للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَفَ) شَيْئًا (بِشَرْطِ الْخِيَارِ) لَهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْهُ، أَوْ فِي بَيْعِهِ مَتَى شَاءَ، أَوْ فِي تَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنْهُ بِوَصْفٍ، أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (بَطَلَ) الْوَقْفُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَفَارَقَ الْعِتْقُ حَيْثُ لَمْ يَفْسُدْ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ، بَلْ قَالَ إنَّ خِلَافَهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى السِّرَايَةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ) أَصْلًا أَوْ سَنَةً أَوْ لَا يُؤَجَّرَ مِنْ ذِي شَوْكَةٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَسْكُنُ فِيهِ بِنَفْسِهِ (اُتُّبِعَ) فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ (شَرْطُهُ) كَسَائِرِ شُرُوطِهِ الَّتِي لَا تُخَالِفُ الشَّرْعَ وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ وُجُودِ الْمَصْلَحَةِ.

وَالثَّانِي لَا يُتَّبَعُ شَرْطُهُ لِأَنَّهُ حَجْرٌ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ مَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَنْ لَا يَرْغَبُ فِيهِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ تَعْطِيلَ وَقْفِهِ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمَشْرُوطُ عَدَمُ إجَارَتِهَا إلَّا مِقْدَارَ كَذَا وَلَمْ تُمْكِنُ عِمَارَتُهَا إلَّا بِإِجَارَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أوجرت بِقَدْرِ مَا يَفِي بِالْعِمَارَةِ فَقَطْ مُرَاعِيًا مَصْلَحَةَ الْوَاقِفِ لَا مَصْلَحَةَ الْمُسْتَحِقِّ، وَيَجِبُ أَنْ يُعَدِّدَ الْعُقُودَ فِي مَنْعِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا وَإِنْ شَرَطَ مَنْعَ الِاسْتِئْنَافِ كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَخَالَفَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَزِينٍ وَأَئِمَّةُ عَصْرِهِ فَجَوَّزُوا ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً لِأَجْلِ عِمَارَتِهِ لِأَنَّ بِهَا يَنْفَسِخُ الْوَقْفُ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا يَقَعُ بِمَكَّةَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ بَقَاءُ عَيْنِهِ وَإِنْ تَمَلَّكَ ظَاهِرًا بَقَاءَ الثَّوَابِ لَهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ) وَزَادَ إنْ انْقَرَضُوا فَلِلْمُسْلِمِينَ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا (اُخْتُصَّ بِهِمْ) أَيْ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُصَلِّي وَلَا يَعْتَكِفُ بِهِ غَيْرُهُمْ رِعَايَةً لِغَرَضِهِ وَإِنْ كُرِهَ هَذَا الشَّرْطُ وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ وَقَفْت دَارِي كَوَقْفِ زَيْدٍ هَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَوْ يَبْطُلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ عَلِمَ شُرُوطَ وَقْفِ زَيْدٍ قَبْلَ قَوْلِهِ ذَلِكَ صَحَّ الْوَقْفُ وَإِلَّا فَلَا، وَيَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ مُطْلَقًا.

وَفِي حَالَةِ جَهْلِهِ يَبْحَثُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فِي الْوَاقِعِ.

فَإِنْ عَرَفَ فَذَاكَ وَإِلَّا تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ فَلْيُرَاجَعْ.

وَقَوْلُ سم: فَيَصِحُّ مُؤَبَّدًا: أَيْ مِنْ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ مَنْ يَأْخُذُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيَسْتَأْجِرُ عَلَى مَا يُوَافِقُ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَمَنْ يَطْلُبُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي إجَارَةٍ تُخَالِفُ شَرْطَ الْوَاقِفِ عَدَمَ الْجَوَازِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ مَنْ يَأْخُذُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُوَافِقُ شَرْطَ الْوَاقِفِ فِي الْمُدَّةِ وَمَنْ يَأْخُذُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُخَالِفُ شَرْطَ الْوَاقِفِ عَدَمَ الْجَوَازِ أَيْضًا رِعَايَةً لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَجَوَّزُوا ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ هَذَا الشَّرْطُ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ الْمَسْجِدُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ هَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ دُخُولُهُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ وَالِاعْتِكَافُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ؟ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْأَلْغَازِ أَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ يُوهَمُ الْمَنْعَ، ثُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ عِنْدِهِ: وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ.

وَأَقُولُ: الَّذِي يَتَرَجَّحُ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنَةٍ كَزَيْدٍ وَعُمَرَ وَبَكْرٍ مَثَلًا أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ جَازَ الدُّخُولُ بِإِذْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَجْنَاسٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ هَذَا الْجِنْسِ الدُّخُولُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِمَنْعِ دُخُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَطْرُقْهُ خِلَافٌ أَلْبَتَّةَ.

وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ كَانَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلْمُعَيَّنِينَ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ وَهُمْ مُقَيَّدُونَ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ اهـ.

وَتَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ سُبِّلَ أَوْ فَقِيهٌ إلَى مَدْرَسَةٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَلِغَيْرِ أَهْلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلْوَارِثِ وَحُكْمِ الْأَوْقَافِ فِي تَأْيِيدِهِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَإِرْثِهِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ فِي مُطْلَقِ عَدَمِ قَبُولِهِ لِلشَّرْطِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>