للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَسْجِدُ بِهِمْ لِأَنَّ جَعْلَ الْبُقْعَةِ مَسْجِدًا كَالتَّحْرِيرِ فَلَا مَعْنَى لِاخْتِصَاصِهِ بِجَمَاعَةٍ وَلَوْ خَصَّ الْمَقْبَرَةَ بِطَائِفَةٍ اُخْتُصَّتْ بِهِمْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَلَوْ شَغَلَهُ شَخْصٌ بِمَتَاعِهِ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ وَهَلْ تَكُونُ لَهُمْ الْأَقْرَبُ لَا لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا الِانْتِفَاعَ بِهِ لَا الْمَنْفَعَةَ، وَلَوْ انْقَرَضَ مَنْ ذَكَرَهُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدًا بَعْدَهُمْ، فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ انْتِفَاعُ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَا يُرِيدُ تَعَطُّلَ وَقْفِهِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ (كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ) وَالْمَقْبَرَةِ إذَا خَصَّصَهَا بِطَائِفَةٍ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِمْ قَطْعًا لِأَنَّ النَّفْعَ هُنَا عَائِدٌ إلَيْهِمْ، بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ كَفِعْلِهَا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ (وَلَوْ وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ) كَهَذَيْنِ (ثُمَّ الْفُقَرَاءِ) مَثَلًا (فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّ نَصِيبَهُ يُصْرَفُ إلَى الْآخَرِ) لِأَنَّ شَرْطَ الِانْتِقَالِ إلَى الْفُقَرَاءِ انْقِرَاضُهُمَا جَمِيعًا وَلَمْ يُوجَدُوا إذَا امْتَنَعَ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ، فَالصَّرْفُ لِمَنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ أَوْلَى.

وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَمَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ إذَا مَاتَا، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَفْصِلْ، وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَ هَذَا فَهُمَا وَقْفَانِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فَلَا يَكُونُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ الْأَقْرَبُ انْتِقَالُهُ لِلْفُقَرَاءِ إنْ قَالَ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَإِنْ قَالَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْأَقْرَبُ انْتِقَالُهُ لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمَا وَسَكَتَ عَمَّنْ يُصْرَفُ لَهُ بَعْدَهُمَا فَهَلْ نَصِيبُهُ لِلْآخَرِ أَوْ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ الْأَوَّلُ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا أَوْ بَانَ مَيِّتًا فَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَصَحِّ صَرْفُهُ لِلْآخَرِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو ثُمًّ بَكْرٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَا شَيْءَ لِبَكْرِ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ مِنْ زَيْدٍ إلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ رَتَّبَهُ بَعْدَ عَمْرٍو وَعَمْرٌو بِمَوْتِهِ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَمَلَّكَ بَكْرٌ عَنْهُ شَيْئًا وَقَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى بَكْرٍ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْفُقَرَاءِ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِهِ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَلَدُ الْوَلَدِ ثُمَّ الْوَلَدُ يَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ، وَيُوَافِقُهُ فَتْوَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَدْرَسَةِ مَا اُعْتِيدَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ بِهَا وَشُرْبٍ وَطُهْرٍ مِنْ مَائِهَا مَا لَمْ يَنْقُصُ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ أَهْلِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ.

وَكَأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ الِاخْتِصَاصُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّيُوطِيّ، أَوْ هَذَا فِيمَا اُعْتِيدَ وَذَاكَ فِي غَيْرِهِ فَلْيُحَرَّرْ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَإِنْ شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَ طَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ صَحَّ وَكُرِهَ وَاخْتَصَّ بِهَا فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ الصَّلَاةُ فِيهِ كَمَا لَوْ خَصَّ الرِّبَاطَ وَالْمَدْرَسَةَ بِطَائِفَةٍ اهـ سَمِّ عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي حَمْلُ مَا ذَكَرَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ الْمَنْعِ عَلَى مَا إذَا شَوَّشَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ (قَوْلُهُ وَلَوْ خَصَّ الْمَقْبَرَةَ بِطَائِفَةٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ دُفِنَ بِهَا غَيْرُ مِنْ اُخْتُصَّتْ بِهِ فَقِيَاسُ نَبْشُ الْمَغْصُوبِ لِإِخْرَاجِ مَنْ دُفِنَ بِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَهَلْ مِنْ التَّخْصِيصِ مَا لَوْ اعْتَادَ أَهْلُ بَلَدٍ دَفْنًا بِمَحِلٍّ فَيَمْتَنِعَ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ الدَّفْنُ فِيهِ أَوْ يَصِيرَ مَقْبَرَةً مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِأَحَدٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِمَالِك أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ، وَمُجَرَّدُ الْعَادَةِ إنَّمَا اقْتَضَتْ جَوَازَ الْإِقْدَامِ عَلَى الدَّفْنِ ثُمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ لَا) وَيَنْبَغِي حِفْظُهَا لِمَصَالِح الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَغَلَهُ) أَيْ الْمَخْصُوصِ بِطَائِفَةٍ (قَوْلُهُ انْتِفَاعُ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ عَلَى مَعْنَى أَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِيهِ حَقًّا فَهُوَ كَالْمَسَاجِدِ الَّتِي لَمْ يَخُصَّهَا وَاقِفُهَا بِأَحَدٍ فَكُلُّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَحِلٍّ مِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَى الْوَاقِفِ) أَيْ وَيَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجُزْ) أَيْ بِنَاءٌ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ الَّتِي بَنَيَا عَلَيْهَا كَلَامَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِمْ قَطْعًا) هَذَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْأَكْثَرِينَ وَهُوَ تَابِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْقَطْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>