للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِلْجَهْلِ بِهَا إذْ ذَاكَ، وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْمَرْأَةِ اسْتِئْجَارُ شَاةٍ مَثَلًا لِإِرْضَاعِ طِفْلٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ سَخْلَةٍ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ مَعَ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِضِرَابِ الْفَحْلِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ.

(وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَيْضًا (كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ) مَعْلُومَةً كَمَا يَأْتِي (مُتَقَوِّمَةً) أَيْ لَهَا قِيمَةٌ لِيَحْسُنَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابِلَتِهَا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَوْ خَسِيسَةً كَانَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا سَفَهًا، وَكَوْنُهَا وَاقِعَةً لِلْمُكْتَرِي وَكَوْنُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا غَيْرَ مُتَضَمِّنٍ لِاسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا كَاسْتِئْجَارِ بُسْتَانٍ لِثَمَرَتِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ لِإِرْضَاعِهِ، وَكَوْنُهَا تُسْتَوْفَى مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَكَوْنُهَا مُبَاحَةً مَمْلُوكَةً مَقْصُودَةً لَا كَتُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الرَّيَاحِينِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ نَازَعَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَوْنُهَا تُضْمَنُ بِالْبَدَلِ لَا كَكَلْبٍ وَتُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لَا كَبُضْعٍ وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْقُيُودِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِهِ (فَلَا يَصِحُّ) (اسْتِئْجَارُ بَيَّاعٍ عَلَى كَلِمَةٍ) وَمُعَلِّمٍ عَلَى حُرُوفٍ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا تُتْعِبُ) قَائِلَهَا عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَبِ بِتَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى مَا لَا تَعَبَ فِيهِ فَتَعَبُهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَفُسِّرَ بِأَنْ تَجْعَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ) أَيْ وَقْتَ الْفِطَامِ (قَوْلُهُ: شَاةٍ مَثَلًا) أَيْ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ لِلِانْتِفَاعِ بِمَائِهَا حَجّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْحَاجَةِ) وَلِأَنَّهَا لَا تَنْقَادُ لِلْإِرْضَاعِ، بِخِلَافِ الْهِرَّةِ فَإِنَّهَا تَنْقَادُ بِطَبْعِهَا لِصَيْدِ الْفَأْرِ فَصَحَّ اسْتِئْجَارُهَا لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْ طُرُقِ اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةً لِلْهِرَّةِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَالِكٍ لَهَا وَيَتَعَهَّدُهَا بِالْحِفْظِ وَالتَّرْبِيَةِ فَيَمْلِكُهَا بِذَلِكَ كَالْوُحُوشِ الْمُبَاحَةِ حَيْثُ تَمَلُّكُهَا بِالِاصْطِيَادِ.

(قَوْلُهُ: كَاسْتِئْجَارِ بُسْتَانٍ) أَيْ وَلَا اسْتِئْجَارَ أَرْضٍ لِنَحْوِ جُدْرَانِهَا وَيَأْخُذُ مَا فِيهَا مِنْ الْآلَاتِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْأَعْيَانُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ حَفَرَ لِلتَّوَصُّلِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَ لَهَا فَوَجَدَ فِي الْأَرْضِ أَحْجَارًا مَدْفُونَةً أَوْ أُصُولَ جُدْرَانٍ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ إنْ كَانَتْ مِلْكًا وَلِجِهَةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَتْ وَقْفًا فَعَلَيْهِ دَفْعُهَا لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَمْ يَعْرِضْ عَنْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تُمَلَّكُ إلَّا بِعَقْدٍ أَوْ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغُصُوبِ، وَقَوْلُهُ لِثَمَرَتِهِ: أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ) أَيْ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ نَحْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَازَعَهُ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَبِ) أَيْ وَفِعْلُهَا مَعَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ وَاحْتَاجَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا إلَى تَرَدُّدٍ. وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ لِآخَرَ بَيْضًا يَخْدُمُهُ إلَى أَنْ يُفَرِّخَ وَقَالَ لَهُ لَك مِنْهُ كَذَا هَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِهِ حَالًّا صَحَّ وَاسْتَحَقَّهُ شَائِعًا وَإِلَّا كَانَ إجَارَةً فَاسِدَةً فَالْمُفَرَّخُ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْمَقُولِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُوَ تَابِعٌ فِيهِ أَيْضًا لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا وَاقِعَةً لِلْمُكْتَرِي) أَيْ: أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْعِبَادَةُ الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ) صَوَابُهُ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهَا لِارْتِضَاعِ نَحْوِ طِفْلٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا مُبَاحَةً) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُتَقَوِّمَةً وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ هُوَ بِهَا الْمُحَرَّمَةَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِقَاءِ التَّعَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الظَّرْفَ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِهِ إلَّا لَفْظُ اسْتِئْجَارٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَعْنَى: لَوْ اسْتَأْجَرَ، وَالْحَالُ أَنَّ التَّعَبَ مُنْتَفٍ: أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا وَقْتَ الْإِيجَارِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِ التَّعَبُ بَلْ كَانَ مَوْجُودًا: أَيْ مَعْلُومًا عِنْدَ الْإِيجَارِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَعَلُّقِ الظَّرْفِ بِاسْتِئْجَارٍ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ؛ لِأَنَّ التَّعَبَ إذَا كَانَ مَعْلُومًا فَهُوَ صُورَةُ الصِّحَّةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَحَيْثُ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ تَعِبَ بِكَثْرَةِ تَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ.

فَجَعَلَ التَّعَبَ أَمْرًا عَارِضًا، وَالصُّورَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>