فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَصِحَّةٍ نَحْوُ وَصِيَّتِهِ وَلَوْ بِوَقْفِ دَارِهِ لِارْتِفَاعِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ وَمُكْرَهٍ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ لَيْسَ صَحِيحَ الْعِبَارَةِ وَلَا أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَلَا لِغَيْرِهِ إذْ مَا يَقُولُهُ أَوْ يَفْعَلُهُ لِأَجْلِ الْإِكْرَاهِ لَغْوٌ مِنْهُ، وَمُكَاتَبٍ وَمُفْلِسٍ وَوَلِيٍّ وَيَصِحُّ مِنْ مُبَعَّضٍ وَمِمَّنْ لَمْ يَرَ وَلَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَأَى، وَمِنْ الْأَعْمَى قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَإِنْ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ
(وَ) شَرْطُ (الْمَوْقُوفِ) كَوْنُهُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً مَمْلُوكَةً مِلْكًا يَقْبَلُ النَّقْلَ يَحْصُلُ مِنْهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَائِدَةٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ تَصِحُّ إجَارَتُهَا كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُهُ الْآتِي بِذِكْرِهِ بَعْضَ مُحْتَرِزَاتِ مَا ذَكَرَ كَالْمَنْفَعَةِ وَإِنْ مَلَكَهَا مُؤَبَّدًا بِالْوَصِيَّةِ وَالْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ وَأَحَدِ عَبْدَيْهِ وَمَا لَا يُمْلَكُ كَكَلْبٍ.
نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ نَحْوَ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى جِهَةٍ وَمُعَيَّنٍ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمَعْمُولِ بِهِ بِشَرْطِ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ إذْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مَنُوطٌ بِهَا كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَأَى تَمْلِيكَ ذَلِكَ لَهُمْ جَازَ، وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَحَمْلٍ مُنْفَرِدٍ وَذِي مَنْفَعَةٍ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا كَآلَةِ لَهْوٍ وَطَعَامٍ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِأَنْ كَتَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ الْكُتُبُ الْعِلْمِيَّةُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ وَصِيَّتِهِ) أَيْ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: وَمُفْلِسٌ) أَيْ وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دُيُونِهِ كَأَنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ ارْتَفَعَ سِعْرُ مَالِهِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْأَعْمَى قِيَاسًا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُسْقِطَ قِيَاسًا وَيَقُولَ وَيُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ صِحَّةُ وَقْفِ الْأَعْمَى، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّقْدِيرَ وَيَصِيرُ لَمْ يَرَ لِأَنَّهُ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ
(قَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَائِدَةٌ) أَيْ كَالْفَحْلِ لِلضِّرَابِ (قَوْلُهُ: تَصِحُّ إجَارَتُهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْفَعَةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْخَلَوَاتُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ) أَيْ وَحَيْثُ صَحَّ وَقْفُهُ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرٌ، وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مَا يَقَعُ الْآنَ كَثِيرًا مِنْ الرِّزْقِ الرَّصْدَةِ عَلَى أَمَاكِنَ أَوْ عَلَى طَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ حَيْثُ تُغَيَّرُ وَتُجْعَلُ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِغَيْرِ مَنْ عُيِّنَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ عِتْقِ عَبِيدِ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ هُنَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ فِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بِشَرْطِ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فَوَقْفُهُ كَإِيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعِتْقُ نَفْسُهُ فَإِنَّهُ تَفْوِيتٌ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ) كِتَابَتُهُ بِالْأَلِفِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ بَعْدَ قَوْلِ، الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَلَوْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَضِيهمْ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِلَا الْأَلِفِ اهـ.
وَمَا ذَكَرَاهُ هُوَ الْقِيَاسُ فَإِنَّ الْجَمْعَ يَقْتَضِي زِيَادَةَ الْعَلَامَةِ عَلَى الْمُفْرَدِ وَهِيَ هُنَا الْيَاءُ فَلَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ، وَلَكِنَّ فِي الْمِصْبَاحِ الْأَرْضُ مُؤَنَّثَةٌ وَالْجَمْعُ أَرَضُونَ بِفَتْحِ الرَّاءِ.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَسَمِعْت الْعَرَبَ تَقُولُ فِي جَمْعِ الْأَرْضِ الْأَرَاضِي وَالْأُرُوضَ مِثْلَ فُلُوسٍ، وَجَمْعُ فَعْلٍ فَعَالِي فِي أَرْضٍ وَأَرَاضِي اهـ.
فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا جَارٍ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَأُمُّ وَلَدٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَإِنَّ قِيَاسَ ذَلِكَ صِحَّةُ وَقْفِ أُمِّ الْوَلَدِ وَبُطْلَانُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ بَيْعُهَا حَالَ الْوَقْفِ أَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ فَحُكِمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ وَقْفِهَا، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ فَإِنَّ كُلًّا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَالتَّعْلِيقُ بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبٌ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً كَمَا يَأْتِي، وَكَأَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَعَ ذِكْرِ بَعْضِهَا فِي الْمَتْنِ كَأُمِّ الْوَلَدِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
السَّفِيهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اعْتِذَارٍ عَنْهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَصِحَّةُ نَحْوِ وَصِيَّتِهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ) صَرَّحَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ قَالَ: وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: نَحْوَ أَرَاضِيِ بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَلَوْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَضِيهمْ مِنْ ضَبْطِهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِلَا أَلِفٍ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَبْطٌ لِمَا وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهِ هُنَاكَ فِي الْمِنْهَاجِ فَلَا يُنَافِي قِرَاءَتَهُ بِالْأَلِفِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَأُمُّ وَلَدٍ) أَيْ خَرَجَتْ بِقَبُولِ النَّقْلِ وَبِهِ فَارَقَتْ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعَلَّقَ الْعِتْقَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى فَرْقٍ بَيْنَهُمَا