للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَسَّتْ حَاجَتُهُمْ لَهُ وَلَوْ فِي بَعْضِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمُحْتَطَبُ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ مَنْعُ الْمَارَّةِ مِنْ رَعْيِ مَوَاشِيهِمْ فِي مَرَاعِيهَا الْمُبَاحَةِ وَحَرِيمِ النَّهْرِ كَالنِّيلِ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ لَهُ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَمَا يُحْتَاجُ لِإِلْقَاءِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ فِيهِ لَوْ أُرِيدَ حَفْرُهُ أَوْ تَنْظِيفُهُ فَيَمْتَنِعَ الْبِنَاءُ فِيهِ وَلَوْ مَسْجِدًا وَيُهْدَمُ مَا بُنِيَ فِيهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِذَلِكَ فِي عَصْرِنَا حَتَّى أَلَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَأَطَالُوا لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ فَلَمْ يَنْزَجِرُوا، وَلَا يُغَيَّرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

خَلَلٌ مِنْ أَثَرِ الزَّرْعِ كَتَكْرِيبٍ يَمْنَعُ كَمَالَ الِانْتِفَاعِ الْمُعْتَادِ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ فِي مَرَاعِيهَا الْمُبَاحَةِ) قَدْ يَخْرُجُ الْمَرْعَى الْمَعْدُودِ مِنْ الْحَرِيمِ لِأَنَّ الْحَرِيمَ مَمْلُوكٌ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسْجِدًا وَيُهْدَمُ) أَيْ وَمَعَ وُجُوبِ هَدْمِهِ لَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِيهِ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِ أَنَّهَا صَلَاةٌ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْبِنَاءِ فَمَعَ وُجُودِهِ كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ خَدَمَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِمَّنْ لَهُ وَظِيفَةٌ فِيهِ كَقِرَاءَةٍ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُهُمْ الْمَعْلُومَ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفِ وَقَفًا صَحِيحًا، لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهُمَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَسْجِدٍ، وَاعْتِقَادُ الْوَاقِفِ صِحَّةَ وَقَفِيَّتِهِ مَسْجِدًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الشَّرْحِ، وَتَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْقَصْرِ مُجَاوَزَةُ مَحِلِّهِ فَهُوَ كَسَاحَةٍ بَيْنَ الدُّورِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. اهـ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا الِانْتِفَاعُ بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ كَحَافَّاتِهَا بِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالْأَثْقَالِ وَجَعْلِ زَرِيبَةٍ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ فِيهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ فِي سَاحِلِ بُولَاقَ وَمِصْرَ الْقَدِيمَةِ وَنَحْوِهَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ فَعَلَهُ لِلِارْتِفَاقِ بِهِ وَلَمْ يَضُرَّ بِانْتِفَاعِ غَيْرِهِ، وَلَا ضِيقَ عَلَى الْمَارَّةِ وَنَحْوِهِمْ وَلَا عُطْلَ أَوْ نَقْصَ مَنْفَعَةِ النَّهْرِ كَانَ جَائِزًا، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ انْتَفَعَ بِمَحِلٍّ انْكَشَفَ عَنْهُ النَّهْرُ فِي زَرْعٍ وَنَحْوِهِ.

وَالثَّانِي مَا يَحْدُثُ فِي خِلَالِ النَّهْرِ مِنْ الْجَزَائِرِ وَالْوَجْهِ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ امْتِنَاعُ إحْيَائِهَا لِأَنَّهَا مِنْ النَّهْرِ أَوْ حَرِيمِهِ لِاحْتِيَاجِ رَاكِبِ الْبَحْرِ وَالْمَارِّ بِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا لِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَالْمُرُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ هِيَ أَوْلَى بِمَنْعِ إحْيَائِهَا مِنْ الْحَرِيمِ الَّذِي يَتَبَاعَدُ عَنْهُ الْمَاءُ. وَقَدْ تَقَرَّرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِذَلِكَ م ر اهـ.

ثُمَّ هَلْ يَتَوَقَّفُ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى إذْنِ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَمْ يَسْتَقِلَّ مَرْعَى وَإِنْ كَانَتْ الْبَهَائِمُ تَرْعَى فِيهِ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْإِبْعَادِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسْجِدًا وَيُهْدَمُ) قَالَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ: وَمَعَ وُجُوبِ هَدْمِهِ لَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِ أَنَّهَا صَلَاةٌ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْبِنَاءِ فَمَعَ وُجُودِهِ كَذَلِكَ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ وَاضِعِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَقْفَ الْبِنَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْإِزَالَةَ.

وَبَقِيَ مَا إذَا مَاتَ الْوَاضِعُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ إذْنُ كُلِّ مَنْ آلَ إلَيْهِ إرْثُ ذَلِكَ أَوْ عَلِمَ رِضَاهُ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمِلْكِ بِالْوَضْعِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ يَنْبَغِي نَعَمْ كَذَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِمَّنْ لَهُ وَظِيفَةٌ فِيهِ كَقِرَاءَةٍ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُهُمْ الْمَعْلُومُ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفِ وَقْفًا صَحِيحًا لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهُمَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَسْجِدٍ، وَاعْتِقَادُ الْوَاقِفِ صِحَّةَ وَقْفِيَّتِهِ مَسْجِدًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الشَّرْطِ، وَتَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْقَصْرِ مُجَاوَزَةُ مَحَلِّهِ فَهُوَ كَسَاحَةٍ بَيْنَ الدُّورِ، قَالَ: فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ.

وَهُوَ جَدِيرٌ بِمَا ذَكَرَهُ لِنَفَاسَتِهِ، لَكِنْ قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُهُمْ الْمَعْلُومُ لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْطُ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَةَ مَا جُعِلَ الْمَعْلُومُ مِنْهُ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ قَدْ جَعَلَ الْمَعْلُومَ مِنْ أَمَاكِنَ جَعَلَهَا بِجَوَانِبِ الْمَسْجِدِ أَوْ أَسْفَلِهِ فِي الْحَرِيمِ أَيْضًا كَمَا هُوَ وَاقِعٌ كَثِيرًا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهِ؛ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ وَقْفِيَّتَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَنْ لَهُ الْمَعْلُومُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُ تَعَاطِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحَرِيمِ تُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا مَرَّ جَوَابُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَعَاطِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>