للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَفِيقٍ وَسُؤَالٍ، وَلَهُ الْوُقُوفُ فِيهِ أَيْضًا.

نَعَمْ فِي الشَّامِلِ أَنَّ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَةَ الْوَاقِفِ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَالِانْصِرَافَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ تَوَلَّدَ مِنْ قَوْلِهِ ضَرَرٌ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ، هَذَا كُلُّهُ (إذَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمَارَّةِ) فِيهِ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ» (وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ) وَشَمِلَ كَلَامُهُ الذِّمِّيَّ فَيَثْبُتَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعْهُ السُّبْكِيُّ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْوُلَاةِ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَرْتَفِقُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِبَيْعٍ أَمْ لَا، وَإِنْ فَعَلَهُ وُكَلَاءُ بَيْتِ الْمَالِ زَاعِمِينَ أَنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ لِاسْتِدْعَاءِ الْبَيْعِ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بَيْعُ الْمَوَاتِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ. قَالَ: وَلَا أَدْرَى بِأَيِّ وَجْهٍ يَلْقَى اللَّهَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي مَعْنَاهُ الرِّحَابُ الْوَاسِعَةُ بَيْنَ الدُّورِ (وَلَهُ) أَيْ الْجَالِسِ فِي الشَّارِعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَنَّ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَةَ الْوَاقِفِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِهِ لِلْآحَادِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ وَإِلَّا جَازَ، ثُمَّ قَوْلُهُ لِلْإِمَامِ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ فَقَطْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّ مَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ يَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ.

وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا أَشْعَرَ بِهِ مِنْ الْجَوَازِ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ وَهُوَ لَا يُنَافَى الْوُجُوبَ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى نَصْبِ جَمَاعَةٍ يَطْلُبُونَ ذَلِكَ وَجَبَ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مِثْلَهُ الْجَالِسُ بِالْأَوْلَى.

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ بِمِصْرِنَا كَثِيرًا مِنْ الْمُنَادَاةِ مِنْ جَانِبِ السَّلْطَنَةِ بِقَطْعِ الطُّرُقَاتِ الْقَدْرَ الْفُلَانِيَّ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَهَلْ هُوَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَصْلَحَةٌ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَتَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ، بَلْ الْوُجُوبُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ عَلَى الْإِمَامِ فَيَجِبُ صَرْفُهُ أُجْرَةَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ لِظُلْمِ مُتَوَلِّيهِ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ إكْرَاهِ كُلِّ شَخْصٍ مِنْ سُكَّانِ الدَّكَاكِينِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ فَهُوَ ظُلْمٌ مَحْضٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَالِكِ الدُّكَّانِ بِمَا غَرِمَهُ إذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهَا، لِأَنَّ الظَّالِمَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَإِذَا تَرَتَّبَ عَلَى فِعْلِهِ ضَرَرٌ بِعُثُورِ الْمَارَّةِ بِمَا يَفْعَلُهُ مِنْ حَفْرِ الْأَرْضِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ أَمَرَهُ بِمُعَاوَنَتِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِدُونِهَا لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ، بَلْ قَدْ يَجِبُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ وَإِنْ حَصَلَ الظُّلْمُ بِإِكْرَاهِ أَرْبَابِ الدَّكَاكِينِ عَلَى دَفْعِ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورِينَ إذَا بَادَرَ بَعْضُهُمْ لِلْفِعْلِ بِحَيْثُ صَارَ الْمَحِلُّ الَّذِي حَفَرَهُ حُفْرَةً تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ بِالنُّزُولِ فِيهَا ثُمَّ الصُّعُودُ مِنْهَا لَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ صَبَرَ شَارَكَهُ جِيرَانُهُ فِي الْحَفْرِ دَفْعَةً بِحَيْثُ تَصِيرُ الْأَرْضُ مُسْتَوِيَةً لَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا ضَرَرٌ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ لَا ضَرَرَ) أَيْ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ) أَيْ وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُ الْإِسْلَامِ لَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ الضَّرَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ الْحَدِيثِ فَلْيُرَاجِعْ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَإِنْ تَقَادَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ لِذِمِّيٍّ أَذِنَ الْإِمَامُ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ إذَا اُعْتِيدَ إذْنُهُ تَعَيَّنَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا كَذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ النَّظَرَ فِي أَحْوَالِ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِمْ دُونَ الْجَالِسِينَ فِي الطُّرُقِ اهـ.

أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ ظَاهِرٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ جُلُوسُ الذِّمِّيِّ فِي الشَّوَارِعِ عَلَى إذْنٍ بَلْ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: زَاعِمِينَ أَنَّهُ) أَيْ مَا أُخِذَ وَعِوَضُهُ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ الْمِلْكُ) أَيْ وَاسْتِدْعَاءُ أَخْذِ الْأُجْرَةِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ قَالَ وَلَا أَدْرَى) أَيْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: الرِّحَابُ الْوَاسِعَةُ بَيْنَ الدُّورِ) وَحَكَى الْأَذْرَعِيُّ قَوْلَيْنِ فِي حِلِّ الْجُلُوسِ فِي أَفْنِيَةِ الْمَنَازِلِ وَحَرِيمِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مُلَّاكِهَا،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ) أَيْ: وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْجُلُوسِ مَثَلًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهُ) يَعْنِي الْبَيْعَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>