للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَانَتْ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ.

وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ كَثِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ تَوَقَّفَ قَبْضُهَا عَلَى تَفْرِيغِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، أَمَّا إذَا قُدِّرَتْ بِعَمَلٍ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي الْفَرَجِ الْبَزَّارِ وَإِنْ تَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ قَطْعًا، بَلْ تَبْقَى فِي يَدِ الْمُكْتَرِي إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِهَا، فَإِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي تَخَيَّرَ وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَسَوَاءٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ أَكَانَ جَاهِلًا بِالْمُدَّةِ أَمْ عَالِمًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَإِنْ أَجَازَ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عَادَتْ الْمَنَافِعُ لِلْبَائِعِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لَوْ اشْتَرَى الرَّقَبَةَ ثُمَّ بَاعَهَا انْتَقَلَتْ بِمَنَافِعِهَا لِلْمُشْتَرِي، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُدَّةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ فَتَنْتَقِلُ بِجَمِيعِ مَنَافِعِهَا لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي لَهُ بِالْإِجَارَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَوْ أَجَّرَ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَجَّرَ لِآخَرَ قَبْلَ وُقُوعِ التَّخْيِيرِ السَّابِقِ نَظِيرُهُ فِي الْعَارِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَضُرُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ الْبِنَاءَ أَوْ الشَّجَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِبَقَاءِ احْتِرَامِ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ.

وَيَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُضِرِّ سَوَاءٌ أَخَصَّهُ بِالْعَقْدِ أَمْ لَمْ يَخُصَّهُ، وَكَانَ التَّوْزِيعُ عَلَى الْمُضِرِّ وَغَيْرِهِ مُمْكِنًا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَصِحُّ إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا وَلَمْ يَسْتُرْهَا الْغِرَاسُ، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ أَجَّرَ أَرْضَهُ مُدَّةً بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعِ فَاسْتَوْلَى آخَرُ وَزَرَعَ عُدْوَانًا بِحُلُولِ الْأُجْرَةِ بِمَوْتِهِ وَعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، هَذَا إنْ لَمْ يَضَعْ الْمُتَعَدِّي يَدَهُ وَإِلَّا ارْتَفَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَفْرِيغِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ رَضِيَ بِتَفْرِيغِهَا وَاحْتَاجَ التَّفْرِيغُ إلَى أُجْرَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ التَّفْرِيغِ تَعُودُ إلَيْهِ لِانْتِفَاعِهِ بِإِزَالَةِ الضَّمَانِ عَنْهُ وَاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَقَّفَ قَبْضُهَا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلَ لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ هُنَا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَتْ مُدَّةُ التَّفْرِيغِ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَوْ فِيهَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَيُؤَخِّرُ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْعَيْنِ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَهْرًا عَلَيْهِ حَيْثُ اشْتَرَى عَالِمًا بِكَوْنِهَا مُؤَجَّرَةً فَقَدْ رَضِيَ بِبَقَائِهَا فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي الْفَرَجِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ أَبِي الْفَرَجِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) يُتَأَمَّلُ كَوْنُ ذَلِكَ مُؤَيِّدًا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ تَأْيِيدُهُ لِلثَّانِي: أَيْ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ) أَيْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُضِرِّ) أَيْ وَيُتَخَيَّرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ الْمُحَقِّقِ الْجَلَالِ: لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ فِي الْبَيْعِ لِلرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي تَخَيَّرَ وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَ وَلَوْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ عِنْدَ جَهْلِ الْمُدَّةِ انْتَهَتْ. فَقَوْلُهُ: وَلَوْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ غَايَةٌ فِي الْجَهْلِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَهِمَ مِنْهَا غَيْرَ الْمُرَادِ فَتَصَرَّفْ فِيهَا بِمَا تَرَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ) صَوَابُهُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ إذْ الْجَهْلُ بِالْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّعْمِيمُ بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ تَخَيَّرَ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى. وَقَالَ الشَّاشِيُّ: لَا يَتَخَيَّرُ فَلَوْ انْفَسَخَتْ إلَخْ، فَآخِرُ الْعِبَارَةِ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، إذْ لَا يَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلِمَهَا إلَخْ غَايَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْهَاءً لِلْمُشْتَرِي نَصُّهَا: وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ ثُمَّ بَاعَهَا فَهَلْ تَدْخُلُ الْمَنْفَعَةُ فِي الْبَيْعِ؟ اخْتَلَفَ فِيهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ إلَخْ. وَأَمَّا مَا فِي الشَّارِحِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُقُوعِ التَّخْيِيرِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ بَعْدَهُ إذَا اخْتَارَ الْإِبْقَاءَ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>