للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْجَوَازِ لَا عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا إيرَادَ (وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ تَمَلُّكُ ذَلِكَ (لِذِمِّيٍّ) وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ بِالْأَوْلَى، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مُرْسَلًا «عَادِيُّ الْأَرْضِ» أَيْ قَدِيمُهَا، وَنُسِبَ لِعَادٍ لِقِدَمِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ «لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي» وَإِنَّمَا جَازَ لِكَافِرٍ مَعْصُومٍ نَحْوُ احْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ بِدَارِنَا لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ تَغْلِبُ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَتْ) تِلْكَ الْأَرْضُ (بِبِلَادِ كُفَّارٍ فَلَهُمْ إحْيَاؤُهَا) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ دَارِهِمْ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْنَا فِيهِ (وَكَذَا لِمُسْلِمٍ إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَذُبُّونَ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا: أَيْ يَدْفَعُونَ (الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا) كَمَوَاتِ دَارِنَا بِخِلَافِ مَا يَذُبُّونَ عَنْهُ، وَقَدْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ فَلَيْسَ لَهُ إحْيَاؤُهُ.

أَمَّا مَا كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَمَلُّكُ عَامِرِهَا فَمَوَاتُهَا بِالْأَوْلَى وَلَوْ لِغَيْرِ قَادِرٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهَا، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالِاسْتِيلَاءِ فَقَطْ إذْ لَا يُمْكِنُ زِيَادَتُهُ عَلَى مَوَاتِ الْإِسْلَامِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَلَعَلَّ ذِكْرَهُمْ لِلْإِحْيَاءِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ مِلْكُهُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ بِقَصْدِ تَمَلُّكِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ فِي السِّيَرِ اهـ غَيْرُ سَدِيدٍ، فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَالْمُتَحَجِّرِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْعَامِرَ إذَا مَلَكَ بِذَلِكَ فَالْمَوَاتُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ (وَمَا) عُرِفَ أَنَّهُ (كَانَ مَعْمُورًا) فِي الْمَاضِي وَإِنْ كَانَ الْآنَ خَرَابًا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ خَصَّهُ الشَّارِحُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ (فَلِمَالِكِهِ) إنْ عُرِفَ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ نَحْوَهُ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا نَعَمْ مَا أَعْرَضَ عَنْهُ الْكُفَّارُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْأَمْلَاكُ لَا تَزُولُ بِالْأَعْرَاضِ إذْ مَحِلُّهُ فِي أَمْلَاكِ مُحْتَرَمٍ.

أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَمِلْكُهُ مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ فَيَزُولَ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فَيْئًا أَوْ غَنِيمَةً لِأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِلْكُ الْحَرْبِيِّ بَاقِيًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَقَوْلُهُ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ: أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الصِّحَّةِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الصِّحَّةِ لَا عَلَى الْجَوَازِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلِلْمُسْلِمِ تَمْلِيكُهَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ عُمُومَهُ يَتَنَاوَلُ مَا يَحْجُرُهُ الْغَيْرُ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ إحْيَاؤُهُ، فَإِذَا حُمِلَ عَلَى الصِّحَّةِ انْدَفَعَ الْإِيرَادُ لِأَنَّ الصِّحَّةَ قَدْ تَتَأَتَّى فِي الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: تَمَلُّكُ ذَلِكَ لِذِمِّيٍّ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْيَا ذَلِكَ لِلْإِرْفَاقِ لَا يُمْنَعُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا ازْدَحَمَ مَعَ مُسْلِمٍ فِي إرَادَةِ الْإِحْيَاءِ أَنْ يُقَدَّمَ السَّابِقُ وَلَوْ ذِمِّيًّا، فَإِنْ جَاءَا مَعًا قُدِّمَ الْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ، فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِدَارِ كُفْرٍ لَمْ يَذُبُّونَا عَنْ مَوَاتِهَا، وَقَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَحْيَا ذِمِّيٌّ أَرْضًا مَيْتَةً: أَيْ بِدَارِنَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ نُزِعَتْ مِنْهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، فَلَوْ نَزَعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ وَأَحْيَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ مَلَكَهَا، فَلَوْ زَرَعَهَا الذِّمِّيُّ وَزَهِدَ فِيهَا: أَيْ أَعْرَضَ صَرَفَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ فِي الْمَصَالِحِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهَا اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ دُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ بِمُجَرَّدِ زُهْدِهِ فِيهَا بِدُونِ تَمْلِيكٍ وَلَا تَمَلُّكٍ مِنْهُمْ وَلَا مِنْ نَائِبِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْله لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ اللَّهَ أَقْطَعَهُ أَرْضَ الدُّنْيَا كَأَرْضِ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ لِكَافِرٍ مَعْصُومٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْصُومِ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِدَارِنَا، وَأَنَّهُ إذَا فَعَلَ لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِبِلَادِ كُفَّارٍ) أَيْ أَهْلِ ذِمَّةٍ اهـ حَجّ.

وَيُؤْخَذُ التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا مَا كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا) اقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَارِ عَلَى الضَّمِّ فَلَعَلَّهُ الْأَفْصَحُ وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الشَّارِحِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَالَحْنَاهُمْ) هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، قَالَ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَرْضَ هُدْنَةٍ يَرَاهُ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فَيَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا) دَفَعْنَا عَنْهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ حَرْبِيًّا وَإِنْ مَلَكَ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) كَالْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ (قَوْلُهُ أَمْلَاكِ مُحْتَرَمٍ) أَيْ شَخْصٍ مُحْتَرَمٍ (قَوْلُهُ: فَيَزُولَ بِهِ) أَيْ الْإِعْرَاضُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مِلْكُ الْحَرْبِيِّ بَاقِيًا) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا جَلَوْا

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ بِالْقَصْدِ وَالْمُشْعِرُ هُوَ قَوْلُهُ: فَلِلْمُسْلِمِ تَمْلِيكُهَا (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْجَوَازِ) صَوَابُهُ: وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الصِّحَّةِ لَا عَلَى الْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ حَرْبِيًّا كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ سم، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَخْذَهُ غَايَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>