للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ فِيهَا الْإِبْدَالُ فَإِنْ امْتَنَعَ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَالْمُعَيَّنُ عَمَّا فِيهَا لَيْسَ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ فَيَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ التَّعْيِينُ لَا أَصْلُ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إجَارَةُ عَيْنٍ مُقَدَّرَةٍ بِعَمَلٍ فَلَا تَنْفَسِخُ بِنَحْوِ غَصْبِهِ، بَلْ يَسْتَوْفِيهِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ كَثَمَنٍ حَالٍّ آخَرَ قَبَضَهُ، وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ بِتَفْرِيطِ الْمُكْتَرِي فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ وَيَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا غَصَبَهَا مِنْ الْمَالِكِ، أَمَّا لَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا خِيَارَ وَلَا فَسْخَ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْغَزِّيِّ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ، وَأَمَّا غَصْبُ الْمُؤَجِّرِ لَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَيَفْسَخُهَا كَمَا يَأْتِي، وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ اكْتَرَى لِحَمْلِ مَرِيضٍ مِنْ نَحْوِ الطَّائِفِ إلَى مَكَّةَ وَقَدْ عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ فَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ مَيِّتًا إلَيْهَا؟ وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ نَصٍّ لِلْبُوَيْطِيِّ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ أَثْقَلُ مِنْ الْحَيِّ أَنَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِ حَيٍّ مَسَافَةً مَعْلُومَةً فَمَاتَ فِي أَثْنَائِهَا وَأَرَادَ وَارِثُهُ نَقْلَهُ إلَيْهَا وَجَوَّزْنَاهُ كَأَنْ كَانَ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَأُمِنَ تَغْيِيرُهُ أَنَّ لَهُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِطُرُوِّ مَا هُوَ كَالْعَيْبِ فِي الْمَحْمُولِ وَهُوَ زِيَادَةُ ثِقَلِهِ حِسًّا أَوْ مَعْنًى عَلَى الدَّابَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ النَّوْمُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ النَّوْمِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ، وَلَا يُعَارِضُ قَوْلُهُمْ بِانْفِسَاخِهَا بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ تَارَةً عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَبِعَدَمِهِ أُخْرَى، ثُمَّ إنْ عُيِّنَ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَ أُبْدِلَ جَوَازًا، وَإِنْ عُيِّنَ بَعْدَهُ وَتَلِفَ أُبْدِلَ وُجُوبًا بِرِضَا الْمُكْتَرِي لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إنَّ الْغَصْبَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَكَيْفَ تَكْتُبُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، فَنَهَرْت التِّلْمِيذَ فَرَجَعَ لِشَيْخِهِ وَجَاءَنِي بِمَتْنِ الْمِنْهَاجِ فَذَكَرْت لَهُ أَنَّ مَتْنَ الْمِنْهَاجِ لَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ مِنْهُ إلَّا لِلْعَارِفِ. وَمَعْنَى مَتْنِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا أُزِيلَتْ يَدُهُ وَبَقِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَقَدْ اسْتَبْعَدَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُبُوتَ الْخِيَارِ إذَا اسْتَغْرَقَ الْغَصْبُ جَمِيعَ الْمُدَّةِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ كَتَبُوا مُخَالِفًا لِمَا كَتَبْت رَجَعَ وَاعْتَرَفَ بِالْخَطَأِ، وَغَالِبُ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى أَحَدٍ وَإِنَّمَا أُخِذَ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَقِ، وَالْفَقِيرُ إنَّمَا أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ مُحَقِّقِ الْعَصْرِ كَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَالشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَالشَّيْخِ نُورِ الدِّينِ الطَّنْدَتَائِيِّ وَالشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيِّ حَافِظِ الْعَصْرِ، وَقَدْ كَتَبَ لِي فِي الْإِجَارَةِ أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا، وَكَانَ مِنْ أَرْبَابِ الْأَحْوَالِ يَتَصَرَّفُ فِي الْكَوْنِ جِهَارًا وَالْفَقِيرُ لَهُ عَلُوفَةٌ تَكْفِيهِ وَلَيْسَ مُحْتَاجًا لِشَيْءٍ مِنْ الْوَظَائِفِ جَزَاكُمْ اللَّهُ خَيْرًا وَأَحْسَنَ إلَيْكُمْ اهـ. هَكَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ عَبْدُ الْبَرِّ الْأُجْهُورِيُّ (قَوْلُهُ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ

(قَوْلُهُ: لَا أَصْلَ الْعَقْدِ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ بِتَفْرِيطِ الْمُكْتَرِي) يُتَأَمَّلُ صُورَةُ تَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَنَّ الْغَصْبَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا حَتَّى غُصِبَتْ وَلَوْ تَسَلَّمَهَا لَمْ تُغْصَبْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ إلَخْ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَبِيعٌ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ وَتَلِفَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) إطْلَاقُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْفَسْخِ وَالْخِيَارِ سَوَاءٌ كَانَ الْغَصْبُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْغَصْبِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَلَوْ مَعَ التَّفْرِيطِ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ إذَا فَرَّطَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ زِيَادَةُ ثِقَلِهِ) قِيلَ يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الشَّهِيدِ، أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ حَيٌّ وَقَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ بِأَنَّ حَيَاتَهُ لَيْسَتْ حِسِّيَّةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَثْقُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ الْحِسِّيِّ وَإِنْ كَانَ حَيًّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْخِيَارِ وَإِلَّا فَالْمَسْأَلَةُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا خِلَافٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ نَصٍّ لِلْبُوَيْطِيِّ إلَخْ) رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا الْأَخْذَ وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ جَوَابٌ لِلشِّهَابِ حَجّ، وَهُوَ الَّذِي سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>