وَلِهَذَا صَحَّ أَنْ يُقَالَ مَا هُوَ وَلَدُهُ بَلْ وَلَدُ وَلَدِهِ، وَعَدَمُ حَمْلِهِمْ اللَّفْظَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ لِأَنَّ شَرْطَهُ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عُلِمَتْ فَالْأَوْجَهُ دُخُولُهُمْ كَمَا قَطَعَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانَ، وَعَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِ عَدَمِ الِاعْتِبَارِ بِإِرَادَتِهِ فَهُنَا مُرَجِّحٌ وَهُوَ أَقْرَبِيَّةُ الْوَلَدِ الْمَرْعِيَّةُ فِي الْأَوْقَافِ غَالِبًا فَرَجَّحَتْهُ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَوَالِي.
وَالثَّانِي يَدْخُلُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ٣١] وَخَبَرُ «ارْمُوا يَا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ حَالَ الْوَقْفِ عَلَى الْوَلَدِ إلَّا وَلَدُ الْوَلَدِ حُمِلَ عَلَيْهِ قَطْعًا صِيَانَةً لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، فَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ فَالظَّاهِرُ الصَّرْفُ لَهُ لِوُجُودِ الْحَقِيقَةِ وَأَنَّهُ يَصْرِفُ لَهُ مَعَهُ كَالْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى حَرْبِيٍّ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ هُنَا ضِمْنِيٌّ تَبَعِيٌّ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ لَوْ كَانَ جَمِيعُ أَوْلَادِهِ حَرْبِيِّينَ وَصِحَّتُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْحَرْبِيِّ إذَا كَانَ ضِمْنِيًّا كَوَقَفْتُ عَلَى هَؤُلَاءِ وَفِيهِمْ حَرْبِيٌّ؛ وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي صِحَّةُ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْأَوْلَادِ حَرْبِيِّينَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْجِهَةُ: أَيْ جِهَةُ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ يَحْدُثُ لَهُ أَوْلَادٌ غَيْرُ حَرْبِيِّينَ اهـ سم عَلَى حَجّ لَكِنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ حَارَبَ لَا يَسْتَحِقُّ مُدَّةَ حِرَابَتِهِ بَلْ يَصِيرُ الْوَقْفُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى شَخْصٍ بِعَيْنِهِ ضَعُفَتْ مُشَابَهَتُهُ لِلْجِهَةِ فَانْتَفَى اسْتِحْقَاقُهُ بِعُرُوضِ الْحِرَابَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمْت) أَيْ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَوْ كَانَ وَنَصَبَ قَرِينَةً عَلَى دُخُولِهِمْ كَقَوْلِهِ رِفْقًا بِأَوْلَادِ أَوْلَادِي أَوْ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا وَهُمَا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِإِرَادَتِهِ) أَيْ بِأَنْ قُلْنَا: لَا تُشْتَرَطُ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ إرَادَتُهُ مَعَ الْحَقِيقَةِ.
(قَوْلُهُ: ارْمُوا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَقْدِيمُ ارْمُوا عَلَى قَوْلِهِ يَا بَنِيَّ إلَخْ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقَدْ تَمْنَعُ دَلَالَةُ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ لِلثَّانِي بِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وُجِدَ النَّوْعَانِ كَمَا مَرَّ، وَحِينَ نُزُولِ الْآيَةِ وَوُرُودِ الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ وَلَا إسْمَاعِيلَ فَتَعَيَّنَ صَرْفُ اللَّفْظِ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادُ أَوْلَادِي وَانْقَرَضَتْ أَوْلَادُهُ صَرَفَ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ، فَلَوْ حَدَثَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَادٌ صَرَفَ لَهُمْ، وَلَا يُشَارِكُهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِثُمَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصْرِفُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ إلَّا مَعَ فَقْدِ الْأَوْلَادِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ صَرَفَ لَهُ ثُمَّ إذَا حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ شَارَكَهُ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ ثُمَّ إنَّمَا صَرَفَ لَهُ صَوْنًا لِلْوَقْفِ عَلَى الْبُطْلَانِ لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ، وَمَا هُنَا حُكِمَ فِيهِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ لِوُجُودِ الْأَوْلَادِ، وَإِنَّمَا صَرَفَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ لِانْقِرَاضِهِمْ وَحَيْثُ وُجِدُوا فَلَا وَجْهَ لِإِعْطَاءِ وَلَدِ الْوَلَدِ مَعَهُ، بَلْ الْقِيَاسُ الرُّجُوعُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ بِمَا أَخَذَهُ قَبْلَ حُدُوثِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ انْقِرَاضَ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الِانْقِرَاضِ بِحُدُوثِ الْوَلَدِ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ بِهَذَا الْقِيَاسِ حَمْلُ الْأَوْلَادِ عَلَى الْمَوْجُودِ مُدَّةَ فَقْدِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلَادِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ بِمَا أَخَذَهُ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الصَّرْفُ لَهُ) أَيْ مِنْ حِينِهِ بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ الْوَقْفِ إلَّا حَمْلٌ كَأَنْ كَانَتْ نِسْوَتُهُ الْأَرْبَعُ مَثَلًا حَوَامِلَ حِينَئِذٍ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ الْحَمْلُ هُنَا عَلَى الْحَمْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَفِي حَمْلِ الْوَلَدِ عَلَى الْحَمْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا حَمْلٌ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْحَمْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ انْحَصَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي هُنَا فَلَيْسَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَصْرِفُ لَهُمْ مَعَهُ إلَخْ) أَيْ بِالسَّوِيَّةِ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدُ وَلَدٍ بَعْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ هَلْ يَأْخُذُ مَعَهُمْ حَمْلًا لِلَفْظِ الْأَوْلَادِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَالذُّرِّيَّةُ كَمَا تَشْمَلُ الْمَوْجُودَ تَشْمَلُ الْحَادِثَ بَعْدَ الْوَاقِفِ أَوَّلًا اقْتِصَارًا عَلَى مَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَوْ حَمَلَ الْوَقْفَ عَلَى خُصُوصِ وَلَدِ الْوَلَدِ ابْتِدَاءً لَمْ يُعْطِ الْوَلَدَ الْحَادِثَ كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي لَا يُعْطِي الْأَوْلَادَ وَإِنْ كَانُوا مَوْجُودِينَ، فَالصَّرْفُ لِلْوَلَدِ الْحَادِثِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .