للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْعَادَةِ وَزَمَنُ رَعْيِهِ يَطُولُ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَحَيْثُ وَجَبَ الْبَذْلُ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَذْلُ إعَارَةُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ، وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمَاءِ تَقْدِيرُهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا بَرِّيِّ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ السِّقَاءِ بِعِوَضٍ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي شُرْبِ الْآدَمِيِّ أَهْوَنُ مِنْهُ فِي شُرْبِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ، وَجَوَّزَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الشُّرْبَ وَسَقْيَ الدَّوَابِّ مِنْ نَحْوِ جَدْوَلٍ مَمْلُوكٍ لَمْ يَضُرَّ بِمَالِكِهِ إقَامَةٌ لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ مَقَامَ اللَّفْظِيِّ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيمَا إذَا كَانَ لِنَحْوِ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفٍ عَامٍّ، ثُمَّ قَالَ وَلَا أَرَى جَوَازَ وُرُودِ أَلْفِ إبِلٍ جَدْوَلًا مَاؤُهُ يَسِيرٌ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَمْ يَضُرَّ بِمَالِكِهِ.

(وَالْقَنَاةُ) أَوْ الْعَيْنُ (الْمُشْتَرَكَةُ) بَيْنَ جَمَاعَةٍ لَا يُقَدَّم فِيهَا أَعْلَى عَلَى أَسْفَلَ وَلَا عَكْسُهُ بَلْ (يُقْسَمُ مَاؤُهَا) الْمَمْلُوكُ الْجَارِي مِنْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ قَهْرًا عَلَيْهِمْ إنْ تَنَازَعُوا وَضَاقَ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَقَدَّمُ شَرِيكٌ عَلَى شَرِيكٍ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ (بِنَصْبِ خَشَبَةٍ) مَثَلًا مُتَسَاوٍ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلُهَا بِمَحِلٍّ مُسْتَوٍ، وَأُلْحِقَ بِالْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا بِنَاءُ جِدَارٍ بِهِ ثُقْبٌ مُحْكَمَةٌ بِالْجَصِّ (فِي عَرْضِ النَّهْرِ) أَيْ فَمُ الْمَجْرَى فِيهَا ثُقْبٌ (مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) مِنْ الْقَنَاةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ طَرِيقٌ عَلَى اسْتِيفَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ، وَعِنْدَ تَسَاوِي الثُّقْبِ وَتَفَاوُتِ الْحُقُوقِ أَوْ عَكْسِهِ يَأْخُذُ كُلٌّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، فَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ الْحِصَصِ قُسِمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِيِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّرِكَةَ بِحَسَبِ الْمِلْكِ، وَقِيلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ سَوَاءً، هَذَا إنْ اتَّفَقُوا عَلَى مِلْكِ كُلٍّ مِنْهُمْ، وَإِلَّا رُجِّحَ بِالْقَرِينَةِ وَالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِي مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مَا ذَكَرَهُ فِي مُكَاتَبَيْنِ خَسِيسٍ وَنَفِيسٍ كُوتِبَا عَلَى نُجُومٍ مُتَفَاوِتَةٍ بِحَسَبٍ قِيمَتِهِمَا فَأَحْضَرَا مَالًا وَادَّعَى الْخَسِيسُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا وَالنَّفِيسُ أَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ عَلَى قَدْرِ النُّجُومِ صُدِّقَ الْخَسِيسُ عَمَلًا بِالْيَدِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ إذْ الْمَدَارُ هُنَاكَ عَلَى الْيَدِ وَهِيَ مُتَسَاوِيَةٌ وَفِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى الْأَرْضِ الْمَسْقِيَّةِ وَهِيَ مُتَفَاوِتَةٌ فَعُمِلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَحِلَّيْنِ بِمَا يُنَاسِبُهُ.

وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كُلُّ أَرْضٍ أَمْكَنَ سَقْيُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ إذَا رَأَيْنَا لَهَا سَاقِيَّةً مِنْهُ وَلَمْ نَجِدْ لَهَا شِرْبًا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ حَكَمْنَا عِنْدَ التَّنَازُعِ بِأَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْهُ اهـ.

وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمَا أَنَّ مَا عُدَّ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ عِنْدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَآلًا فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ وَجَبَ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا بِلَا عِوَضٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْغَرَضُ مِنْ الْأَوَّلِ بَيَانُ أَنَّ الْوُجُوبَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَذْلِ عِوَضٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ حُرْمَةُ أَخْذِ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ: فِي شُرْبِ الْمَاشِيَةِ) قَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُ جَوَازِ التَّقْدِيرِ بِالرَّمْيِ بِالْآدَمِيِّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي شُرُوطِ الْبَيْعِ وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْخَامِسِ الْعِلْمُ بِهِ نَصُّهَا: وَقَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ الْمُسَامَحَةِ كَمَا سَيُبَيِّنُهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَكَمَا فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ وَمَاءِ السِّقَاءِ فِي الْكُوزِ.

قَالَ جَمْعٌ: وَلَوْ لِشُرْبِ دَابَّةٍ. وَقَدْ يُقَالُ مَا سَبَقَ لَمْ يَنْقُلْهُ جَازِمًا بِهِ بَلْ أَوْرَدَهُ بِصُورَةِ التَّبَرِّي مِنْهُ حَيْثُ قَالَ: قَالَ جَمْعٌ وَمَا هُنَا جَعَلَهُ شَرْطًا مَجْذُومًا بِهِ فَيُقَدَّمُ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ جَدْوَلٍ) اسْمٌ لِلنَّهْرِ الصَّغِيرِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ بِمَالِكِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَشْرَبَ أَوْ يَسْقِيَ دَابَّتَهُ مِنْهُ فِي مَوْضِعِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى مَحِلِّهِ لِيَشْرَبَ مِنْهُ بَعْدُ أَوْ يَسْقِيَ دَابَّتَهُ (قَوْلُهُ: إقَامَةً لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ مُقَامَ اللَّفْظِيِّ) أَيْ مَا لَمْ يَمْنَعْ صَاحِبُ الْجَدْوَلِ عَنْهُ، فَإِنْ مَنَعَ امْتَنَعَ عَلَى غَيْرِهِ فِعْلُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ الْقِسْمَةِ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِي وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ رَجَّحَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ شِرْبًا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ لَا يَكُونُ لَهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَاجَةِ زَرْعِهِ بِالْأَوْلَى، فَأَيُّ حَاجَةٍ مَعَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِزَرْعٍ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ وَجَبَ الْبَذْلُ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِ) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الَّتِي لَا اضْطِرَارَ فِيهَا عَلَى أَنَّهُ قَدَّمَهُ هُنَاكَ وَذِكْرُهُ هُنَا يُوهِمُ جَرَيَانَهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاضْطِرَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فِي شُرْبِ الْمَاءِ) صَوَابُهُ فِي شُرْبِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِلْعِلْمِ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ

. (قَوْلُهُ: مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ: وَهُوَ الْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِيِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>