للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا الْحُكْمُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ الْمَاءُ بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ مِنْ حَرِيمِهِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ حَرِيمًا لَا يَزُولُ وَصْفُهُ بِزَوَالِ مَتْبُوعِهِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ (وَحَرِيمُ الْبِئْرِ) الْمَحْفُورَةِ (فِي الْمَوَاتِ) لِلتَّمَلُّكِ وَذِكْرُهُ الْمَوَاتَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحَرِيمُ إلَّا فِيهِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَالدَّارُ الْمَحْفُوفَةُ إلَخْ، وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَحْفُورَةِ فِي الْمِلْكِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِ (مَوْقِفُ النَّازِحِ) لِلدِّلَاءِ مِنْهَا بِيَدِهِ وَفِي الْمَوَاتِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَدَّرْنَاهُ الدَّالُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْبِئْرِ لِلُزُومِهِ لَهُ أَوْ حَالٌ مِنْهَا لِأَنَّ الْمُضَافَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ قَدْرُ مَوْقِفِ النَّازِحِ مِنْ سَائِرِ جَوَانِبِ الْبِئْرِ أَوْ مِنْ أَحَدِهَا فَقَطْ؟ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَحِلِّ (وَالْحَوْضُ) يَعْنِي مَصَبَّ الْمَاءِ لِأَنَّهُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مُجْتَمَعِهِ الْآتِي يُطْلَقُ عُرْفًا أَيْضًا عَلَى مَصَبِّهِ الَّذِي يَذْهَبُ مِنْهُ إلَى مُجْتَمَعِهِ، فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ، وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَالدُّولَابُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهِ فَاغْتُسِلَ مُعَرَّبٌ قِيلَ وَهُوَ عَلَى شَكْلِ النَّاعُورَةِ: أَيْ مَوْضِعُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ الِاسْتِقَاءُ بِهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَسْتَقِي بِهِ النَّازِحُ وَمَا تَسْتَقِي بِهِ الدَّابَّةُ (وَمُجْتَمَعُ الْمَاءِ) أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ لِسَقْيِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ نَحْوُهُ (وَمُتَرَدَّدُ الدَّابَّةِ) إنْ اسْتَقَى بِهَا وَمُلْقَى مَا يَخْرُجُ مِنْ نَحْوِ حَوْضِهَا بِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ بِالْبِئْرِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا حَدَّ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَيَأْتِي، بَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي قَدْرِهِ عَلَى مَا تَمَسُّ إلَيْهِ الْحَاجَةُ إنْ امْتَدَّ الْمَوَاتُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَإِلَى انْتِهَاءِ الْمَوَاتِ (وَحَرِيمُ الدَّارِ) الْمَبْنِيَّةُ (فِي الْمَوَاتِ) وَفِي ذِكْرِهِ مَا مَرَّ وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَحْفُوفَةِ بِمِلْكٍ، وَسَيَأْتِي فِنَاؤُهَا وَهُوَ مَا حَوَالَيْ جُدُرِهَا وَمَصَبِّ مَيَازِيبِهَا.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنْ كَانَ بِمَحِلٍّ يَكْثُرُ فِيهِ الْأَمْطَارُ وَ (مَطْرَحُ الرَّمَادِ وَكُنَاسَةٌ وَثَلْجٌ) فِي بَلَدِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (وَمَمَرٌّ فِي صَوْبِ الْبَابِ) أَيْ جِهَتِهِ، لَكِنْ لَا إلَى امْتِدَادِ الْمَوَادِّ، إذْ لِغَيْرِهِ إحْيَاءُ مَا قُبَالَتِهِ إذَا أَبْقَى مَمَرًّا لَهُ وَلَوْ مَعَ احْتِيَاجٍ إلَى ازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ (وَحَرِيمُ آبَارِ الْقَنَاةِ) الْمُحَيَّاةُ لَا لِلِاسْتِقَاءِ مِنْهَا (مَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ نَقَصَ مَاؤُهَا أَوْ خِيفَ الِانْهِيَارُ) أَيْ السُّقُوطُ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ لِينِ الْأَرْضِ وَصَلَابَتِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا مَا مَرَّ فِي بِئْرِ الِاسْتِقَاءِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حِفْظِهَا وَحِفْظِ مَائِهَا لَا غَيْرُ، وَلِهَذَا بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ الْبِنَاءِ فِي حَرِيمِهَا بِخِلَافِ حَفْرِ الْبِئْرِ فِيهِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ حَفْرِ بِئْرِ بِمِلْكِهِ يَنْقُصُ مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ ابْتِدَاءُ تَمَلُّكٍ وَآبَارٌ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ مُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَيَجُوزُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ جَازَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا يَزُولُ وَصْفُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ بِزَوَالِ مَتْبُوعِهِ أَيْ حَيْثُ احْتَمَلَ عَوْدَهُ كَمَا كَانَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ مُتَعَلَّقٌ بِمَا قَدَّرْنَاهُ) مَا الْمَانِعُ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْبِئْرِ لِتَأَوُّلِهِ بِالْمُشْتَقِّ أَيْ الْحَفِيرَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَقْدِيرُ الشَّارِحِ مَا ذَكَرَ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ غَيْرِهِ، لَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ) وَعَلَى هَذَا فَيَأْتِي فِيهِ مِنْ التَّخْيِيرِ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الْخَادِمِ فِيمَا لَوْ حَجَرَ زَائِدًا عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ حَوْضٍ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُطْرَحُ فِيهِ مَا يَخْرُجُ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَإِلَى انْتِهَاءِ الْمَوَاتِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إنْ كَانَ وَإِلَّا فَلَا حَرِيمَ كَمَا تَقَرَّرَ اهـ (قَوْلُهُ: وَمَصَبُّ مَيَازِيبِهَا) هَلْ شَرْطُهُ اعْتِيَادُ الْمَيَازِيبِ أَوْ لَا عَلَى قِيَاسِ اعْتِبَارِ نَحْوِ مُرْتَكَضِ الْخَيْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا خَيَّالَةً عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي قَدَّمْته اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُشْتَرَطُ الِاعْتِيَادُ حَيْثُ أَمْكَنَ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَحَرِيمُ آبَارِ الْقَنَاةِ) هَذِهِ الْآبَارُ تُوجَدُ بِالْفَيُّومِ وَلَا نَعْرِفُهَا بِبِلَادِنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَدَارَ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: يَنْقُصُ مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ) لَا يُقَالُ: شَرْطُ جَوَازِ الْفِعْلِ إحْكَامُ الْبِنَاءِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فِنَاؤُهَا) خَبَرُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَحَرِيمُ. (قَوْلُهُ: فِي بَلَدِهِ) أَيْ الثَّلْجِ: أَيْ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الثَّلْجُ كَالشَّامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>