أَمَّا لَوْ وَقَفَ حَامِلًا صَحَّ فِيهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ. نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ فَحْلٍ لِلضِّرَابِ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ إجَارَتُهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْقُرْبَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَ (دَوَامَ الِانْتِفَاعُ) الْمَذْكُورُ (بِهِ) الْمَقْصُودُ بِأَنْ تَحْصُلَ مِنْهُ فَائِدَةٌ مَعَ بَقَائِهِ مُدَّةً كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ، وَضَابِطُ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى شَرْطِ ثُبُوتِ حَقِّ الْمَلِكِ فِي الرَّقَبَةِ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بَقَاؤُهُ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تُقْصَدُ إجَارَتُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقْفَ الْمُوصَى بِعَيْنِهِ مُدَّةً وَالْمَأْجُورِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُمَا، وَنَحْوُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ لِتُصَاغَ حُلِيًّا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَنْفَعَةٌ حَالًّا كَالْمَغْصُوبِ وَلَوْ مِنْ عَاجِزٍ عَنْ انْتِزَاعِهِ، وَكَذَا وَقْفُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ عَتَقَا بِالْمَوْتِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ وَبَطَلَ الْوَقْفُ لَكِنْ فِيهِمَا دَوَامٌ نِسْبِيٌّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّنْبِيهُ عَلَى ذِكْرِ مُحْتَرِزَاتِ الشُّرُوطِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا مُجْتَمِعَةً كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُهُ الْآتِي بِذِكْرِهِ بَعْضَ مُحْتَرِزَاتِ مَا ذَكَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَحَّ فِيهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَثْنَاهُ أَوْ جَعَلَهُ مَقْصُودًا بِأَنْ قَالَ وَقَفْتهَا وَحَمْلَهَا أَوْ كَانَتْ حَامِلًا بِحُرٍّ فَهَلْ يَبْطُلُ وَقْفُهَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفٌ فَحْلٍ لِلضِّرَابِ) أَيْ وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى مَنْ يَكُونُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْوَقْفِ حَالَ جِنَايَتِهِ إنْ نُسِبَ لِتَقْصِيرٍ حَتَّى أُتْلِفَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ إذَا جَنَى حَيْثُ قَالُوا أَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْوَاقِفِ أَنَّهُ فِي وَقْفِ الْعَبْدِ فَوَّتَ مَحِلَّ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ، وَلَا كَذَلِكَ الْفَحْلُ فَإِنَّ مَا أَتْلَفَهُ الْفَحْلُ.
بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْوَقْفِ لَا يُبَاعُ فِيهِ بَلْ يَضْمَنُهُ مَنْ كَانَ الْفَحْلُ بِيَدِهِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَا قَالَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ.
أَقُولُ: وَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُ مَا فَرَّقَ بِهِ مَا ذَكَرَهُ حَجّ هُنَا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَرْشِ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ حَيْثُ لَزِمَ الْوَاقِفَ وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِبَقَائِهِمَا بِأُجْرَةٍ حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ لُزُومِهَا، وَلَوْ وَصَلَ الْفَحْلُ الْمَوْقُوفُ عَلَى ذَلِكَ إلَى حَالَةٍ لَا يَصْلُحُ فِيهَا لِلضِّرَابِ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي حُصْرِ الْمَسْجِدِ وَجُذُوعِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِمَا أَنَّهُ هُنَا يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْ مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ جُزْئِهِ لِقِلَّتِهِ رَجَعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إذَا قُلِعَا بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ ثُبُوتٍ) أَيْ تَقْدِيرِ ثُبُوتٍ (قَوْلُهُ: مُدَّةً) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ، وَعَلَيْهِ فَيَخْرُجُ بِهَا مَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ فِيهِ كَوَقْفِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَمْ يُعْلَمْ وَقْتُهَا فَإِنَّ مُدَّةَ الْوَقْفِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَجْهُولَةٌ، وَقِيلَ فِيهِمَا بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ تَحْصُلَ مِنْهُ فَائِدَةٌ مَعَ بَقَاءِ
[حاشية الرشيدي]
مِنْ خَارِجٍ وَإِنْ تَكَلَّفَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: الْمَقْصُودُ بِأَنْ تَحْصُلَ مِنْهُ فَائِدَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ نَصُّهَا: وَدَوَامُ الِانْتِفَاعِ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يَبْقَى مُدَّةً تُقْصَدُ بِالِاسْتِئْجَارِ غَالِبًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَدَخَلَ وَقْفُ عَيْنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، فَقَوْلُهُ: فَدَخَلَ وَقْفُ عَيْنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إلَخْ: أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ الَّذِي هُوَ غَايَةٌ فِي الِانْتِفَاعِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا وَقْفُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ: أَيْ يَدْخُلَانِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَبْقَى مُدَّةٌ تُقْصَدُ بِالِاسْتِئْجَارِ غَالِبًا الَّذِي هُوَ تَفْسِيرٌ لِدَوَامِ الِانْتِفَاعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ: وَخَرَجَ مَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ أَيْ بِقَوْلِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ: أَيْ عُرْفًا، وَقَوْلُهُ: وَمَا لَا يُفِيدُ نَفْعًا إلَخْ: أَيْ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الِانْتِفَاعُ وَبِتَأَمُّلِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَحْصُلَ مِنْهُ فَائِدَةٌ مَعَ بَقَائِهِ مُدَّةً) عَدَلَ بِهِ عَمَّا مَرَّ عَنْ حَجّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ ثُبُوتِ حَقِّ الْمِلْكِ فِي الرَّقَبَةِ) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْ بِشَرْطِ فِعْلٍ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَلَعَلَّ هَذَا أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُقْصَدْ إجَارَتُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ فِيهَا لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت مِمَّا أَسْلَفْتُهُ عَنْ حَجّ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute