للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَفْهَمَ فَرْضُهُ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ أَجَّرَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ عَلَى وَارِثٍ أَعْتَقَ قَطْعًا إذْ لَمْ يُنْقَضْ مَا عَقَدَهُ، وَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِعَيْبٍ مَلَكَ مَنَافِعَ نَفْسِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَقِلًّا، وَالْمُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ لِزَيْدٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَرَدَّ زَيْدٌ الْوَصِيَّةَ رُجُوعُ الْمَنَافِعِ لِلْوَرَثَةِ، فَلَوْ أَجَّرَ دَارِهِ ثُمَّ وَقَفَهَا ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ رَجَعَتْ لِلْوَاقِفِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تُسْتَوْفَى مِنْهُ قَهْرًا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْعَمَلِ

(وَيَصِحُّ بَيْعُ) الْعَيْنِ (الْمُسْتَأْجَرَةِ) حَالَ الْإِجَارَةِ (لِلْمُكْتَرِي) قَطْعًا لِانْتِفَاءِ الْحَائِلِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ غَاصِبِهِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ (وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْمِلْكُ عَلَى الرَّقَبَةِ فَلَا مُنَافَاةَ. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الرَّقَبَةَ حَدَثَتْ الْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا تُسْتَوْفَى الْإِجَارَةُ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُشْتَرِي مَا كَانَ لِلْبَائِعِ وَالْبَائِعُ حِينَ الْبَيْعِ مَا كَانَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلزَّوْجِ (فَلَوْ) (بَاعَهَا لِغَيْرِهِ) أَوْ وَقَفَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ أَوْصَى بِهَا وَقَدْ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ بِزَمَنٍ (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُكْتَرِي لِمَا مَرَّ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَوْرِدَيْنِ، وَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ لَا تُعَدُّ حَائِلَةً فِي الرَّقَبَةِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُمْنَعْ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسَلُّمِهَا لَحْظَةً لَطِيفَةً لِيَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْيَسِيرُ لِلضَّرُورَةِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ حَائِلَةٌ عَنْ التَّسْلِيمِ بِحَقٍّ لَازِمٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ بَعْدَ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَارِثٍ أُعْتِقَ) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِعَيْبٍ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ عَلَى السَّيِّدِ أَوْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَجَّرَ دَارِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ أَجَّرَ إلَخْ، لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: رَجَعَتْ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَاقِفِ، اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ حَيْثُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَلَا تَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِمَا صُورَتُهُ: وَيُفَارِقُ: أَيْ مِلْكُ الْعَتِيقِ مَنَافِعَ نَفْسِهِ نَظِيرَهُ الْآتِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ شَرِكَ بَيْنَهُمَا الْمُتَوَلِّي فِي الْبِنَاءِ الْآتِي، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحَ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرَّبًا بِهِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفًا إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعَتِيقِ لَهُ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْعِتْقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِمَا لَا يَشْفِي، وَمِنْ نَحْوِ الْبَيْعِ الْوَقْفُ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَتَشَوَّفْ إلَيْهِ تَشَوُّفَهُ لِلْعِتْقِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْخِلَافُ فِي مِلْك الْمَوْقُوفِ، وَكَتَبَ أَيْضًا " قَوْلُهُ رَجَعْت لِلْوَاقِفِ " أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَاقِفِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْإِجَارَةِ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ، وَاَلَّذِي أَوْرَدَ عَقْدَ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْعَيْنُ وَلَيْسَتْ مُتَعَلَّقَ الْإِجَارَةِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. نَعَمْ يُشْكَلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ إجَارَةِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا الشَّبِيهَةُ بِبَيْعِ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِ الْأَمَةِ) يُتَأَمَّلُ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي النِّكَاحِ وَارِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا إذْ الزَّوْجُ لَا يَمْلِكُهَا بَلْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَمْنَعْ الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ: بَعْدَ الْعِتْقِ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) الْجَامِعُ بَيْنَ هَذَا وَمَسْأَلَتِنَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ بَيْعُ الشَّخْصِ مَا لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ لِمَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الرَّقَبَةَ حَدَثَتْ الْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجَارَةُ، وَإِلَّا فَالْمَنَافِعُ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>