعَارِضٍ كَعُدُولِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَارَّتَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سِيَاقِهِ

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِنَا مَا عَلَيْهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلَّا أَخَّرَ هَذَا عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَى الْعَامِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>