الْمَارَّةِ أَوْ لَا بِقَصْدِ نَفْسِهِ وَلَا الْمَارَّةِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فَيَشْتَرِكُ النَّاسُ فِيهَا وَلَوْ مَعَ عَدَمِ تَلَفُّظِهِ بِوَقْفِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ سَدُّهَا وَإِنْ حَفَرَهَا لِنَفْسِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ النَّاسِ بِهَا فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ (وَالْمَحْفُورَةُ) فِي الْمَوَاتِ (لِلتَّمَلُّكِ) أَوْ الْمَحْفُورَةِ بَلْ وَالتَّابِعَةِ بِدُونِ حَفْرٍ (فِي مِلْكٍ يَمْلِكُ) حَافِرُهَا وَمَلَكَ مَحِلَّهَا (مَاءَهَا فِي الْأَصَحِّ) إذْ هُوَ نَمَاءُ مِلْكِهِ كَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالشَّجَرِ النَّابِتِ فِي مِلْكِهِ، وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَيَجْرِي الْخِلَافُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كُلٍّ مَا يَنْبُعُ فِي مِلْكِهِ مِنْ نِفْطٍ وَمِلْحٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَإِنَّمَا جَازَ لِمُكْتَرِي دَارِ الِانْتِفَاعِ بِمَاءِ بِئْرِهَا لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ قَدْ يُمْلَكُ بِهِ عَيْنٌ تَبَعًا كَاللَّبَنِ (وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) وَلَوْ لِزَرْعِهِ (لِزَرْعٍ) وَشَجَرٍ لِغَيْرِهِ، أَمَّا عَلَى الْمِلْكِ فَكَسَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ، وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلِأَنَّهُ أَوْلَى بِهِ لِسَبْقِهِ (وَيَجِبُ) بَذْلُ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ النَّاجِزَةِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحِلُّهُ إنْ كَانَ مَا يُسْتَخْلَفُ مِنْهُ يَكْفِيهِ لِمَا يَطْرَأُ بِلَا عِوَضٍ قَبْلَ أَخْذِهِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ (لِمَاشِيَةٍ) إذَا كَانَ بِقُرْبِهِ كَلَأٌ مُبَاحٌ وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُهَا مَاءً آخَرَ مُبَاحًا (عَلَى الصَّحِيحِ) بِأَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ سَقْيهَا مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ زَرْعَهُ وَلَا مَاشِيَتَهُ، وَإِلَّا فَمَنْ أَخَذَهُ أَوْ سَوَّقَهُ إلَيْهَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيمَا يَظْهَرُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَمَحِلُّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الِاضْطِرَارِ، وَإِلَّا وَجَبَ بَذْلُهُ لِذِي رُوحٍ مُحْتَرَمَةٍ كَآدَمِيٍّ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِمَاشِيَةٍ وَمَاشِيَتِهِ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِزَرْعٍ وَقِيلَ يَجِبُ لِلزَّرْعِ كَالْمَاشِيَةِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ لِلْمَاشِيَةِ كَالْمَاءِ الْمُحْرَزِ وَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَاضِلِ الْكَلَأِ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَخْلَفُ فِي الْحَالِ وَيُتَمَوَّلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُبَاحًا مَلَكَهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ سَدُّهَا) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْحَافِرُ مُكَلَّفًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَمْلِكُ بِالْحَفْرِ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اتَّفَقَ حَفْرُهُ لِبِئْرٍ فَهَلْ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَا حَفَرَهُ الْمُكَلَّفُ بِلَا قَصْدٍ فَتَكُونُ وَقْفًا لِعَامَّةِ النَّاسِ أَوْ يُلْغَى فِعْلُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَارَ وَقْفًا مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ لَهُ مِنْ الْمُكَلَّفِ فَلَا يَبْعُدُ تَنْزِيلُ غَيْرِهِ مَنْزِلَتَهُ فِي ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فِي الْمَاءِ مَا يُفْسِدُهُ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ كَتَغَوُّطِهِ فِيهِ عَمْدًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي مِلْكٍ يُمْلَكُ) وَلَوْ وَقَفَ الْمَالِكُ أَرْضًا مَثَلًا بِهَا بِئْرٌ اسْتَحَقَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَاءِ الْبِئْرِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْهُ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ كَمَا فِي الْمِلْكِ، وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ لِوَقْفٍ أَوْ مِلْكٍ اقْتَسَمَا مَاءَهَا عَلَى حَسَبِ الْحِصَصِ إنْ لَمْ يَفِ بِحَاجَتِهِمَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ لِلزَّرْعِ إلَخْ) وَسَكَتُوا عَنْ الْبَذْلِ لِنَحْوِ طَهَارَةِ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَيْضًا، لَكِنْ هَلْ يُقْدِمُ عَلَى شُرْبِ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ؟ أَقُولُ: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقْدِمَ الْمَاشِيَةَ وَيَدُلُّ لَهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ التَّيَمُّمِ احْتِيَاجَهُ لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَلَوْ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ مِنْ غَيْرِ سَوْقٍ فَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِزَرْعِهِ) لَا مَوْقِعَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ؛ إذْ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَاءٍ وَإِنْ فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى بَيَانِ الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ هَذِهِ الْغَايَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَتَجِبُ لِمَاشِيَةٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهَا هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ) أَيْ: الِارْتِفَاقِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِلَا عِوَضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَذْلِ وَكَذَا قَوْلُهُ: قَبْلُ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشِّهَابِ حَجّ الَّذِي الْعِبَارَةُ لَهُ فِي تُحْفَتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ قَيْدًا فِي الْبَذْلِ: أَيْ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِلَا عِوَضٍ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ فِي إنَاءٍ: أَيْ أَمَّا إذَا أَخَذَهُ فِيهِ فَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّهُ لَا اضْطِرَارَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ. (قَوْلُهُ: كَلَإٍ مُبَاحٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَاحَ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ بَذْلُهُ لِذِي رُوحٍ مُحْتَرَمَةٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ: يَدْخُلُ فِي ذِي الرُّوحِ الْمُحْتَرَمَةِ الْمَاشِيَةُ فَيُقَدَّمُ: أَيْ الْآدَمِيُّ عَلَى حَاجَةِ مَاشِيَتِهِ، فَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute