للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى اسْتِيلَائِنَا عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) مَالِكُهُ دَارًا كَانَ أَوْ قَرْيَةً بِدَارِنَا (وَالْعِمَارَةُ إسْلَامِيَّةٌ) يَقِينًا (فَمَالٌ ضَائِعٌ) يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مِنْ حِفْظِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ وَاسْتِقْرَاضِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ إنْ رُجِيَ وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ إقْطَاعُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الزَّكَاةِ فَقَالَ: لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ وَتَمْلِيكُهَا: أَيْ إذَا رَأَى مَصْلَحَةً سَوَاءً أَقْطَعَ رَقَبَتَهَا أَمْ مَنْفَعَتَهَا، لَكِنَّهُ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهَا مُدَّةَ الْإِقْطَاعِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَمَا فِي الْأَنْوَارِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَرْدُودٌ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ حُكْمُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ أَخْذِ الظَّلَمَةِ الْمُكُوسَ وَجُلُودَ الْبَهَائِمِ وَنَحْوَهَا الَّتِي تُذْبَحُ وَتُؤْخَذُ مِنْ مُلَّاكِهَا قَهْرًا وَتَعَذَّرَ رَدُّ ذَلِكَ لَهُمْ لِلْجَهْلِ بِأَعْيَانِهِمْ وَهُوَ صَيْرُورَتُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ فَيَحِلُّ بَيْعُهَا وَأَكْلُهَا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِنْ كَانَتْ) الْعِمَارَةُ (جَاهِلِيَّةً) وَجَهِلَ دُخُولَهَا فِي أَيْدِينَا (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَعْمُورُ (يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَنْهُ خَوْفًا مِنَّا فَإِنَّ اسْتِيلَاءَهُمْ عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ إلَى دُخُولِهِ فِي أَيْدِينَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُخَصَّ مَا هُنَا بِمَا تَرَكُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَا بِسَبَبِ الْمُسْلِمِينَ أَصْلًا، أَمَّا مَا تَرَكُوهُ لِذَلِكَ فَاسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَيْهِ بَاقٍ حُكْمًا حَتَّى لَوْ تَمَكَّنُوا مِنْ الرُّجُوعِ لَهُ وَأَمِنُوا اغْتِيَالَ الْمُسْلِمِينَ رَجَعُوا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَمْلِيكُهَا) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ فِي أَمَاكِنَ خَرِبَةٍ بِمِصْرِنَا جُهِلَتْ أَرْبَابُهَا وَأُيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ فَيَأْذَنَ وَكِيلُ السُّلْطَانِ فِي أَنَّ مَنْ عَمَرَ شَيْئًا مِنْهَا فَهُوَ لَهُ فَمَنْ عَمَرَ شَيْئًا مِنْهَا مَلَكَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُ الْمُحَيَّا مَسْجِدًا أَوْ وَقْفًا أَوْ مِلْكًا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ ظَهَرَ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَبَعْدَ ظُهُورِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَمَا فِي إعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الْأُجْرَةُ لِلْمَالِكِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ.

[فَرْعٌ] فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ: رَجُلٌ بِيَدِهِ رَزْقَةٌ اشْتَرَاهَا ثُمَّ مَاتَ فَوَضَعَ شَخْصٌ يَدَهُ عَلَيْهَا بِتَوْقِيعٍ سُلْطَانِيٍّ، فَهَلْ لِلْوَرَثَةِ مُنَازَعَتُهُ؟ الْجَوَابُ: إنْ كَانَ الرَّزْقَةُ وَصَلَّتْ إلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ بِأَنْ أَقْطَعَهُ السُّلْطَانُ إيَّاهَا، وَهِيَ أَرْضٌ مَوَاتٌ فَهُوَ يَمْلِكُهَا، وَيَصِحُّ مِنْهُ بَيْعُهَا وَيَمْلِكُهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهَا لَا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ أَقْطَعَهُ إيَّاهَا وَهِيَ غَيْرُ مَوَاتٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ الْآنَ فَإِنَّ الْمُقْطَعَ لَا يَمْلِكُهَا بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا بِحَسَبِ مَا يُقِرُّهَا السُّلْطَانُ وَلِلسُّلْطَانِ انْتِزَاعُهَا مَتَى شَاءَ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُقْطَعِ بَيْعُهَا، فَإِنْ بَاعَ فَفَاسِدٌ، وَإِذَا أَعْطَاهَا السُّلْطَانُ لِأَحَدٍ نَفَذَ وَلَا يُطَالَبُ اهـ.

وَأَقُولُ: مَا تَضَمُّنُهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ إقْطَاعَ السُّلْطَانِ لِغَيْرِ الْمَوَاتِ لَا يَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ مَمْنُوعٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا أَقْطَعَهُ غَيْرَ الْمَوَاتِ تَمْلِيكًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْرَى فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُجِيبُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ اهـ سَمِّ عَلَى حَجّ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ إقْطَاعُ تَمْلِيكٍ أَوْ إرْفَاقٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِأَعْيَانِهِمْ) أَمَّا لَوْ عُرِفَ مَالِكُوهَا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِمْ فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهَا وَلَا أَكْلُهَا.

نَعَمْ لِمَالِكِهَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ حَقُّهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَإِلَّا حُرِّمَ (قَوْلُهُ: فَيَحِلُّ بَيْعُهَا وَأَكْلُهَا) أَيْ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي يَدِ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: جَاهِلِيَّةً) أَيْ يَقِينًا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَجَهِلَ دُخُولَهَا فِي أَيْدِينَا لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّا تَيَقَّنَّا كَوْنَهَا فِي الْأَصْلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَاسْتِقْرَاضُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ: إرْفَاقًا بِقَرِينَةِ عَطْفِ وَتَمْلِيكُهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْطَاعُ يَشْمَلُ الْإِرْفَاقَ وَالتَّمْلِيكَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقْطَعَ رَقَبَتَهَا أَمْ مَنْفَعَتَهَا) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ رَدُّ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِأَعْيَانِهِمْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، فَلَيْسَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُمْ مَوْجُودُونَ، لَكِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي جُلُودِ الْبَهَائِمِ الْآنَ؛ إذْ حُكْمُهَا أَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَرْبَابِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>