للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُسْتَحَبُّ التَّمَلُّكُ بِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي» أَيْ طُلَّابُ الرِّزْقِ مِنْهَا «فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ» وَهُوَ (الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تَعْمُرْ قَطُّ) أَيْ لَمْ يُتَيَقَّنْ عِمَارَتُهَا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَيْسَتْ مِنْ حُقُوقِ عَامِرٍ وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ تِلْكَ الْأَرْضُ (إنْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلِلْمُسْلِمِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا كَمَجْنُونٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَمُرَادُهُمَا بِذَلِكَ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ كَمَا يَأْتِي (تَمَلَّكَهَا بِالْإِحْيَاءِ) وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ، وَعَبَّرَ بِذَلِكَ الْمُشْعِرُ بِهِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ. نَعَمْ لَوْ حَمَى الْإِمَامُ لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ مَوْضِعًا مِنْ الْمَوَاتِ فَأَحْيَاهُ شَخْصٌ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَلَوْ تَحَجَّرَ مُسْلِمٌ مَوَاتًا وَلَمْ يَتْرُكْ حَقَّهُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَسْقُطُ فِيهَا حَقُّهُ لَمْ يَحِلَّ لِمُسْلِمٍ تَمَلُّكُهُ وَإِنْ كَانَ لَوْ فَعَلَ مَلَكَهُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ التَّمَلُّكُ بِهِ) أَيْ بِالْإِحْيَاءِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ فِيهَا: أَيْ فِي إحْيَائِهَا أَجْرٌ: أَيْ ثَوَابٌ (قَوْلُهُ: طُلَّابَ الرِّزْقِ) أَيْ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ طَيْرٍ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ لَهُ الْإِحْيَاءُ لِأَنَّ الْأَجْرَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُسْلِمٍ اهـ إسْعَادٌ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ.

أَقُولُ: وَقَدْ يَمْنَعُ دَلَالَتُهُ عَلَى مَنْعِ إحْيَاءِ الذِّمِّيِّ، وَقَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ التَّخْصِيصُ بِالْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَهُ الصَّدَقَةُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا، إمَّا فِي الدُّنْيَا مِنْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَالْبَنِينَ، أَوْ فِي الْآخِرَةِ بِتَخْفِيفِ الْعَذَابِ كَبَاقِي الْمَطْلُوبَاتِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، بِخِلَافِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ خُصُوصًا وَالتَّخْصِيصُ بِالْمُسْلِمِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِحُّ إحْيَاؤُهُ وَهُوَ فَاسِدٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِبِلَادِ كُفَّارٍ إلَخْ، وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْوَارِدَةُ بِعُمُومِهَا تَشْمَلُ الْكُفَّارَ فَإِنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ كَانَ التَّخْصِيصُ فِي الْخَبَرِ مُرَادًا لَقِيلَ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ تَأَمَّلْ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّوَابُ الْجَزَاءُ، وَأَثَابَهُ اللَّهُ فَعَلَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْأَلِفِ مَعَ الْجِيمِ أَجَرَهُ اللَّهُ أَجْرًا مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ وَآجَرَهُ بِالْمَدِّ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ إذَا أَثَابَهُ اهـ. فَلَمْ يُقَيِّدْ مَا يُسَمَّى ثَوَابًا بِجَزَاءِ الْمُسْلِمِ فَاقْتَضَى أَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ جَزَاءً يُسَمَّى ثَوَابًا وَأَجْرًا سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَيَقَّنْ عِمَارَتَهَا) يَدْخُلُ فِيهِ مَا تَيَقَّنَ عَدَمَ عِمَارَتِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا شَكَّ فِيهِ وَسَيَأْتِي عَدَمُ جَوَازِ إحْيَائِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ هَلْ هِيَ جَاهِلِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ) كَحَافَّاتِ الْأَنْهَارِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا) أَيْ بِشَرْطِ تَمْيِيزِهِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَجْنُونٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِ حَجّ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ شَامِلٌ لِصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ اهـ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا سِيَاتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَمَا لَا يُفْعَلُ عَادَةً إلَّا لِتَمَلُّكٍ إلَخْ أَنَّ مَحِلَّ مِلْكِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ بِالْإِحْيَاءِ حَيْثُ كَانَ الْمُحْيِي مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدٍ كَالدُّورِ، وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ اهـ. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَهُوَ لِمَنْ وَقَعَ الْإِحْيَاءُ فِي نَوْبَتِهِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُ سَيِّدِهِ أَوْ هُوَ عَلَى قَصْدٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهِ، بَلْ مَتَى أَحْيَا مَالًا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدٍ أَوْ قَصْدِ التَّمَلُّكِ فِيمَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدٍ كَالْآبَارِ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذَكَرَ

(قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَا لَا يُفْعَلُ عَادَةً إلَّا لِتَمَلُّكٍ كَبِنَاءِ دَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ الْإِحْيَاءِ، وَقَوْلُهُ الْقَصْدُ: أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي أَيْضًا، وَقَوْلُهُ وَعَبَّرَ بِذَلِكَ: أَيْ التَّمَلُّكِ: وَقَوْلُهُ الْمُشْعَرِ بِهِ: أَيْ بِالْقَصْدِ، وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهِ: أَيْ التَّمَلُّكِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَتْرُكْ حَقَّهُ: أَيْ لَمْ يُتَيَقَّنْ تَرْكُهُ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَجْمَعُوا إلَّا عَلَى مُطْلَقِ الْإِحْيَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا (قَوْلُهُ: الْمُشْعِرِ بِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>