للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتِبْعَادُ بَعْضِهِمْ الْأَوَّلَ مَرْدُودٌ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَوَلَدُ وَلَدٍ أَنَّهُ يَدْخُلُ لِقَرِينَةِ الْجَمْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالْأَقْرَبُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْوَلَدُ وَقَرِينَةُ الْجَمْعِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِشُمُولِ مَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ، وَلَا يَدْخُلُ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِلِعَانٍ إلَّا أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ فَيَسْتَحِقَّ حِينَئِذٍ مِنْ الرِّيعِ الْحَاصِلِ قَبْلَ اسْتِلْحَاقِهِ وَبَعْدَهُ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَا يَخُصُّهُ فِي مُدَّةِ النَّفْيِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(وَتَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ) قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ (فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) وَإِنْ بَعُدُوا فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِهِمْ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الرَّجُلُ (عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَى مِنْهُمْ) لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بَلْ إلَى آبَائِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥] وَأَمَّا خَبَرُ «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» فِي حَقِّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ.

فَجَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ الْخَصَائِصِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ امْرَأَةً دَخَلَ أَوْلَادُ بَنَاتِهَا لِأَنَّ ذِكْرَ الِانْتِسَابِ فِي حَقِّهَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلْإِخْرَاجِ، فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ إنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنِهَا فِي النَّسَبِ إذْ لَوْ لَمْ يَصِرْ كَذَلِكَ لَزِمَ إلْغَاءُ الْوَقْفِ أَصْلًا.

فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ اللُّغَوِيَّةِ لَا الشَّرْعِيَّةِ، وَيَكُونُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

دَلِيلٌ عَلَى حَمْلِ الْأَوْلَادِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ الشَّامِلَةِ لِلْوَلَدِ الْحَادِثِ وَلِوَلَدِ الْوَلَدِ الْحَادِثِ، وَتَرَدَّدَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَهُ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ هَلْ تَدْخُلُ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى مَجَازِهِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ الشَّامِلَةُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِالْوَاسِطَةِ وَبِدُونِهَا أَوْ يَخْتَصُّ بِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ لِقُرْبِهِمْ لِلْأَوْلَادِ. اهـ.

أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ لِمَا مَرَّ حَمْلُهُ عَلَيْهِمَا بِصَرْفِ الْأَوْلَادِ لِلذُّرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِبْعَادُ بَعْضِهِمْ) هُوَ حَجّ.

(قَوْلُهُ: لَا الشَّرْعِيَّةُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ النِّسْبَةَ شَرْعًا هِيَ الِانْتِسَابُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ خَاصَّةً وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَأَلْفٍ، وَحَاصِلُهَا: أَنَّ شَخْصًا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى بِنْتِهِ فُلَانَةَ وَذَكَرَ شُرُوطًا وَتَرْتِيبًا بَيْنَ الطَّبَقَاتِ إلَى أَنْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْلُفْ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ إلَى أَقْرَبِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي بِنْتِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ وَلَمْ تَخْلُفْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَخَلَفَتْ أُمَّهَا وَابْنَ ابْنِ عَمٍّ لَهَا هُوَ ابْنُ ابْنِ أَخِي الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ، فَوَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ الْحَقُّ لِلْأُمِّ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ لِلْبِنْتِ أَوْ لِابْنِ ابْنِ الْعَمِّ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْحَقَّ لِابْنِ ابْنِ الْعَمِّ وَأَنَّ الْأُمَّ لَا شَيْءَ لَهَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُشَارِكُ الِابْنَ فِي النَّسَبِ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً عَنْ نَسَبِ أَبِيهِ فَلَمْ تَشْمَلْهَا عِبَارَةُ الْوَاقِفِ لِمَا عُلِمَ مِنْ اخْتِصَاصِ النَّسَبِ شَرْعًا بِمَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، فَلَوْ صُرِفَ إلَى الْأُمِّ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَيْءٌ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ كَانَ فِيهِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ خِلَافِهِ هَذَا، وَفِي الْمِصْبَاحِ النِّسْبَةُ إلَى الْأَبِ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ إلَى أَنْ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالْأَوَّلُ يَعْنِي النَّسَبَ إلَى الْأَبِ هُوَ الْأَصْلُ فَكَانَ أَوْلَى، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي مُطْلَقِ الْوَصْلَةِ بِالْقَرَابَةِ اهـ.

وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ حَقِيقَةَ النَّسَبِ لُغَةً مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ.

وَعَلَيْهِ فَاللُّغَةُ وَالشَّرْعُ يَقْتَضِيَانِ تَخْصِيصَ الْوَقْفِ بِابْنِ ابْنِ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَيْضًا وَذُكِرَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَا أَخَوَاتٌ فَإِلَى أَقْرَبِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى إذْ ذَاكَ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي بِنْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ أَبِيهَا وَجَدَّتِهَا أُمِّ أُمِّهَا وَابْنِ عَمٍّ لِلْوَاقِفِ وَعَنْ عُتَقَاءِ الْوَاقِفِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَوَابَ عَنْهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِرِيعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ هُوَ أَبُو الْبِنْتِ الْمُتَوَفَّاةِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَا أَخَوَاتٌ فَإِلَى أَقْرَبِ مَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

اللِّعَانِ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَقَرِينَةُ الْجَمْعِ يَحْتَمِلُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي الْمَوْجُودِينَ دُخُولُ وَلَدِ الْوَلَدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: لِبَيَانِ الْوَاقِعِ) بِمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْ أَوْلَادِهَا يُنْسَبُ إلَيْهَا بِمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَلَيْسَ لَهَا فَرْعٌ لَا يُنْسَبُ إلَيْهَا بِهَذَا الْمَعْنَى وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْلَى تَقَدُّمَ ذِكْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِسَابِ اللُّغَوِيِّ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ فِيهَا) الْأَوْلَى فَالْمُرَادُ فِيهَا إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>