للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذْ لَا حُرْمَةَ لِمِلْكِ الْجَاهِلِيَّةِ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوَاتٍ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِدَارِهِمْ وَذَبُّونَا عَنْهُ، وَقَدْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهُ لَهُمْ لَمْ يَمْلِكْ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ هَلْ هِيَ جَاهِلِيَّةٌ أَوْ إسْلَامِيَّةٌ، قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي: فَفِي ظَنِّيِّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا الْإِحْيَاءُ.

(وَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ حَرِيمٌ مَعْمُورٌ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمَالِكِ الْمَعْمُورِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَحْدَهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ كَمَا لَا يُبَاعُ شِرْبُ الْأَرْضِ وَحْدَهُ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ الْجَوَازِ كَكُلِّ مَا يَنْقُصُ قِيمَةَ غَيْرِهِ فَرَّقَ السُّبْكِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ فَلَا يُفْرَدُ (وَهُوَ) أَيْ الْحَرِيمُ (مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ) وَإِنْ حَصَلَ أَصْلُهُ بِدُونِهِ (فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ) الْمُحَيَّاةُ (النَّادِي) وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلتَّحَدُّثِ (وَمُرْتَكَضٌ) نَحْوُ (الْخَيْلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا خَيَّالَةً خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَقَدْ تَتَجَدَّدُ لَهُمْ أَوْ يَسْكُنُ الْقَرْيَةَ بَعْدَهُمْ مَنْ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ: مَكَانُ سَوْقِهَا (وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إبِلٌ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ: مَا يُنَاخُ فِيهِ (وَمَطْرَحُ الرَّمَادِ) وَالْقُمَامَاتِ وَالسِّرْجِينُ (وَنَحْوُهَا) كَمَرَاحِ الْغَنَمِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ وَطُرُقِ الْقَرْيَةِ، لِأَنَّ الْعُرْفَ مُطَّرِدٌ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَمِنْهُ مَرْعَى الْبَهَائِمِ إنْ قَرُبَ عُرْفًا مِنْهَا وَاسْتَقَلَّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَذَا إنْ بَعُدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

جَاهِلِيَّةً وَشَكَكْنَا فِي أَنَّهَا غُنِمَتْ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلُ أَوْ لَمْ تُغْنَمْ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّا بِعِمَارَتِهِ عَلِمْنَا سَبْقَ مِلْكِهِ وَشَكَكْنَا فِي مُزِيلِهِ، بِخِلَافِ مَا شُكَّ فِي أَصْلِ عِمَارَتِهِ فَيَجُوزُ إحْيَاؤُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِمَارَةِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَفِي ظَنِّي إلَخْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةٌ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا نَقَلَهُ سم مِنْ قَوْلِهِ فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ: إذَا شُكَّ فِي أَنَّ الْعِمَارَةَ إسْلَامِيَّةٌ أَوْ جَاهِلِيَّةٌ فَوَجْهَانِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي الرِّكَازِ الَّذِي جُهِلَ حَالُهُ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمَالِكِ الْمَعْمُورِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى أَحَدٌ بِالزِّرَاعَةِ أَوْ نَحْوِهَا فِيهِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَيَقْلَعُ مَا فَعَلَهُ مَجَّانًا، فَإِنْ رَضُوا بِبَقَائِهِ بِالْأُجْرَةِ فَقِيَاسُ مَنْعِ عَدَمِ بَيْعِهِ وَحْدَهُ عَدَمُ جَوَازِهِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ يُتَسَامَحُ فِيهَا بِمَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ فِي تَمْلِيكِ الْعَيْنِ، وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ اللَّازِمَةِ لَهُ إذَا أُخِذَتْ وُزِّعَتْ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِقَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَرِيمِ، وَاَلَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي الْحَرِيمِ أَرْبَابُ الْأَمْلَاكِ فَيَسْتَحِقُّ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ مِمَّا يُحَاذِي مِلْكَهُ مِنْ الْجَهَالَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا مِنْ الْقَرْيَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَحْدَهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ مَالِكَ الدَّارِ إحْدَاثُ حَرِيمٍ لَهَا كَالْمَمَرِّ عَلَى مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُبَاعُ شِرْبُ الْأَرْضِ) أَيْ نَصِيبُهَا مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مَا يَنْقُصُ قِيمَةَ غَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ مُنْفَصِلٌ كَأَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ إنَاءٍ أَوْ سَيْفٍ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، أَمَّا لَوْ اتَّسَعَ الْحَرِيمُ وَاعْتِيدَ طَرْحُ الرَّمَادِ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ، ثُمَّ اُحْتِيجَ إلَى عِمَارَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَعَ بَقَاءِ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَتَجُوزُ عِمَارَتُهُ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ عِمَارَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِتَمَامِهِ وَتَكْلِيفُهُمْ طَرْحَ الرَّمَادِ فِي غَيْرِهِ بِجِوَارِهِ وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ، لِأَنَّهُ بِاعْتِيَادِهِمْ الرَّمْيَ فِيهِ صَارَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ وَهَذَا يَقَعُ بِبِلَادِنَا كَثِيرًا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ، وَكَذَا يَجُوزُ الْغِرَاسُ فِيهِ لِمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ انْتِفَاعِهِمْ بِالْحَرِيمِ كَأَنْ غَرَسَ فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ بِحَيْثُ لَا يُفَوِّتُ مَنَافِعَهُمْ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْحَرِيمِ

(قَوْلُهُ: وَنَحْوَهَا) مِنْ الْجَرِينِ الْمُعَدِّ لِدِيَاسَةِ الْحَبِّ فَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يُعَطِّلُ مَنْفَعَتَهُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ، أَوْ يَنْقُصُهَا فَلَا يَجُوزُ زَرْعُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى زَرْعِهِ نَقْصُ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَقْتَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ كَأَنْ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَمَا فِي إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ الَّذِي مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي فَفِي ظَنِّي إلَخْ) مَا ظَنَّهُ هَذَا الْبَعْضُ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَوَالِدُهُ فِي تَصْحِيحِ الْعُبَابِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ يَقِينًا لَيْسَ بِقَيْدٍ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ أَصْلُهُ) أَيْ: أَصْلُ الِانْتِفَاعِ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَقَلَّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلرَّعْيِ، بِخِلَافِ مَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>